دور المدرب في ظل التعليم الالكتروني(1)
أخذ الاهتمام بالتعليم الالكتروني يتزايد في الآونة الأخيرة، فأخذت الجامعات العالمية تتجة بكثافة نحو التعليم الالكتروني والتعليم عن بعد إدراكاً منها للمميزات الجمّة التي يُحققها ذلك الأسلوب في التعليم سواء على المستوى الاقتصادي من خلال الأرباح التي يدرها على الجامعات، أوعلى المستوى الاكاديمي بتوفير فرص التعليم لأشخاص قد يكون من الصعب إلتحاقهم بنظام التعليم بصورته التقليدية لاعتبارات عديدة، هذا الى جانب إسهام التعليم الإلكتروني في حل الكثير من المشكلات التي تواجهها مؤسسات التعليم التي لم تعد فصولها تستوعب الأعداد الكبيرة من خريجي التعليم العام.
وفي ظل ذلك الاهتمام أصبح لابُدَ من متابعة القضايا المتعلّقة بالتعليم الالكتروني،ومحاولة التعرف على أبعاد الموضوع، وتحديد الأدوار بصوره أكثر وضوحاً،والوقوف على العوائق في محاولة لإيجاد حلول لها.
ولاشك أن أي فكرة جديدة تواجه بالقبول من البعض والرفض من البعض الآخر، وينطبق ذلك على التعليم الإلكتروني الذي لاقى إقبالاً وتأييداً من بعض المدربين، إلا أنه قوبل بالرفض من البعض الآخر لاعتبارات مختلفة.
ولأن المدرب يُمثل عنصراً رئيساً في العملية التعليمية، حيث يُشكل مع المتدرب والمقررات الدراسية أضلاع مثلث تلك العملية، فسنتناول في هذه المقالة بعض الجوانب المتصلة بدور المدرب في ظل التعليم الالكتروني، للتعرف على التحديات التي تواجهه، والأساليب المقترحة للتغلب عليها، وكذلك التعريف بالتحول الذي سيشهده دور المدرب مع استخدام تقنيات التعليم الالكتروني، فضلاً عن استعراض أبرز السمات التي تميز المدرب الجيد.
التحديات التي يواجهها المدرب:
يواجه المدرس بعض التحديات التي قد تعوق أو تؤخر أو تحول دون إقبال المدرب التقليدي على التعليم الالكتروني في بعض الأحيان. ومن تلك التحديات
نذكر الآتي:
1. القلق بشأن عدم توافر المهارات الفنية الكبيرة أوالوقت لتعلم نُظم وعمليات ومهارات جديدة.
2. الجهد الاضافي المطلوب من المدرب للمتابعة المستمرة لأداء المتدربين،والاتصال المباشر معهم، وإصدار التقارير الدورية، ومتابعة البريد الالكتروني، وتقديم المعلومات الفورية لعدد كبير ومتنوع من المتدربين،فكل ذلك وغيره يمثل عبء إضافي فوق عبء العمل الموكل الى المدرب، وقد لا يتوافر لديه الوقت الكافي للقيام به.
3. عدم اقتناع بعض المدربين التقليديين بأهمية التعليم الإلكتروني وايجابياته، مما يجعله يعزف عنه.
4. عدم تقبل البعض لفكرة تقليص سلطة المدرب وسيطرته على مجريات العملية التعليمية،وبروز دور المتعلم بشكل كبير في العملية، فضلاً عن مشاركة المدرب في فريق عمل لتجهيز البيئة التعليمية.
الفرق بين دور المدرب التقليدي والمدرب الالكتروني:
أن المدرب التقليدي يقف كشخص حكيم على منصة يؤدي دوره كمحاضر(يلقي محاضرات للمتدربين) يقدم اجابات على استفسارات المتدربين يقدم المحتوى العلمي.
يعمل بجهد فردي في معزل عن الآخرين وله كامل السيطرة على بيئة التعليم.
أما المدرب الإلكتروني يقف على الجانب كمرشد يؤدي دور مستشار أو مقدم للمصادر ويقوم بدور خبير يسأل المتدربين حيث يصمم الخبرات والتجارب العلمية ويشكل عضو في فريق عمل وبعدها يتقاسم السيطرة على العملية التعليمية مع المتعلم.
ومن هنا يتضح أن المدرب أصبح يعمل على تسهيل أو تيسير تلقي العملية التعليمية (facilitator)، ومرشد بدلاً من شخص يتم الاعتماد عليه كلياً، فالمدخلات التي يقدمها المدرب هنا أقل بكثير منها في التعليم التقليدي، كما أن هناك عناصر أخرى تشاركه في تقديم العملية التعليمية تتمثل في فريق العمل، والذي غالباً يتكون من ثلاث فئات رئيسة هي:
أولاً: خبراء المحتوى
هم الأشخاص المسؤولون عن محتوى المادة العلمية التي يتم تقديمها للمتدرب، ويقع المدرب ضمن هذه الفئة التي تشمل أيضاً المؤلفين، والمتخصصين، ويتولى هؤلاء مهمة وضع المادة العلمية المناسبة للمقرر، والتأكد من دقة المعلومات وحداثتها، وتحديد المراجع التي يرجع اليها المتدربين.
ثانياً: خبراء تكنولوجيا التعليم
يطلق على خبير تكنولوجيا التعليم اسم "المصمم التعليمي Instructional Designer" ، أو "المطور التربوي Education Developer " ،أو"أخصائي الوسائل التعليمية Media Specialist " ويقع على عاتقه تحديد أكثر الوسائل التعليمية ملاءمة لتحقيق الأهداف التربوية، وهو يراعي الأُسس النفسية والادراكية ومبادئ التعلم والتعليم عند إجراء التصميم، وتزويدالمتعلم بالخبرات التعليمية التي يحتاج إليها وإتاحة المجال لتفاعله مع العملية التعليمية ، فضلاً عن مراعاة التوازن بين التعليم بالعرض وتقديم المعلومات الجاهزة، وإخبار المتدربين بكل ما يحتاجون إليه، وبين التعلم بالبحث عن المعلومات.
ويقوم خبير تكنولوجيا التعليم أو المصمم التعليمي بتقسيم المادة العلمية أو المحتوى العلمي الى موضوعات أو وحدات صغيرة، وتحديد الأسلوب اللغوي المناسب لتقديم المادة العلمية وعرضها (أسلوب التحاور مع المتدرب عند عرض المعلومات وتقديمها)، وتقديم الأنشطة التي تؤدي الى التفاعل الايجابي للمتدرب مع النظام التعليمي، وتحديد وصياغة الانشطة التي تمكن المتدرب من التقويم الذاتي لتعلمه.
ويتعاون خبير المحتوى مع خبير تكنولوجيا التعليم في أداء المهام المتعلقة بتقسيم المحتوى وتحديد الأنشطة، وتحديد الأسلوب الملائم للعرض.
ثالثاً: خبراء الانتاج
هم المسؤولون عن إنتاج المواد التعليمية، والمنفذون للتصميمات والمواصفات التي يعتمدها الخبراء تكنولوجيا التعليم.
أساليب التغلب على التحديات التي تواجة المدرس:
هناك بعض الأمور التي يمكن القيام بها للتغلب على معظم التحديات التي تواجه المدرب، والتي أشرنا إليها سابقاً، وبعض تلك الأساليب ينبغي أن يقوم بها المدرب نفسه، في حين أن البعض الآخر تتولى القيام به المؤسسة التعليمية، ومن ذلك نذكر الآتي:
1. بذل الجهود لاقناع المدربين بدعم التعليم الالكتروني لهم ولتدريسهم، وتغيير معتقداتهم وطريقة تفكيرهم تجاه التعليم الالكتروني، وإيجاد الدافع الذي يحفزهم على استخدام تلك النُظم، ويمكن عقد ورش عمل وحلقات نقاش ومحاضرات لهذا الغرض.
2. تنظيم المدرب لوقته، وتقييد الوقت الذي يتفاعل فيه بشكل مباشر مع المتدربين، على أن يُعّرف المتدربين بذلك الوقت، ويتيح المجال لهم للتواصل معه عبر البريد الالكتروني عند الحاجة، فبدلاً من أن يدخل المدرب الى النظام أكثر من مرة في اليوم الواحد، فإنه من الممكن أن يقيّد ذلك بحيث لا يتجاوز 3-4 مرات في الاسبوع فقط، الأمر الذي يوفر الكثير من الوقت والجهد على المدرب، ويتيح المجال لعمل المتدرب باستقلالية أكبر.
3. اكتساب الخبرات والمهارات المتعلقة بالتعليم الالكتروني من خلال المشاركة في فريق خاص بمدرب خبير، وتصفح جماعات النقاش الخاصة به، أي من خلال زيارة مواقع مدربين آخرين.
4. دراسة بعض المقررات بطريقة التعليم الالكتروني، حيث يساعد ذلك في التعرف على الطرق المختلفة للتعليم، وتمييز الأسلوب الجيد من السيء من خلال الممارسة، وبالتالي يكسبه المهارات التي يحتاج إليها.
5. تنظيم ورش عمل لتمكين المدرسين من تطوير مهاراتهم في التعليم المباشر، وإكسابهم المهارات قبل الشروع في استخدام النظام.
6. المشاركة في التعليم مع مدربين آخرين ، بحيث يتم تقسيم العمل بينهم ،ويؤدي كل منهم مسؤوليات معينة، الأمر الذي يضيف للعملية التعليمية ويحقق مميزات عديدة، من بينها: إضافة خبرات ومهارات متعددة للبرنامج، وإنقاص عبء العمل، والتركيز بشكل أكبر وعمق أكثر على المتدربين، وسد النقص الذي قد يحدث في حالة غياب أحد المدربين.
وضع قائمة بالأسئلة المتكررة Faq ، بحيث يستطيع المتدرب الحصول على قدر كبير من المعلومات دون الحاجة إلى التواصل مع المدرب وتوجيه استفسارات إليه، مما يتيح المجال لتوفير الوقت والجهد على المدرب.
تدريب
1578قراءة
2015-12-10 19:22:15