إستقلاليّة شخصيّة الأبناء
متى؟ وكيف؟
متى أسمح باستقلاليّة شخصيّة أبنائي، وأعطيهم حقّ التصرّف؟ وهل كثرة متابعة الأبناء ومراقبتهم تُذيب معالم شخصيّتهم وتطمسها؟ كيف أصل إلى مرحلة الاستقلاليّة التامّة للأبناء مع وجود رابطٍ من الاحترام والتقدير والطاعة للوالدين؟
قد تكون الإجابة عن هذه الأسئلة صعبةٌ، ولكنّها ليست مستحيلةً، ونجيب عنها بخمسة وسائل تُعين المربّين على تحقيقها:
أوّلًا
احترم قراراتهم: وهو أوّل وأهمّ سلوكٍ نمارسه معهم، فنحترم قراراتهم ولا نُلغيها، وفي حال رُفض أمرٌ من قِبَلهم وهو في صالحهم -كشرب الدواء مثلًا- فإنّنا نُناقشهم بهذا القرار ونفاوضهم، بحيث نقول لهم: "لا تشربوه الآن ولكن خلال ساعةٍ عليكم أن تشربوه". وإذا كان الطفل يلعب بسيارةٍ صوتها مزعجٌ فنقول له: "العب بها بغرفتك حتّى لا تزعجنا"، أمّا لو كان الابن كبيرًا، ففي هذه الحالة نُناقشه بقراراته ونبيّن له إيجابيّاتها وسلبيّاتها من غير أن نستخدم معه أسلوب (اسمع وأطع) فإنّ هذا الأسلوب الدكتاتوريّ يدمّر شخصيّته ولا يبنيها.
ثانيًا
أعطهم حريّة الاختيار: اترك لهم مساحة اختيار الملبس، والمأكل، والأصدقاء، والألعاب، مع المناقشة والتوجيه إذا كان الاختيار خطأً، ويعود عليهم بالضرر، مثل: كثرة أكل الفلفل أو الوجبات السريعة. أمّا إذا كان الاختيار في اختلاف الأذواق، وليس فيه ضررٌ، -كأن يختارون ملابسًا غير متناسقة الألوان- فلا بأس أن نعطيهم فرصةً للتجربة، ونشجّع تفرّدهم ونحترم أذواقهم، وبدلًا من أن نُملي عليهم أوامرنا، ونتدخّل في تفاصيل حياتهم، فإنّنا نحاورهم ونبيّن لهم وجهة نظرنا ونترك لهم حرّيّة الاختيار.
ثالثًا
شجّعهم على الإنجاز: فلو صنع أحدهم سيّارةً من ورقٍ، أو ساعد أخاه ليصعد السلّم، أو قرأ قصّةً، أو طبخ طعامًا خفيفًا... فشجّعه، واثنِ على إنجازه، حتّى يزداد عطاءً وعملًا من غير أن يُملي عليه أحدٌ، فإنّ ذلك يدعم تفرّد شخصيّته واستقلالها، فيكون لديه رأيٌ ويكون منجِزًا ومعتمِدًا على ذاته.
رابعًا
شجّعهم على التعبير: من أكثر الأخطاء التي نرتكبها عندما نذهب للطبيب، أن لا نعطي لأبنائنا فرصة التعبير عن مرضهم، ونتحدّث نحن نيابةً عنهم، وكذلك نفعل إذا ذهبنا للمدرسة.
أذكر أنّ أبًا أحضر ولده البالغ من العمر 16 سنة إلى مكتبي، وحين تكلّم الأب سألته: "من صاحب المشكلة؟" فقال: "ولدي" ، قلت: "ولماذا لا تعطيه الفرصة ليعبر عن مشكلته؟"، فنظر إليّ باستغرابٍ، ثمّ نظرتُ للولد وقلت له: "تفضّل" ، فتحدّث الولد بأسلوبٍ أفضل من أبيه، وعرض المشكلة بطريقةٍ أكثر دقّةً من والده؛ فالتشجيع على التعبير أمام الضيوف والمختصّين والأهل مهمًٌ جدًًا لبناء شخصيّةٍ مستقلّةٍ للأبناء.
خامسًا
التعامل الماليّ: إذا أردنا أن نبني شخصيّةً مستقلّةً للأبناء، فمن المهمّ أن نعطيهم حرّيّة التصرّف الماليّ؛ فإذا دخلنا إلى السوق نُعطيهم مالًا ونراقب كيفيّة تصرّفهم به، وكذلك نعطيهم حرّيّة شراء نواقصٍ ما لغرفتهم، أو حاجاتهم، ونوجّههم في حالة الإسراف.
أمّا لو كان الأبناء في سنّ المراهقة، فيمكن أن نكلّفهم بوضع خطٌةٍ لبرنامجٍ صيفيٍّ، مع تحديد الحدّ الأقصى للمصاريف والذي ينبغي ألّا يتجاوزوه.
أمانة برامج القادة
1415قراءة
2016-01-30 13:44:24