الأساليب التربوية في فكر الإمام الخميني (قده)
إعداد أمانة التدريب والثقافة
مرشدات جبل عامل الثانية
يا من اختار التربية طريقاً يسلكه بمن معه , أنر دربك بنور الخميني المقدس و استلهم من مدرسته التربوية بعضاً من أساليبه التي جسّدها سلوكاً ,و عرضها فكراً قيماً , و التي ارتأينا أن نقدمها إليك لتكون زادك في مسارك هذا ... و تذكر دائما قول أمير المؤمنين علي(ع) :"من نصب نفسه للناس إماماً فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره و ليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه و معلم نفسه و مؤدبها أحق بالإجلال من معلم الناس و مؤدبهم " (نهج البلاغة , الحكمة 3).
› ابدأ بنفسك أولاً :
أنت أيها المربي .. كن بالغ التأثير في الآخرين , لكن ليس من خلال الخطب و الوعظ بل من خلال سلوكك المميز , فسلوكك هذا أكثر تأثيراً بمن هم حولك , و أسرع وصولاً و إقناعاً لألباب المتربين , لذا فأبدأ بنفسك أولاً , ثم بالآخرين . و هنا يشير الإمام الخميني المقدس إلى هذا المفهوم فيقول : " إن أي إصلاح يبدأ من الإنسان , فلو لم يترب الإنسان فلن يتمكن من تربية الآخرين , لذا فإن الشيء الواجب علينا جميعاً هو أن نبدأ بأنفسنا , و لا نكتفي بإصلاح الظاهر فقط بل أن نبدأ من قلوبنا و من عقولنا , و أن نكون في كل يوم أفضل من اليوم الذي سبقه , و آمل أن تتحقق هذه المجاهدة النفسانية عندنا جميعاً و بعدها المجاهدة من أجل بناء البلد " (التربية و المجتمع /ص58).
› اهتم بالمتربي و أحببه :
فهذه المحبة هي لكسب قلوب متربيك , و بالتالي طاعتهم و بإرادتهم -لأن المحب لمن أحب مطيع - و المحبة هذه هي أسلوب مبارك ببركة صاحبه و مؤسسه , رسول الله محمد(ص) حيث يقول الإمام الخميني (قده) : " كان النبي (ص) يأسف على عدم إيمان المشركين إلى الحد الذي خاطبه تعالى بقوله : { لعلك باخع نفسك على أثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفاً } , فليس هذا سوى أنه عشق جميع عباد الله , و عشق الله عشق لتجلياته " و يتابع (قده) فيقول : " إذا استطعت بالتفكر و التلقين - فاجعل نظرتك إلى جميع الموجودات - و خصوصاً البشر , نظرة رحمة و محبة - أو ليست الموجودات كافة واقعة تحت رحمة رب العالمين من جهات عديدة " (وصايا عرفانية ص27).
› ادفع المتربي لتربية نفسه بنفسه :
فهو أسلوب إضافي و أساسي في التربية , و من خلاله يعتاد الفرد على متابعة نفسه و معالجة أخطائه بنفسه و حتى لو لم ينبهه إليها أحد , وهو ما يعرف بالتربية الذاتية .و هنا دورك أيها المربي في توجيه متربيك لحث الخطى بهذا الطريق و لتكن نصيحة الإمام الخميني التالية خطة عملية توصلها لمن هم بين يديك : " الذي شارط نفسه في أول يومه على أن لا يرتكب اليوم أي عمل يخالف فيه أوامر الله و يتخذ قراراً بذلك و يعزم عليه , و واضح أن ترك ما يخالف أوامر الله ليوم واحد يسير للغاية و يمكن للإنسان بكل سهولة أن يلتزم به , فاعزم و شارط و جرب , و أنظر كيف أن الأمر سهل يسير " (الأربعون حديثاً ص 36) , و بهذا الأسلوب تضمن ترقي المتربي في مسير التربية الطويل حتى بعد فراغه من مرحلة التربية على يديك , فتصبح تربيته لنفسه هدفاً , يرافقه حتى الممات .
› فليكن التفهيم أحد الأساليب :
اعمل أخي المربي إلى تبسيط الأفكار التي تود طرحها لتصبح من مستوى إدراك و فهم المتربي و هنا يقول الإمام الخميني (قده) : " إن الإنسان يعدّ قلبه في أول الأمر كطفل ما انفتح لسانه و هو يريد أن يعلمه كلا من الأذكار و الأوراد و الحقائق و إسرار العبادات بكمال الدقة و السعي , و يفهم القلب الحقيقة التي أدركها في أي مرتبة هو فيها , فإذا لم يكن من أهل فهم معاني القرآن و الأذكار و ليس له نصيب من أسرار العبادات فيفهّم القلب المعنى الإجمالي و هو أن الفرآن كلام إلهي و الأذكار مذكرات بالحق تعالى و العبادات و الطاعة إطاعة لأمر الرب و يفهم القلب هذه المعاني الإجمالية " ( الآداب المعنوية للصلاة - الفصل السابع ).
› اجعل التفكر بخلق الله أسلوباً للتربية :
" التفكر في هذا المقام هو أن يفكر الإنسان بعض الوقت كل يوم و ليلة ,و لو قليلاً في أن مولاه الذي خلقه في هذه الدنيا , و هيّأ له كل أسباب الدعة و الراحة , و وهبه جسماً سليماً و قوى سالمة , لكل واحدة منها منافع تحيّر ألباب الجميع , و رعاه و هيأ له كل هذه السعة و أسباب النعمة و الرحمة . و من جهة أخرى , أرسل جميع هؤلاء الملوك ؟! , هل أن وجود جميع هذه النعم هو فقط لأجل الحياة الحيوانية و إشباع الشهوات التي نشترك فيها مع جميع الحيوانات, أم أن هناك هدفاً و غاية أخرى ؟, أن الإنسان العاقل إذا فكر للحظة واحدة , عرف أن الهدف من هذه النعم هو شيء آخر و أن الغاية من هذه الخلقة عالم أسمى و أعظم " ( الأربعون حديثاً, ص32) . و هنا دورك أيها المربي في مساعدة المتربي على التفكر بخلق الله , و ذلك بأساليبك المميزة التي تناسب مستوى فهم المتربي , لان التفكر هذا يزيد من ذكاء المتفكر و قدرته على الربط و الاستنتاج , و كذا يزيد من تعلقه بالله و محبته التي ستتحصل بالتأكيد من خلال معرفته جل و علا و التي تأتي من التعرف على آثاره (أي مخلوقاته) .
› استخدم التكرار و التلقين لإيصال المفاهيم :
يقول الإمام الخميني في هذا المجال : " إن الكتب التي جاءت لبناء الإنسان كالقرآن الكريم , و الكتب التي كتبت في الأخلاق و تستهدف بناء الإنسان و بناء المجتمع ,تكرر المواضيع حسب أهميتها , و يكثر التكرار في القرآن الكريم , و يتساءل البعض لماذا هذا التكرار ؟ .. فلو أراد الإنسان أن يبني نفسه لوجب عليه أن يلقن نفسه تلك الأمور المرتبطة ببناء نفسه و يكررها . و يزداد تأثير تلك الأمور التي ينبغي أن تأثر في نفس الإنسان من خلال التلقين و التكرار .. " ( التربية و المجتمع , ص 67).
› فليكن التشجيع و التكريم من أساليبك التربوية :
فالتحفيز و التكريم يساعدك في زرع سلوك ما في نفس المتربي , لكن بسعيه و إرادته هو, مما يساعدك لتشجعه على التقدم , و كذا الآخرين. و هنا يشير الإمام و يؤكد على اعتماد هذا المبدأ بقوله : " لو كان أحد المزارعين موفقاً في زراعته , لوجب عليكم أن تنشروا صورته في الصفحة الأولى و تعرفوا الناس بما قام به , أو أن تنشروا صورة ذلك الطبيب الناجح الذي قام بعمل نافع , و تعرفوا الناس بإنجازه , فهذا يؤدي إلى تشجيع الأطباء و يحفزهم للعمل " ( التربية و المجتمع , ص68).
› و كذلك الدعاء، أسلوب تربوي :
فالدعاء الأسلوب التربوي الإمامي الذي ابتكره أئمة أهل البيت(ع), لإيصال الدعوة بطرق جديدة بالغة التأثير , يشير الإمام إلى أثره في التربية , فيقول " هذه الأدعية تنقذ الإنسان من الظلمة , و سوف يصبح - عندما يخرج من هذه الظلمة إنساناً بعمل , و لكن لله فيضرب بسيفه لله و يقاتل لله , و يقوم لله , إن هذه الأدعية و خطب نهج البلاغة و مفاتيح الجنان و سائر كتب الأدعية جميعها تعين الإنسان ليصبح إنساناً , و عندما يصبح الإنسان إنساناً فإنه يقوم بجميع تلك الأعمال , فيزرع أيضاً و لكن لله و يحارب أيضاً " ( التربية و المجتمع , ص 69) .
› عبادة الله مدرسة للتربية :
فيقول الإمام (قده) هنا : " إن جميع العبادات وسيلة , و جميع الأدعية وسيلة فكلها وسيلة لظهور لُباب الإنسان . ويصبح الإنسان الطبيعي إنساناً إلهياً بحيث كل شيء فيه يكون ألهيا وكل ما يشاهده هو الله " ( التربية و المجتمع , ص 69).
أخيراً , فليكن القدوة :
ففي حديث للسيد القائد الخامنئي يشير فيه إلى بعض من صفات الإمام الخميني (قده) القيادية و التربوية فيقول : " لقد تميز ذلك الإنسان الفذ بمجموعة من الخصال النفسية و الصفات السامية التي لم تجتمع لقرون متمادية - إلا بندرة - في إنسان واحد , إذ كان يجمع قوة الإيمان إلى العمل الصالح , و الإرادة الفولاذية إلى الهمة العالية , و الصفاء المعنوي و الروحي إلى الذكاء و الكياسة , و التقوى و الورع إلى السرعة و الحزم , و الهيبة ووقار القيادة إلى الرقة و العطف و الرأفة .. و هي - لعمري - صفات يندر اجتماعها مرة واحدة " (حديث الشمس ).
برامج
1412قراءة
2015-11-09 19:19:06