يقول صاحب القصّة: في أحد المرّات كنت جالسًا في البريّة وأقلّب بصري هنا وهناك أنظر إلى مخلوقات الله وأتعجب من بديع صنع الرّحمن.. ولفت نظري نملة كانت تجوب المكان من حولي تبحث عن شيء لا أظن أنّها تعرفه ولكنها تبحث وتبحث .. لا تكلّ، ولا تملّ... يقول وأثناء بحثها عثرت على بقايا جرادة.. أخذت تسحب فيها وتسحب وتحاول أن تحملها إلى حيث مطلوب منها في عالم النّمل وقوانينه أن تضعها. وهي مجتهدة في عملها.
يكمل صاحب القصّة: وبعد أن عجزتْ عن حملِها أو جرّها ذهبت إلى حيث لا أدري واختفت.. وسرعان ما عادت ومعها مجموعة من النّمل كبيرة وعندما رأيتهم علمت أنها استدعتهم لمساعدتها على حمل ما صَعُبَ عليها حمله.. فأردتُ التّسلية قليلًا وحملت تلك الجرادة وأخفيتها. فأخذت هي ومن معها من النّمل بالبحث.. هنا وهناك حتى يئسوا من وجودها فذهبوا .. لحظات ثم عادت تلك النّملة لوحدها فوضعت تلك الجرادة أمامها .. فأخذت تدورحولها وتنظر حولها .. ثم حاولت جرّها من جديد .. حاولت ثم حاولت .. حتى عجزت .. ثم ذهبت مرة أخرى لتنادي أبناء قبيلتها من النّمل ليساعدوها على حملها بعد أن عثرت عليها جاءت مجموعة من النّمل مع هذه النملة بطلة قصتنا وأظنّها نفس تلك المجموعة !!
يقول: جاءوا وعندما رأيتهم ضحكت كثيرًا وحملت تلك الجرادة وأخفيتها عنهم مجددًا. بحثوا هنا وهناك بحثوا بكل إخلاص.. وبحثت تلك النملة بكل ما لها من همّة تنظر يمينًا ويسارًا .. لعلّها ترى شيئًا ولكن لا شيء فأنا أخفيت تلك الجرادة عن أنظارهم. ثم إجتمعت تلك المجموعة من النّمل مع بعضها بعد أن ملّت من البحث ومن بينهم هذه النّملة ثم هجموا عليها فقطعوها إربا أمامي وأنا أنظر إليهم بدهشة كبيرة، وأرعبني ما حدث .. قتلوها .. قتلوا تلك النّملة المسكينة .. قطعوها أمامي.نعم قتلوها أمامي، وبسببي وأظنّهم قتلوها لأنهم يظنّون بأنها كذّبت عليهم!!
فسبحان الله حتّى أمّة النّمل ترى الكذب نقيصة بل كبيرة يعاقب صاحبها بالموت!! حتى النّمل يعتبرون الكذب جريمة يُعاقب عليها.. فأين من يعتبر؟؟