12 سنة من العطاء

 

جديد المواضيع

خيمة الدليلات >> من يعلم قيمة هذا الخاتم؟

ظلت تنظر إلى الخاتم فی کفها لأکثر من ساعة، كانت تنظر إلى هذا الخاتم القدیم وتبكي.... من یعلم قیمه هذا الخاتم ؟؟؟؟ فی البدایة كانت لاتری فيه شیئا إلا الحجر والفضة، ولکن من یعلم أیهما أفضل ؟ خاتم سلیمان؟ أم هذا الخاتم؟! في رأیها هذا الخاتم أفضل من خاتم سلیمان في رأیها قیمة الخاتم بقصته بصاحبه ، من هو صاحب الخاتم؟ ممکن أن یکون خاتماً من الأحجار الکریمة فی إصبع یزید لعنه الله، وممکن أن یکون خاتماً بسیطاً في ید الحسین عليه السلام، أیهما أفضل؟؟ تاجر الخاتم لا یری إلا الحجر، لایری إلا الفضة، ولكن هل یستطیع أن یقرأ قصة الخاتم؟
كانت تريد العودة إلی غرفه والدها .... فتحت الباب بهدوء .... رأته ... ينام بهدوء .... كانت تودّ لو تصرخ:
- دعني أعیش کما أحب ، أرجوک ، أنا لا أستطیع أن أتحمل أکثر من هذا. نظرت مرة أخری إلى الخاتم ، الخاتم القدیم، حجره مکسور قلیلا، وفضته أیضا، قال أبوها أنه بسبب الإنفجار أصبح هکذا، عندما کان فی إصبع جعفر.

كانت تريد النوم ، وهو ناداها. عندما ذهبت الی غرفته، رأت الخاتم فی إصبعه، لم تكن تحب هذا الخاتم ، ولکن والدها، في حفلات زواج إخواتها جميعاً، مع أجمل ملابسه، کان یلبس هذا الخاتم، وفي سفره إلی کربلاء.
جلست عنده فی صمت، کان ينظر إلى الخاتم بهدوء، أخرج الخاتم من إصبعه، وكانت ترى برق البکاء في عینیه،
- هذا لکِ.
نظرت إلى الخاتم دون أن تقول شیئا.
- في رأيکِ کم قیمة هذا الخاتم؟؟؟
كانت تريد أن تقول: لاشيء، من الأفضل أن نرمیه فی القمامة، و لکن أباها قال لها: هذا لکِ، هذا یعني أنه هدیة.
- "لا أدري"، قالت لوالدها.

- هل تحبین أن تسمعي قصة هذا الخاتم ؟؟؟؟
نظرت إلى الخاتم من جديد، لم يتح لها والدها ان تجيب على سؤاله، وبدأ يحكي:
- هذا خاتم ستة شهداء.
إرتجف الخاتم في کفها، وانهمر دمعها علی خاتمه العقیق.
كانت تشعر أنّ والدها لا یستطیع أن يحكي، ولکن بکل صعوبه کان یحاول أن يخبرها بالقصة ، وعینیه، ماذا کانت ترى فی عینیه ؟؟؟ حسرة ؟ شوق؟ الذکریات القدیمة؟ لا أدري. وهي كانت تودُّ أن تسمع القصة. وکلُّ وجودها کان يتمنی أن یستمر في حديثه . لأنها کانت تخاف. کانت تخاف ألا یستمر. ویقول: لا شيء. كما يفعل في کثیر من الأحیان.
- ستة شهداء ؟؟؟؟
- صادق، مراد، مسعود، جعفر، حميد، علي رضا، کلنا کنا نعلم جیدا. أنّ صاحب هذا الخاتم سیستشهد. قریباً او لاحقاً. قبل عملیة رمضان. یعني قبل ساعات من العملیة، وصلت رسالة والدتِک،ولأول مرةٍ رأیت صورتک الجمیلة، کل الأصدقاء في المعقل کانو یحتفلون وکانو ینشدون احتفاءً بولادتِک، وکانو یطلبون مني الحلوی، ولکن لم يكن عندي حلوی فجعلوني أغسل جورابهم کلهم. کنت أسمع صوت احتفالهم، وکنت أغسل جورابهم خرج علي رضا من المعقل وابتسم وقال:
- قرَّت عیناک، ابنتک جمیلة.
- قبل أن أقول شکراً، رأیت الخاتم في کفه.
- هدیتي إلیكَ.
كنت أسمع صوت الإحتفال وأناشید الأصدقاء وهم کانو مشاکسین جدا، وکنت أشاهد ابتسام علي رضا، کلنا کنا بالإنتظار لنرى إلى من سيهدي هذا الخاتم، وخاتمه کان هدیته إليّ هذه المرة، أنا بقيت صامتاً أنظر في عینیه، وفي یديّ الجوراب، یعني أنا کان من المقرر أن أکون شهیدا ؟؟؟؟ یعني علي رضا سیستشهد قریبا ؟؟؟؟ یعنی أنا .؟؟؟ ، مثل جعفر، صادق، علي، یعني علي رضا ؟؟؟؟ کنت أنظر إلى عينيه وإلی ابتسامه. ذهب إلی المعقل مرة أخری وأنا کنت أحدق في الخاتم في کفي . کم دقیقة؟؟؟ لا أعلم کنت أغسل الجوراب وکنت أفکر یعني أنا سأستشهد ؟؟؟؟ لحظة، فکرت بک، وقلت بهدوء " ليتني أراکِ مرة ". في اليوم التالي، في عملیة رمضان. استشهدو جمیعا.
قال هذه الجمله وأنا رأیت کل الحسرة فی عینیه ، استشهد علي رضا، أکبر، محمود، سجّاد ، استشهدو جمیعاً، إلا أنا، ربما لأنني کنت أودّ أن أراکِ، ربما فقط من أجل هذه الجملة ، "ليتني أراکِ مرة". یعني کان في قلبي حبُّ الله وحبُّکِ أیضا وربما بسبب هذا الطلب انکسرت أجنحتي . کل اصدقائي استشهدوا. إلا أنا مع أنّ خاتم الشهداء كان فی یدي عملیة رمضان ثلاثة أیام کانوا یهجمون علينا دون أن نستطیع الإستراحة ولو لحظة واحدة أنا رأیت بعیني أنّ جواد، بعد ثلاثة أیام نام على صوت الصواریخ، وجحیم من النار فوق رؤوسنا .
بعد العملیة کلهم استشهدوا ،کلهم، کل أصدقائي، والبعثیون غيَّروا اتجاه النهر إليهم وبقیت کل الأجساد تحت الماء، لم أكن أستطيع أن أصدّق. کان خاتم الشهداء في یدي، ولکنني لم أکن من الشهداء ربما، لأنني کنت أودّ أن أراکِ.
مضت کل هذه السنوات، کل هذه السنوات کنت أبحث عن شخص، لأعطیَه هذا الخاتم، ولکن لم أجد الآن هذا الخاتم هدیتي إليكِ...

لم تكن تستطيع ألّا تبكي یعني کانت تنهمر دموعُها علی الخاتم فی کفها وکانت تقبل الخاتم.

- إبحث عن شخص آخر بابا . أنا لا أستحقه أنا لست جدیرة بهذا الخاتم، أرجوک بابا، أنا لا أریده. أنت لا تعلم، أنت لا تعرفني، بابا...
إبتسم والدها وقال:
- تستحقينه ، أنا أعلم أکثر منکِ. أحیانا عندما أراکِ، أحس وكأن أصدقائي عادوا من جدید، نومُکِ، یقظتکِ، ابتسامتکِ، بکاؤکِ، غضبکِ، ربما بسبب دعائهم تلك اللیلة من أجلِک. لا أدري، لا أحب أن یکون هذا الخاتم فی ید أحد آخر؛ لا أخیکِ و لا أيّ أحد آخر. أحب أن یکون هذا الخاتم في إصبع ابنکِ یوماً وإن شاء الله، أرجو من الله أن یکون في أنصار الحجة.

كانت ترید أن تعود إلی غرفة والدها . ترید أن تبکي وتلتمس وتقول:
- دعني أعیش کما أرید ، أنا لا أستطیع أن أتحمل أکثر من هذا، ترید قتلي، بابا ؟؟؟؟ أنا تعبت، بابا!
كانت تنظر إليه وهو يغفو بکل هدوء، ربما بعد کل هذه السنوات لأول مرة، كان ينام بهذا الهدوء، وهي کیف ستستطيع أن تنام جیدأ بعد الیوم ؟؟؟؟؟ تنظر إلى الخاتم مرة أخرین وتلبس الخاتم في إصبعها الظریف. تشاهد والدها نائماً و تقول بهدوء " هل أنت الشهید السابع ؟؟؟؟ بعد كل هذه السنوات؟؟؟؟ أنا أموت من دونک بابا .
قال الطبيب عاد أثر السلاح الكيميائي بسبب ضعف جسمك وكبَر سنّك، أرجوك لا تذهب، أرجوك بابا "
كانت تنظر إلى الخاتم، الخاتم کبیر، وإصبعها صغیر، من یعلم قیمة هذا الخاتم ؟؟؟؟؟ قبل ساعة، کانت تظن أن من الأفضل رمیه في النفایات، والآن، هو في رأیها أفضل من خاتم سلیمان من یعلم قصة هذا الخاتم، ومن يلبسه بعدها

بقلم:: مهربان

 

دليلة
1247قراءة
2017-04-12 14:55:36

تعليقات الزوار


إعلانات

 

 

12 سنة من العطاء

إستبيان

تواصل معنا