تعال كي نصاب بالتّوتّر!!
يا صديقي تعال كي نصاب بالتّوتّر!!
ما الغريب من هذه الدّعوة, صدقني ليس هناك ثمّة مبالغة في أن أدعوك قليلاً كي توتّر أعصابك! فالمرء الذي يجدّ ويعمل و يكدح, يجب أن يواجه ضغوطاً, كما يجب أن يصاب بالتّوتّر. و أنا هنا لن أقف في الصّف الذي يدعوك بغير منطقيّة إلى أن تتغلب على توتّرك, و تتخلّص من ضغوط العمل, ليقيني أنّ ذلك مستحيل, لكنّني سأقول لك: تعال كي نتعلّم كيف ندير التّوتر, و نتحكّم في الضّغوط.
فوائد الضّغوط والتّوتّر:
وأكاد أسمع سؤالاً يتردد في ذهنك الآن: وهل للتّوتّر فائدة, و هل هناك نفع من الضّغوط؟
و أجيبك ب(نعم), ودعني أوضح ذلك:
- مدير لديه مشروع ما, يجب الانتهاء منه في وقت محدّد, بكل تأكيد سيواجه توتّر, وستتراكم عليه الضّغوط. وهذه الضّغوط والتّوتّرات مهمّة جداً, فهي التي تقلقه كي ينتهي من العمل في الوقت المحدّد له.
- طالب في مرحلة دراسية, لديه امتحان ومطالب بتقييم عالي, يجب أن يكون متوتّراً كي يصبح أكثر انتباهًا لمطلبه.
- امرأة حامل لأول مرة, و تمرّ بحالات التّغيير النّفسيّة والجسديّة النّاتجة عن الحمل, بالطّبع ستصاب بنوع من التّوتّر, هذا التّوتّر هو الذي يجعلها أشدّ حرصاً وانتباهاً في المحافظة على نفسها وجنينها.
ما الذي أريد قوله من كل هذا ؟
ما أودّ الذّهاب إليه قارئي الكريم هو أنّ الأسلوب الأمثل في التّعامل مع التّوتّر و الضّغوط هو تقبّلها كأمرٍ واقعٍ ما دامت في حدودٍ معيّنة, و تساعدنا على شحذ الهمّة, والانتباه إلى ما نريد. ما دام التّوتّر لم يذهب بك إلى حالة حنق وغضب وإحباط وقلق, فهو توتّر غير مخيف.
ما هي أسباب التّوتّر؟
في دراسة أجريت على 300 من القادة وأصحاب القرار في 12 مؤسسة مختلفة قرّر د. جون هوارد أنّ هناك خصائص رئيسيّة يمكن أن تؤدي إلى التّوتّر خاصة للمديرين ومتخذي القرار منها:
1- العجز: الفيلسوف الكبير هيرودوت له كلمة جميلة يقول فيها: "إنّ أكثر أنواع الألم مرارة عند المرء هو أن يملك الكثير من المعرفة, لكنّه لا يملك شيئاً من القوة" وبالفعل يوجد صنف من البشر يملك المعرفة, ويستطيع أن يشبعك كلاماً جيّداً, بيد أنه عند العمل لا يملك القرار, فهو عاجز أمام سلطة أكبر منه, هنا ينشأ لدى هذا المرء توتّراً وضغطاً, يملأ المساحة بين علمه ومعرفته من جهة, وعجزه وقلة حيلته من جهة أخرى .
2- التّشكيك: المرء الذي يتشكك من معلوماته, يكون متّوتّراً و أسيراً لحالة من الضّغط و الشّد العصبي, النّاتج بطبيعة الحال من تخوّفه واضطرابه من أن يتخذ قراراً يؤثر سلبياً عليه, نظراً لعدم ثقته فيما بين يديه من معلومات و معطيات.
3- الإجهاد: بلا شك يعمل الإجهاد عمله في إصابة المرء منا بالتّوتّر و الضّغط العصبي.
بالإضافة إلى العوامل السّابقة والتي حدّدها جون هوارد, أرى شخصيّاً أنّ هناك عوامل أخرى تصيب المرء بالتّوتّر منها:
1- عدم التّقدير: الشّخص الذي لا يتوقّع تقديراً يوازي ما يبذله من مجهود تراه متوتّراً, سواء كان التقدير ترقية في العمل, أو كلمة شكر من شخص بعينه.
2- الكتمان: الشّخص الذي لا يبوح بمشاعره, ما يلبث أن يقع أسيراً لحالة التّوتّر والإحباط.
3- عدم التّنظيم: الأوراق الهامة, مفاتيح السّيارة, أجندة المواعيد, الهاتف, عندما نهمل ترتيب أشيائنا, ونهمل وضع كل شيء في مكانه نتوتّر, ونصبح أكثر حنقاً.
4- العادات اليوميّة: كالمظهر العام, العادات الغذائية, كلها تصيب المرء بالتّوتّر.
5- الألم الجسدي: بكل تأكيد إذا ما كان هناك ألم جسدي. خاصة المزمن - فإنه يصيب المرء بحالة من الضّغط والتّوتّر العصبي.
6- الألم النّفسي: كذلك حالتك النّفسية مهمة, والأزمات النّفسية والعاطفية ( كفقد عزيز, أو المرور بتجربة نفسية قاسية).
احترس التّوتّر الزّائد قادم ليغزوك!!
للتّوتّر علامات ومقدّمات, ما إن يبدأ في غزوك إلا وتلاحظ عليك التّالي:
- فقد الشّهية, أو الإفراط في الطّعام.
- ارتفاع صوت ضربات القلب.
- العدوانية والشّراسة.
- صداع و ألم في الرأس.
- إحباط شبه دائم.
- أرق.
- مشاكل بالرّقبة والظّهر.
دافع عن ذاتك ضدّ التّوتّر الزّائد!!
ابتداءً أنصحك أن تستبدل بعض العبارات السّيئة بأخرى إيجابية, فبدلاً أن تصرخ: ( اللعنة, ما هذا, سأجن) أن تقول دائماً: (بسم الله الرحمن الرحيم ولا حول ولا قوّة إلا بالله العلي العظيم ) فهي من مفاتيح الفرج, فعند حدوث حدث ما سيء, يجب أن نسلّم بحقيقة حدوثه ثمّ نبدأ بهدوء في محاولة تصحيحه, أمّا أن نزيد حنقنا وتوتّرنا بكلام سلبي فلن يفيدنا شيئًا.
و إليك مجموعة من المهارات العامّة التي تساعدك على التّخلص من ذلك الداء:
1- التّفويض: الشّخص الذي يطمح أن يكون قائداً فعالاً, يجب أن يتعلّم فن التّفويض الفعّال, ففوق ما ذكرناه في مكان سابق عن أهمية التّفويض, فإنّنا هنا نؤكد على أهمية تلك المهارة في قتل التّوتّر والضّغط, ومنحك مزيد من الوقت كي تتعامل مع الأمور بشكل أفضل.
2-التّنظيم: عندما يسود جوّ من النّظام والتّرتيب على حياتك, يساعدك هذا في التّخلص من الضّغوط والتّوتّرات, والتّنظيم يبدأ من تنظيمك لأهدافك, و ينتهي بمكتبك وأوراقك.
3- الجماعية: و العمل بروح الفريق, وتقسيم الأدوار على كل فرد من المجموعة, وعدم مواجهة المهام والمسؤوليات وحدك وبشكل فردي.
4- انظر إلى نصف الكوب المملوء: لاحظ الإيجابيات, توقّف أمام الأشياء الحسنة, صفّق للأشياء الجيدة التي عملتها, احذر أن تعيش و أنت ترتدي نظارة سوداء لا ترى إلا السّيئ فقط.
5-تعلم فن التّنفس: التّنفس فن, هو قادر على إعادة مساحة من الهدوء النسبي إليك, تعال أخبرك بالطّريقة الصحيحة للتّنفس:
- خذ نفسك عن طريق الأنف ببطء و عد حتى 4.
- احتفظ بنفسك و عدّ حتى 2.
- أخرج النّفس ببطء من الفم و عدّ حتى 8.
- كرّر هذا الأمر لمدة 10 مرات على الأقل.
6- مارس تمارين رياضيّة: يجب أن تقوم بنشاط بدني يزيل عنك توتّرك وضغوطك, كلّنا لدينا ميل لممارسة نوع من أنواع الرّياضة لكنّه قد يتركه بحجة عدم وجود الوقت الكافي, أنصحك أن تعطي جسدك حقه في التنشيط وممارسة رياضته المفضلة.
عن أمير المؤمنين عليه السلام: "روّحوا القلوب فان القلب إذا أكره عمى".
وعنه( عليه السلام ) : « إن هذه القلوب تمل كما تمل الأبدان فابتغوا لها طرائف الحكم ».
وأخيراً عليك تعلم:
فن إدارة الضّغوط والتّوتّر
برامج
1617قراءة
2015-11-14 18:15:01
سلمى |