12 سنة من العطاء

 

جديد المواضيع

المقالات التربوية >> الرحمة

الرحمة

 


الرّحمة صورة من كمال الفطرة وجمال الخلُق، تحمل صاحبها على البرّ، وتهبّ عليه في الأزمات نسيماً عليلاً تترطّب معه الحياة، وتأنس له الأفئدة. الرّحمة كمال في الطّبيعة البشريّة، تجعل المرء يرقُّ لآلام الخلق، فيسعى لإزالتها، كما يسعى في مواساتهم، كما يأسَ لأخطائهم، فيتمنّى هدايتهم، ويتلمّس أعذارهم. والله تعالى سبحانه متصفٌ بالرحمة صفةً لا تشبه صفات المخلوقين، فهو أرحم الراحمين {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُـلَّ شَىْء رَّحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُواْ وَٱتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ}.
وخير البشر رحمةً هو رسولنا الكريم(صلى الله عليه وآله) ، فهو نبي الرحمة للعالم أجمعين، {وَمَا أَرْسَلْنَـاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لّلْعَـالَمِينَ} ، بعثه الله (عز وجلّ) فسكب في قلبه من العلم والحلم وفي خُلُقه من الإيناس والبرّ، وفي طبعه من السّهولة والرفق، وفي يده من السخاوة والندى ما جعله أزكى عباد الرحمن رحمة، وأوسعهم عاطفة، وأرحبهم صدراً، {فَبِمَا رَحْمَةٍ مّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ ٱلْقَلْبِ لاَنْفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ}، {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بالْمُؤْمِنِينَ رَؤوفٌ رَّحِيمٌ}.
فالرّحمة ليست مجرد عاطفة عارضة أو شفقة وقتية مرتبطة بموقف معين وإنما هي بطبيعتها ينبغي أن تكون خلقاً ثابتاً ومتأصلاً في النّفس الانسانيّة وشاملاً لكلّ قيم السّلوك الفاضل في التّعامل مع الأفراد ومع كلّ الكائنات الأخرى في هذا الوجود ومن هنا كانت الرحمة هي الهدف الأسمى والصفة الأخلاقيّة الأبرز التي يجب أن يتحلّى بها القائد الكشفي لما لها من قيمة عظيمة في النّفوس وقد أكدتها الرّوايات والأحاديث المختلفة.
فعن رسول الرحمة (صلى الله عليه وآله) : "الرّاحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء".
من هنا، فإنّه يتوجّب على القائد أن يكون رؤوفاً حنوناً عطوفاً، فالرّحمة والرّأفة يجعلان منه في الوقت عينه قائداً مطاعاً، وأهلاً للثّقة ومحلاً للاطمئنان. فإن "المحبّ لمن أَحبَّ مطيع"، أمّا إذا كان قاسيا" فسينفضّ الأفراد والقادة من حوله وسيكون سبباً وجيهاً لنفورهم من الكشّاف وكرههم له. وكم من فوج غادره أفراده بسبب قائد متسلّطٍ قاسي القلب، يظنّ أنّ القسوة هي الطّريقة المثلى لضبط الفوج، لكنّه مخطئ، فالقسوة هي الطّريقة المثلى لجعل أفراد الفوج من قادة وأفراد وإن بقوا في فوجهم يتابعون بلا شغف! ونعلم جيّداً أنّ الحياة الكشفيّة نبضها وروحها الشّغف..

 

أمانة برامج الإختصاصات
1087قراءة
2016-01-02 13:30:04

تعليقات الزوار


إعلانات

 

 

12 سنة من العطاء

إستبيان

تواصل معنا