هل أشتري لولدي تابلت؟
سألني أحد الأصدقاء: «ابنتي وابني عمرهما ثماني وعشر سنواتٍ، هل أشتري لهما تابلت؟ فأنا لا علم لي بالتكنولوجيا ومدى إفادتها أو ضررها، لكنّني أخاف على عينَيْهما من التحديق طويلًا في الشاشة، وأخاف أن يشاهدا ما لا يليق ولا يصلح لعمرهما، وفي نفس الوقت أريدهما أن يتعلّما المهارات التي تعينهما في مستقبلهما».
انتابتني الدهشة، ووقفت متلعثمًا، ولم أدرِ ما أقول له، فأنا اشتريت 4 تابلتات وحمدت الله أنّها كُسرت، وتنتابني نفس الهواجس والمخاوف التي تنتاب صاحبي، وأخضع لضغطٍ يوميٍّ لإصلاحها، ما دفعني إلى كتابة هذه الأسطر على سبيل المراجعة.
لا شكّ أنّ الأطفال بحاجةٍ إلى تعلّم المهارات اللازمة للنجاح في الحياة، ومنها استعمال التكنولوجيا الحديثة، وبالأخصّ عالم الكمبيوتر وتوابعه وملحقاته.
لكن، ستتحقّق مجموعةٌ من الحاجات النفسيّة الضروريّة ولكن بشكلٍ وهميّ:
1- سيشعر الطفل بالقبول من الآخرين عبر كمٍّ هائلٍ من اللايكات والتعليقات والإشادات الفارغة.
2- سيشعر بالثقة بالنفس وسيتضخّم الأنا لديه، ويصبح كائنًا مشوّهًا نفسيًّا.
3- سيلبّي احتياجه في إيجاد من يستمع إليه، لأنّه سيعبّر بحريّةٍ وسينفّس كلّ ما في وجدانه، وسيتحدّث ويتحدّث وسيرى أنّ هناك من يستمع إليه، ولكن ما فائدة هذا الاستماع إذا لم يترافق مع نصائحَ أبويّةٍ ولمساتٍ أموميّةٍ حانيةٍ.
لكن، ماذا لو ترافق كلّ ذلك مع تحريضٍ على والديه وغيرهما من الأقربين؟
وعندما يشاهد هذا الكمّ من التنوّع الثقافيّ، أيّ انتماءٍ سيكون لديه؟ وما هي عقيدته؟ سيكون أشبه بسلّة القمامة التي تحتوي كلّ قاذورات الناس التي رموها فيها.
عضلاته، عاموده الفقريّ، ماذا سيحلّ بها وكيف ستنمو؟
هل تساهم هذه التكنولوجيا في تحقيق السلامة النفسيّة، والعاطفيّة للأطفال؟
أين ستصبح العلاقة مع الأهل بعد أن يصبح التابلت في يد الطفل، ويسرح ويمرح في عالمٍ مليءٍ بالألوان والتشويق والاتصال مع الكرة الأرضيّة برمّتها؟
كيف سيميّز بين المناسب وغير المناسب له؟
بماذا تنصحونَني؟ هل أصلح التابلتات لأولادي؟