مِن كرامات العقيلة زينب (عليها السلام)
ونحن على أعتاب ولادة السيدة الصّابرة عقيلة بني هاشم زينب (عليها السلام)، ويوم الدليلة في كشافة الإمام المهدي (عج)، نتوجّه لجميع الكشفيِّين وخاصّة الأخوات الدّليلات بأسمى آيات التّهنئة والتّبريك بهذه المناسبة الطيّبة.
وفي عيد مولدها نضع بين أيديكم بعضٌ من كراماتها (عليها السلام)، آملين الاستفادة منها في هذه المناسبة (وخاصة في حلقات الدليلات).
1. طاعة الأسد لزينب (عليها السلام).
"لمّا قُتل الحسين (عليه السلام) روحي له الفداء، أمر عمر بن سعد أن تطأ الخيل عليه غدًا، فسمعت جارية الحسين (عليه السلام) بذلك، فذهبت إلى السيدة زينب (عليها السلام) باكية حزينة، فقالت لها: مولاتي لقد أمر عمر بن سعد أن تطأ الخيل أبا عبد الله (عليه السلام) غدًا، فما الحيلة يا مولاتي؟
فقالت السيدة زينب (عليها السلام): إن سفينة1 عبد رسول الله (صلى الله عليه وآله) نجّاه الأسد على ظهره لما قال له أنا عبد رسول الله، وسمعت أنّ في هذه الجزيرة أسدًا فأمضي إليه فقولي له: إنّ عسكر ابن سعد يريدون غدًا أن يطأوا بخيولهم ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فهل أنت تاركهم.
فلمّا كان الغد أقبل الأسد يأزّ أزًّا، والعسكر واقف، فظنّ ابن سعد أنّه جاء يأكل من لحوم الموتى، فقال: دعوه نرى ما يصنع!، فأقبل يدور حول القتلى، حتّى وقف على جسد الحسين (عليه السلام)، فوضع يده على صدره وجعل يمرّغ خدّه بدمه ويبكي، فلم يجسر أحد أن يقربه، فقال ابن سعد: فتنةٌ فلا تهيجوها فانصرفوا عنه."2
2. شفاء المرأة المؤمنة من عدّة أمراض ببركة السيدة زينب (عليها السلام).
"تشرّفت إحدى المؤمنات لزيارة السيدة الجليلة زيب الكبرى بنت أمير المؤمنين (عليها السلام)، ونالت المبتغى والمراد كرامة لزينب من ربّ العباد،....
بسم الله الرحمن الرحيم
تبدأ قصّتي عندما كنت في مُقتبل العمر، ففي تلك الفترة ألمّت بي بعض المصاعب والأمور المستعصية التي لم أتحمّلها لصغر سني، واستمرّت لعدة سنوات وازدادت المعاناة، فنحل جسمي وتأثر قلبي بل وحتى عيني، فكأنما لو كانت صدمة عرضت لي، فلم أستطع رؤية ما حولي، فصرخت بأعلى صوتي (يا زينب) ردِّي لي بصري.
متسائلةً ماذا يجري ماذا حدث؟ لحظات مرّت ولكن ما هي... لا أعلم! في تلك الليلة رأيت في المنام مولاتي الطاهرة بأنوارها الزاهرة، فيا لتلك الأنوار الباهرة التي من شدّتها أكاد لا أراها ... وإذا بي أسمعها تناديني باسمي: (يا فلانة اصبري فإنّ الله مع الصابرين... إنك معلولة في عينيك وشفاؤك عندنا أهل البيت).. أفقت من نومي باكيةً راجيةً متوسلة أن أحظى بشيء ولو يسير من صبر العقيلة.
مرّت الأيام دون آلام لكن فجأةً.. انتابتني حالة غير طبيعيّة فترة قليلة جدًّا من الزمن، أفقد فيها بصري ثم ترجع الأمور إلى طبيعتها كأنّ شيئًا لم يحدث...
استمرّت هذه الحالة لفتراتٍ متقطّعة لما يقارب اثنتي عشرة سنة، لا يعلم بما أعاني إلا الله، لكنّ حالتي بدأت تسوء وفترات فقدان بصري بدأت تطول لمدة متقاربة فدون سابق إنذار وفي أيّ وضع أو وقت أو مكان تفاجئني الحالة التي أفقد فيها بصري لمدة نصف ساعة أو أكثر من ذلك... قلقت من ذلك، وخشيت أن يشعر من حولي بحالتي التي أخفيتها سنوات طوال، وتخوّفت من قيادة السيارة مع حاجتي الماسّة إليها خوفًا من العواقب الوخيمة على نفسي والآخرين... إذن ما العمل؟!
اضطررت حيال ذلك أن ألجأ إلى الطّبّ.. ليس تنكّرًا وعدم ثقة بمولاتي زينب، ولكن الظروف قاسية، وأردت أن أعرف سبب العلّة ليس إلّا...
بعد الأشعة والفحوصات قرّر الطبيب بوجود خلل في جزئيات المخ ولا بدّ من إجراء عمليّة، ثمّ تزعزعت أقواله مع باقي الأطباء ولم تُشخّص الحالة... وأصبحت في حيرة من أمري هنا ناديتها بحرقة: عزيزتي زينب لجأت إليك، ولم ألجأ إلى غيرك... وقفت على بابك ملتمسةً منك نظرة إليّ.... ارأفي بحالي مولاتي... لا ترديني بحقّ أمّك الزّهراء وضلعها المكسور... بحقّ غربتك لا تخيّبي رجائي...
وإذا بي أراها في تلك الليلة محنية الظّهر، مهدودة الجسم، وهي تنادي بصوتها المحزون لا تتعبي ولا تكلِّي من طلب الحاجة إلى الله ومنّا أهل البيت فنحن لا نملّ سماع شكواكم ونخواكم...
اصبري إنّ الفرج قريب...
استبشرت بما رأيت وسمعت، اطمأنت نفسي بقرب الفرج والخلاص من هذا البلاء، وخلال أيام معدودة سمعت من يقول اذهبي إلى الحوراء زينب فإنها تدعوك لزيارتها لتقضي حاجتك بإذن الله.
وتوالت الأيام المبشّرة والداعية لزيارة مولاتي من عدد من الأخوات المؤمنات فاشتقت لزيارتها... لكن كيف ومتى ومع مَن... لا اعلم؟!
فجأة شاءت الأقدار وتسهّلت الأمور وسنحت الفرصة بأن أحظى بزيارتها وأتشرّف بحضرتها روحي فداها... ما أحلى لقائي بك يا زينب... مشتاقةٌ إليك مولاتي... لاتخيّبي مسعاي ورجائي... كلماتٌ ورجاءٌ وتوسّل ودعاءٌ كنت أردّدها منذ خروجي من المنزل إلى أن توفّقت بالوصول إليها والمثول بين يديها... رأيت القبّة تسطع في عنان السّماء وكأنما الجنة وما فيها...
لم تتوقّف دموعي منذ وصولي - لم أبكِ دهري كما أبكِ هذه اللحظة ولم أتذكّر معاناتي وعلتي وأنّاتي- لكن تذكّرت زينب... كم عانت مولاتي... كيف كان حالك في طفّ كربلاء... ماذا رأيت من محن ومصائب... مصيبة عظيمة ... عظيمة مصيبتك يا زينب!
.... لثمت الشباك وأنا باكية ... أحسست كأنّ الشباك كان يحتضنني كما أحتضنه... لا أمَلّ والله من قربك يا زينب... وكيف لي أن أعبّر وأصف ذلك اللّقاء...
وبعد الانتهاء من زيارة سيّدتي زينب وفي نفس ذلك اليوم، دُعيت لمجلس (ختمة زينب عليها السلام)، وعندما ذهبت ومن معي لهذا المجلس، انتابني إحساس وشعور غريب... روحانية... رهبة... خوف... ترقب لشيء ما سيحدث...
حتّى قبل أن تبدأ القارئة بالقراءة وأنا لم أتمالك نفسي... الدّموع تنهمر بلا انقطاع.. لم أستطع أن أكفكف دموعي وأن أهدأ..
وبعد الانتهاء من المجلس في تلك الليلة.. ذهبت لكي أنام وأنا نادبة... يا زينب يا زينب يا زينب.. فإذا بي أراها في منامي تمشي بوقار وسكينة مرتدية ثياب الستر والعفاف، لم أرَ منها شيئًا فقد كانت مستلقية على الفراش وشخصها الطاهر أمامي، وألمح بيدها خدرة خضراء معطرة بعطر المسك والعنبر، ألقت الخدرة على بدني وأدخلت يديها الطاهرتين بعد أن أخذت من ريقها الشافي ... ومسحت به على علتي وصاحت بي: قومي فقد عوفيتي ... ثمّ سحبت ثوبها متجهة نحو الباب خارجة بنورها المتوقّد... أفقت في تلك اللحظة تعلوني الرهبة ويكسو بدني خدارٌ يعيقني عن الحركة، ولساني أحسّ به ثقيل لا يطاوعني على الكلام، فلم أستطع أن أنادي من بقربي وعيناي ثقيلتان يغلبهما النعاس، ولكنهما صافيتان بذكر الصلاة على محمد وآل محمد.
وبعد أن عدت من الزيارة ورجعت إلى الوطن، بدأت عيناي بالاحمرار وأحسست بالحرقة مما حدا بزوجي لاصطحابي إلى المستشفى لمعرفة السبب فلمّا أجلسني، الطبيب أمام المجهر، وفحص عيناي بدقة، صرّح بهذا الكلام: إنّ هذا شيء طبيعي لأن هناك عمليّة أُجريت بدقة، ومن قام بها يستحقّ الثّناء على مهارته في عمليته، وأثر الغرز والعملية يؤدي إلى الاحمرار والحرقة لفترة محددة، ثمّ يزول، وهذا أمر طبيعي فلا داعي للتعجب أوالاندهاش.
هنا لم أتمالك نفسي فانهمرت دموعي كالسيل ولم أهتمّ بمن حولي مناديةً... يا زينب يا أم العطايا، حاشاكِ أن تخيبي أو تردي من يلجأ إليك، وهنا تساءل زوجي عن قضية العمليّة ولم يصدّق فأراه الطبيب الغرز وآثار العمليّة الدقيقة التي أجريت لي، وأنا أنكرت إجراء أي عمليّة وأصرّ الطبيب على رأيه بالدلائل والبراهين التي رآها....3
_________________________________
1- سفينة: مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله).
2- أبو الفضل الكاشاني، 250 كرامة للسيدة زينب وسيدات بيت النبوة، ص24.
3- أبو الفضل الكاشاني، 250 كرامة للسيدة زينب (عليها السلام) وسيدات بيت النبوة (عليهن السلام)، ص 39.
برامج
6344قراءة
2015-11-15 17:19:22