فكرة الكشفية
نشأت فكرة الكشفية في ذهن اللورد "روبرت بادِن باول" المولود عام 1857م، والذي كان يعمل ضابطاً في الجيش البريطاني، وقد كان (ب.ب) ممثلاً طبيعياً وفناناً. التحق بالكلية العسكرية برتبة ضابط، وأخذ يدرّب رجاله بطرق خاصة، عبر تقسيمهم إلى جماعات صغيرة، وتعليمهم عن طريق المباريات والألعاب، وأحرز نجاحاً عسكرياً حين حوصر مع ألف من جنوده من قِبل تسعة آلاف رجل من ثائري البوير، في جنوب أفريقيا لمدة 217 يوماً، وذلك في عام 1899م في مافكنج.
جاءت فكرة تكوين الكشفية بعدما لمس بأن الشباب الإنجليزي أخذ بالتفكك، فقد تجمّعت لدى بادن باول أفكار عديدة لبرنامج تربية ذاتية للشباب تمارس في الهواء الطلق. ومن خلال تنقلاته في المستعمرات الإنجليزية، تعرّف على ثقافات الشعوب، وكيفية تربية أبنائهم على الشجاعة والقوّة والاعتماد على النفس، وكانت لديه الرغبة في التدريب وخدمة الآخرين، فقد كان مرحاً، ولديه عدة مواهب، كالرسم والتمثيل وغيرها، فقد عايش الطبيعة فترة طويلة اكتسب منها أشياء كثيرة، وكانت لقراءاته المتنوعة، ودراساته لكتب التربية وتاريخ الشعوب فائدة كبيرة، وقد أعجب بتجربة (سميث) رئيس فرقة الفتيان البريطانية الذي أنشأ تنظيماً شبه عسكري للشباب في اسكتلندا من الصغار، غير أن بادن باول رأى أن التربية العسكرية تحدّ من نمو الشخصية، وأنَّ البرامج تكون أكثر إثارة لو اعتمدت على الطبيعة والخلاء والهواء الطلق وإتاحة الفرصة للصغار لقيادة أنفسهم. وعندما كان يقضي الليل حول النار في البرية, أيقن أنَّ هذا النوع من الحياة يهواه الشباب، ويعلّمهم الثقة بالنفس والتعاون والانضباط والإخلاص، فلهذا استدعى 20 شاباً من المدينة، وذلك لإقامة مخيم لمدة أسبوع على جزيرة (براون سي) في دُوْرسَتْ في بريطانيا عام 1907م، واستمتع الفتيان في المخيم بأوقاتهم في السباحة، والتعقب خفياً، وممارسة الألعاب، والإصغاء حول نار المخيم الليلية إلى مغامرات بادن باول. عندما انتهى المخيم، ثبت لبادن باول أن أفضل طريقة لتعليم المهارات الكشفية كانت من خلال التمرينات والألعاب.
وبعد نجاح هذا المخيم نجاحاً باهراً، نشر كتاباً بعنوان "الكشفية للفتيان"، وضع فيه خبرته ومبادئه وأفكاره، وكذلك نشر بعض المواضيع والمسابقات في الصحف والمجلات، وقد دهش عندما علم أنَّ عدداً من الشباب قد نظم فرقاً كشفية تلتزم أفكاره ومبادئه التي وضعها. وأخذت الحركة تنتشر انتشاراً سريعاً، وأصبح بادن باول أول رئيس للحركة الكشفية، وأخذ ينشر المسابقات الثقافية في الصحف، وينظّم للفائزين بتلك المسابقات مخيمات كشفية حتى سنة 1910م، وحقق حلمه عندما جمع في قصر الكريستال في لندن حوالي 11 ألف كشَّاف وقائد، أخذوا يعرضون أمام الجمهور المحتشد كلَّ ما تعلموه من فنون وألعاب.
ولم تلبث الفتيات أن التحقت بالحركة، وفي عام 1910م انطلقت حركة المرشدات، وانسحب (ب.ب) من الجيش، ليخصص كل وقته وطاقته للكشفية.
وفي عام 1920م تحقق الحلم الأكبر لبادن باول عندما تجمّع من أنحاء العالم نحو 6000 كشاف في أولمبياد لندن، وسمّى هذا اللقاء "جمبوري"، وخلال هذا اللقاء عُيّن بادن باول رئيساً لكشافة العالم، وفرضت عليه هذه الرتبة بأن يقوم بجولة حول العالم رغم كبر سنه، فقد كان يدير كل سنة لقاء له في بلد مختلف، وكان آخر لقاء له في النرويج، وكان عمره 84 سنة، حيث ودّع جميع كشافي العالم بحضور 26000 كشاف حضروا من مختلف أنحاء العالم، وتوفى بعدها بادن باول سنة 1942م تاركاً وراءه منظمة كبيرة منتشرة في جميع أنحاء العالم.
دليلة
1059قراءة
2016-01-20 20:33:24