إنّه أحد أصحاب الإمام علي عليه السّلام، وأحد ناقلي علومه، الفارسي الأصل، سالم العرب وميثم العجم، الصّحابي الجليل ميثم الملقب بالتّمار لأنّه كان يبيع التّمر في سوق الكوفة. كان ميثم التّمار يذهب كلّما سنحت له الفرصة إلى نخلة على أطراف الكوفة، يرشّها بالماء ويصلي عندها ركعتين، والنّاس مندهشون من فعلته.
تمرّ الأيام والأعوام، ويتعاقب على الكوفة حكّام وولاة ظالمين يسومون النّاس العذاب. وعندما أصبح عبيد الله ابن زياد حاكمًا على الكوفة زجّ بميثم في السّجن. وبعد استشهاد الإمام الحسين عليه السّلام في كربلاء أمر عبيد الله بن زياد بإحضاره من السّجن، وقال له:
-لقد سمعت بأنّك من أصحاب علي.
-نعم
-تبرّأ منه.
- فإذا لم أفعل.
- سأقتلك إذن.
- والله لقد أخبرني أمير المؤمنين عليه السّلام بأنّك ستقتلني وتصلبني وتقطع يدي ورجلي ولساني.
- صاح ابن زياد بعصبيّة: سأكذّب إمامك.
ابتسم ميثم ساخرًا منه.
عندها أمر ابن زياد الجلاوزة بصلبه على جذع تلك النّخلة، وأن يقطعوا يديه ورجليه فقط.
قال رجل لميثم و هو يتألم لمصيره:
- لقد كنت عن هذا غنيًا. أي كان بإمكانك أن تعيش لو انّك تبرأت من علي.
- فقال ميثم و الإبتسامة تشرق في وجهه: والله ما نبتت هذه النّخلة إلاّ لي ولا عشت إلاّ لها.
عندها أدرك النّاس سرّ زيارة ميثم للنّخلة طوال تلك السّنين.
- راح ميثم التّمار يحدّث الناس قائلاً: أيها النّاس من أراد أن يسمع الحديث عن علي بن أبي طالب عليه السّلام فليأتي إلّي.
وانطلق يحدّثهم ألوانًا من العلوم، فاجتمع الناس حوله.فنقل الجواسيس أخبار ميثم _الّذي فضح حكمهم القائم على الظلم و الجهل_ إلى ابن زياد الّذي أمر بقطع لسانه.
- وعندما تقدّم الجلاّد نحوه أخرج ميثم لسانه قائلًا: لقد أخبرني بذلك أمير المؤمنين. استشهد ميثم وتُرِك مصلوبًا على جذع النّخلة أيّامًا عدّة، إلى أن استطاع أصحابه من قطع جذع النّخلة وفصل الجسد عنه، ودفنه في مكان بقيَ سرًّا لأعوام عدّة.
وفي هذا الزمان بات مقام الصّحابي المصلوب ميثم التمّار مقصدًا لملايين الزوّار من محبي أمير المؤمنين عليه السّلام