12 سنة من العطاء

 

جديد المواضيع

تنمية المهارات الشخصية >> حفّز ولا تحبط...


حفّز ولا تحبط...

 


من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى مالك الأشتر:
"فأفسح في آمالهم, وواصل في حسن الثّناء عليهم, وتعديد ما أبلى ذوو البلاء منهم, فإنّ كثرة الذّكر لحسن أفعالهم تهز الشّجاع, وتحرّض النّاكل إن شاء الله تعالى. ثمّ اعرف لكل امرئ منهم ما أبلى, ولا تضيفن بلاء امرئ إلى غيره ولا تقصّرنّ به دون غاية بلائه, ولا يدعونك شرف امرئ إلى أن تعظم من بلائه ما كان صغيراً, ولا ضعة امرئ إلى أن تصغّر من بلائه ما كان عظيماً".

كيف تحفّز مرؤوسيك، وتشعل فيهم جذوة التحفيز؟

بيد أنني وقبل أن أجيب على هذا السّؤال أحبّ التّعرض لأمرين هامين وهما:
1- لا تبدأ خطوات التّحفيز قبل أن تتأكّد أولاً من أنّ مرؤوسيك لديهم الرّغبة والميل لتقديم أفضل ما لديهم, الحرث في الماء لا يفيد, قيّم موظفيك أولاً, حتّى يكون تحفيزك في محله, و موجّه للشّخص الذي يستحق.
2- أن يكونوا بالفعل داخل نطاق الخدمة, أي يكونوا يعملون وقد وصلوا إلى معدّل معيّن, يحتاج هذا المعدل إلى زيادة أو تنمية.
نأتي الآن إلى النّقطة الهامة, والسّؤال الملح, كيف أستطيع تحفيز المرؤوسين لدي؟
وإليك الإجابة:
1- الإطراء: يقول الكاتب النّفسي جون ديوي: "أعمق دوافع الإنسان إلى العمل هو الرّغبة في أن يكون شيئاً مذكوراً", إنّ حاجة الإنسان للمديح والإطراء حاجة بشريّة عميقة وقديمة, والذي يغفل عن هذه القيمة يغض الطّرف عن أحد أبرع الطّرق لتحفيز الموظفين لديه, لذلك أنصحك عزيزي القارئ ألا تهمل مناسبة تستطيع من خلالها أن تمدح موظف لديك إلا وتفعل, واحرص أن يكون هذا المديح على ملأ من زملائه, أن يكون بعد الانتهاء من الشّيء الذي يستحقّ الشّكر مباشرة, ولا تتأخّر فيه, ولا تعمّم في الشّكر, أي لا تقول: شكراً على ما فعلته, بل قل : شكرا على تفانيك في إنهاء العمل الفلاني, وتحملك من أجل إنهائه.
ملاحظة هامة: التّفويض هام وضروري إلا في حالة الشّكر, و قم أنت - لا غيرك - بهذه المهمة.
2- المكافأة: إنّ الشّيء المادي الملموس له سحر إضافي, فهو ترجمة للشّعور, لذلك من الرّائع أن تجزل العطاء للمتميّز, وليس الأمر مادي بحت, فمن الرّائع أن يكون لديك لائحة شرف, يُكتب فيها كلّ شهر الموظف المثالي, وأيضاً يمكنك عمل درع أو شهادة تقدير, تقدّمها للموظف المتميز على مشهد من زملائه أو في حفل صغير.
3- الارتقاء في السّلم الوظيفي: ضع دائماً لموظفيك نوراً عالياً, و طالبهم بحث الخطو إليه, وليكن هذا النّور هو ترقية في السّلم الوظيفي. معظم الموظفين يعملون بشكل أفضل وأكثر حماسة اذا ما كان الأمر يتعلق بترقية, فهذا يمثل لهم تقديراً من نوع خاص, ففيه تقدير نفسي, حيث المرتبة الأعلى توفر له نظرة أكثر احتراماً من الجميع, بالإضافة إلى تقدير مادي حيث أنّ مرتّبه سيزيد كذلك .
4- إقامة دورات بشكل دوري: وأقصد بها دورات في التّنمية الذّاتية, ودورات لرفع الكفاءة في العمل, وإنّ شعور الموظف أنّ رؤساءه حريصون على أن ينموا من إمكاناته, يحفزه و يجعله أكثر استعداداً للعطاء.
أضف الى ذلك طبعاً الفائدة المباشرة التي ستعود من موظف قد تلقى تدريباً متميزاً, فذلك يصبّ مباشرة في صالح العمل.
5- أعطهم مساحة من الحرية: لا تمسك كل المفاتيح بيديك, واحذر أن تجعل موظفك يشعر بأنّه خيال مآتة (بلا فائدة), بل على العكس من ذلك اعط لكل واحداً منهم مسؤوليات,ضع ثقتك فيهم, و أخبرهم أنك تثق بأدائهم وقراراتهم, أخبرهم بما يجب عليهم فعله, اترك لهم كيف يفعلونه.
6- أشركهم معك في صياغة أهداف الشّركة: إنّ المرء الذي يعمل وفق هدف قد تم تحديده أمامه, بل وشارك فيه سواء برأي أو مشورة, أو حتى ايماءة رأس, يكون أكثر تفاعلاً وحماساً وتحفيزاً للعمل, من الشّخص الذي لا يعرف له أهداف, أو تصله الأوامر بشكل روتيني. من الممكن أن تكون الأهداف التي يشارك فيها مرؤوسيك أهدافاً رئيسية, و من الممكن أن تكون أهدافاً خاصة بالأقسام التي يعملون بها, المهم أن يشتركوا في صياغة الهدف, فهذا رائع في تحفيزهم, و بثّ الحماسة في نفوسهم.
7- اجتماعات الإنجاز: وأقصد به الاجتماع الذي يضمّك مع مرؤوسيك لتتلو عليهم ما تم إنجازه وتحقيقه, الهدف الذي تمّ تحقيقه يجب الوقوف أمامه لبرهة من الوقت, وينظر اليه بسعادة وفخر قبل التّحول إلى هدف آخر, إنّ متعة الإنجاز لا تضاهيها متعة, ونشوة الفوز تحفّزك لإحراز فوز آخر.
8- أشركهم في صنع بعض القرارات: هناك بعض القرارات التي يمكنهم صنعها, خاصّة تلك التي تتعلق بتطوير العمل, وخدمة العملاء أو شكواهم, وغيرها من الأمور التي تجد أن رأيهم فيها مهم, هذا الأمر سيجعلهم أكثر قوة في تحمل المسؤوليات و الشّعور بالثّقة والتّحفيز.
9- التّفويض الفعّال: التّفويض مهارة, كيف تفوّض الشّخص المناسب لإنجاز عمل ما أمر بالغ الأهمية, فهو من ناحية يخفف حملاً من على كاهلك, و يعطي مساحة أكبر للشّخص المفوّض لتحمّل المسؤولية وإعداده بشكل كبير لتحمل أعباء العمل, كما أنّه يحفّز الشّخص المفوض ويشعره بأهميته. لكن هناك عدّة أمور مهمة في التّفويض, و يأتي على رأسها أنّ التّفويض لا ينفي المسؤولية وأنّ فشل الشّخص المفوض في إنهاء مهمته على أكمل وجه سيكون مرده إليك, فانتبه أن تفوّض شخص عالي الكفاءة وتثق في أداءه, كذلك اشرح لهم ما يجب عمله عبر اجتماعات عدة, و حدّد لهم كذلك جداول زمنية لإنهاء هذا الأمر, و تابع خطوات العمل عن كثب.
10- حقّق أحلامهم العملية: فإذا كان لأحدهم هدفاً دراسيّاً فساعده على تحقيقه, فمثلاً إذا كان أحد موظفيك يطمح في أداء دراسات عليا, أو الحصول على دورة دراسية ما, فساعده على نيل هذه الشّهادة أو الدّورة, فهذا بجانب أنّه سيحفّزه ويشعره أنّك تفكّر معه في مستقبله يجعله متميّزاً أكثر في عمله و أدائه.
11- اخبرهم بمنحنيات الطّريق: قد يستجد أمر ما للشّركة, أو قد تواجه منحنى قد يؤدي لاختلاف في الخطة أو تعديل, يجب هنا أن يكون الموظف على دراية بالجديد حتى يكون أكثر اطمئناناً لما يجري حوله.
12- وقتهم أيضاً مهم: ثقافتنا الإدارية تقول: أنّ وقت المدير هو المهم, وأنّ من دونه أوقات الموظفين ليست بالأهمية الكافية, يجب أن يحترم القائد أو المدير وقت مرؤوسيه, فلا يرسل لأحدهم قائلاً: اترك ما في يدك وتعال حالاً, بل ليسأله أولاً: هل في يدك شيء هام, أو تعال بعد إنهاء ما في يدك, فهذا يشعرهم بأهمية ما يقومون به.
13- لا تنس اللمسات الإنسانيّة: لا تتعامل مع موظفيك على أنهم ماكينات أو آلات صماء, بل تعامل معهم على أنهم بشر لهم أحاسيس و مشاعر .. مثلك تماماً.
تعرّف على أحوالهم الأسرية, اهتماماتهم, والمشاكل التي تؤرقهم, وحاول أن تقدّم لهم حلول إذا كان باستطاعتك. كذلك الهدايا والاحتفال في مناسباتهم الشّخصية, يزيد من تحفيز الموظف وزيادة انتمائه للمؤسسة.
14- اصنع التّحديات: وضعها أمامهم, فالتّحدي يحفّز النّفس وينشطها, ربما كان هذا التّحدي تحقيق نسبة مبيعات معينة أو تخطي عقبة ما, أو تحقيق معدل أداء معيّن ... كل هذه الأشياء من شأنها تحفيز موظفيك وشحذ همّتهم.
15- انتبه لتصرفاتك: أحببت أن أختم بأحد أهم النّقاط, و هي سلوكك الشّخصي, فهذه النّقطة قد تقوم وحدها بتحفيز المرؤوسين إذا تلاشت النّقاط الأخرى, وأقصد بسلوكك الشّخصي هو تصرفاتك تجاه مرؤوسيك, ومن هم تحت إمرتك, وكيف تتكلم و تستمع وكيف تنقد وتتقبل وجهة نظر معارضة, وكيف تصدر القوانين, وكيف تقيم النّتائج, كيف تتعامل مع موظفيك من قريب و بعيد. كل هذه الأشياء تحدّد وبشكل كبير درجة التّحفيز لدى موظفيك.

و هناك ملامح هامة في سلوكك الشّخصي أحبّ أن أؤكّد عليها وهي:
- اصطحب ابتسامتك الدّافئة - لا البلاستكية - معك دائماً.
- أنصت واستمع, و تفهّم وجهة نظر موظفيك.
-احفظ أسماء موظفيك ونادهم بها, فمن أحبّ الأشياء لدى المرء أن ينادى باسمه الخاص من رئيسه.
- كن شجاعاً, و تحمّل مسؤولية الخطأ, ولا تبحث عن شمّاعة تعلّق عليها أخطاءك.
- لا تظلم أحداً ولا ترفع شخص على حساب آخر.
- كن حازماً بغير قسوة, و ليّناً بغير ضعف.

أما لماذا يجب عليك أن تحفّز مرؤوسيك؟

من أهم الأسباب التي تجعل التّحفيز أمراً مهماً:
1. الانتماء:
إنّ الموظف الذي يشعر بالانتماء لمؤسستك, ويعدها جزء منه, هو جدير بالاهتمام, ويجب الالتفات أن هذا الانتماء يتحقق من خلال التّحفيز المادي والمعنوي.
2. الالتزام بالمواعيد:
إنّ الموظّف الذي تمّ تحفيزه بشكل جيد, قلّما يتغيّب, أو يتأخر عن عمله, فهو يعتبره جزء من إثباته لذاته.
3. أداء عالي الجودة:
على الصّعيدين العملي والاجتماعي, وهو من نتائج التّحفيز.
4. تصدير المسؤولية:
وهي جعل كل موظف يشعر بالمسؤولية تجاه العمل, وبأنه جزء هام من تحقيق أهداف المؤسسة.
5. حالة عامّة حيويّة:
إذا كان الموظف يشعر بالتّقدير, فإنّه يكون أكثر تحفيزاً, وحالته العامة حيوية ومنتعشة.
وعن أمير المؤمنين عليه السلام: "ولا يكون المحسن والمسيء عندك بمنزلة سواء، فإن في ذلك تزهيداً لأهل الإحسان في الإحسان، وتدريباً لأهل الإساءة على الإساءة".

كيف تحبط مرؤوسيك؟!
الإحباط عكس التّحفيز, ولكلّ قائد أو طامح في القيادة أهدي مجموعة نقاط غاية في الخطورة, وعلى مسؤوليتك الخاصة ممارستها وأؤكد لك أنّها ستوفر لك مجموعة مرؤوسين لا يسكن في رصيدهم شيء من الحماسة أو الرّغبة :
1- أشعرهم بعدم الاستقرار:
فتغيير سياستك دائماً, والاضطرابات التي تواجهها المؤسسة أو الهيئة التي ترأسها, تجعل مرؤسيك في حالة من عدم الإستقرار الذّهني و النّفسي وتقتل لديهم أي حافز أو حماسة.
2- الوعود الوهميّة:
فإذا كنت كثير الوعود, قليل الوفاء بما وعدت, فأنت تنزع من مرؤوسيك ثقتهم بك, و تقتل فيهم مشاعر التّحفيز.
3- الغبن و عدم التّقدير:
سواء من النّاحية المادية أو النّفسية, فالمرتّبات الضئيلة, والمكافآت الغائبة, وعدم تقدير المرؤوس يدفعه إلى محاولة الهرب منك بدلاً من الإخلاص لك.
4- عدم الإحترام:
5- التّعامل مع المرؤوس بأسلوب سيء من شأنه أن يصيبهم بالحنق و الغضب الدّاخلي, والذي ما يلبث أن يطرد مشاعر الحماسة والتّحفيز من نفسه.
6- الدّيكتاتورية:
فالمرؤوس الذي يعلم أن مديره معتدّ برأيه, و من الصّعب الاستجابة إلى رأي يخالفه مهما بدت صحته, يئد التّحفيز بداخله ويوفّر على نفسه كلاماً قد لا يفيده شيء.
7- الرّوتين:
نحن هكذا جيدين, عندما يرفع الرّئيس هذا الشّعار, ويعلن أنّ الأمور يجب أن تسير على القضبان التي وضعت منذ البّداية, وأنّ التّجديد غير محبب, فإنّ المرؤوس لا يقدم على الإبداع, ويصاب بالإحباط.
8- الأوامر المتضاربة:
أحد أهم العوامل التي تنزع التّحفيز من صدور مرؤوسيك هي شعورهم بعدم الانضباط في إصدار الأوامر, أو وجود تعارض في أهداف المؤسسة التي يعمل فيها.
9- عدم العدل:
إذا شعر المرؤوس بأنّ رئيسه يتعامل بهوى النّفس, ولا يتعامل مع الجميع على أنّهم سواسية, لهم نفس الحقوق, و عليهم نفس الجزاء, فإنّ الشّائعات تكثر, و الكلام يزيد, والعمل و التّحفيز يقل.
10- طبيعة شخصيتك:
سلوكك تجاه موظيفك له بالغ الأثر في تحمسهم أو إحباطهم, هل أنت من النّوع الهاش الباش المبتسم, أم أنّك من النّوع الذي يعلو صوته في كل كبيرة وصغيرة, هل تتمتّع برحابة صدر, و تتقبّل الاعتذار أم أن فرماناتك وجزاءاتك تجاه المخطئ جاهزة, سيفك أم قلبك هما الأعلى والأوضح أمام موظفيك, كل هذا له بالغ الأثر في تحفيز أو إحباط مرؤوسيك.
وهناك عوامل أكثر من ذلك قد تكون مسببات للإحباط لدى موظيفك, و المرء قد يتفنن في الإحباط كما يتفنن في التّحفيز.
فانتبه عزيزي القارئ أن تكون لديك واحدة أو أكثر من هذه الصّفات.

 

برامج
1477قراءة
2015-11-14 18:20:50

تعليقات الزوار


zahra2 7arb