التربية بالإقناع
في الواقع لو قمنا بتسجيل حوارنا مع أبنائنا طوال اليوم لوجدنا أنّ أغلبيّته أوامرٌ صادرةٌ منّا إليهم لأداء واجباتهم اليوميّة، ولن يزيد هذا الحوار عن هذه العبارات: أسرع في ارتداء ملابسك، قميصك متّسخٌّ اذهب وارتدِ غيره، انهِ طعامك، اجلس بطريقةٍ صحيحةٍ، اذهب ومشّط شعرك، رتّب ألعابك، ابدأ في واجباتك المدرسيّة، اترك أختك، اذهب إلى النوم...
فإنّنا سنجد أنّ جميع حواراتنا مع أطفالنا كلّها أوامرٌ صادرةٌ دون وجود أيّ حوارٍ إقناعيٍّ واحدٍ، والحقيقة أنّ الطفل لا يتعلّم ولا يستجيب إلّا بالإقناع، ولكنّنا نستخدم الأسلوب الذي نظنّ أنّه الأسهل والأسرع، ولكنّه وإن كان سهلًا في البداية، إلّا أنّه يورث مشاكل معقّدةً في النهاية.
فإنّ الطفل الذي لا يستجيب إلّا بالأوامر لن يستطيع أن يكون مبادرًا بذاته، بل سوف ينمو في نفسه نوعٌ من الخبث، ومحاولات التهرّب ما دام بعيدًا عن الرقابة المباشرة، أمّا الطفل الذي يتربّى بالإقناع سيكون لديه مبادرةٌ ذاتيّةٌ لترك الأخطاء، وستكون نفسه نبيلةً تُظهِر مثلما تبطن، وتغيّر نفسها ومَن حولها حتّى وإن لم يكن هناك دافعٌ خارجيٌّ من الآباء أو غيرهم.
وأخيرًا، إنّنا عندما نُلفت إلى أهمّيّة هذا الأسلوب، لا نعني أن لا يحرّك الآباء ساكنًا عندما يعنّد الأطفال ويرفضوا الاستجابة لأوامرهم فيرفضوا عقابهم، وذلك تحت مبدأ "الإقناع خير وسيلةٍ للعلاج"، فنحن بالتأكيد لا نقصد ذلك بل أن يكون الإقناع هو الأصل في التربية، ولكن إذا رفض الطفل الاستجابة بعد عدّة مرّاتٍ من الإقناع مع عدم وجود أسبابٍ تمنعه من ذلك ففي هذه الحالة لا بدّ من العقاب التربويّ الملائم والمناسب.
أمانة برامج القادة
1498قراءة
2016-01-19 16:05:33