آسية .. الراغبة بما عند المولى (تعالى)
لم يكن نبضًا يرف كموج ٍ متكسرٍ عند أقرب صخرة .. بل كان حبًا لا تعبث به الأهواء
لم يكن حروفًا تتهادى في أفق الدنيا .. بل كان عشقًا تتهادى به الروح عروجًا إلى الرفيق الأعلى ..
هكذا أتى من هناك طيف مشع من أنوار سيرتها .. وبهذا العشق غدا يسطر على صفحة القلب إنها من سيدات نساء العالمين ..
هي الذاهلة بحبها لله عن كل حبيب.. هي الراغبة بما عند الله ودونه كل ما خُلق لا يكاد يساوي لفتة اهتمام ..
بينها وبين الرحمن مناجاة العاشقين ودعاء يربط الصبر على القلب : "ربي ابنِ لي عندك بيتًا في الجنة ونجّني من فرعون .."..ربي إني لا أريد دنيا، ولا قصورًا، ولا جاهًا كاذبًا، أريد ما عندك من نعيم القرب .. والنجاة من كيد الجبّارين .. تلك هي العابدة في صومعة العمل، في ركن الجهاد، في الحضور خلف الطاغية لإحقاق حق ولأداء رسالة ملكوتية: "أن دعه لنا عسى أن ينفعنا.."
وتركه لها .. واصطنعه الله لنفسه، مستنقَذًا في بيت آسية ومستنقذًا لبني إسرائيل ..
تلك هي المؤمنة فلا أبصار تسبر أغوار عقيدتها ولا أفكار تفشي حقيقة أسرارها.. بل هو تأمّل واعتبار ..
آسية التي غدوت قدوة لكل زوجة تسلك سبُل الكمال دون أن تعيق سيرها أي حواجز .. ولو كان أولها وأعظمها زوج متكبّر كافر ..
هي مبشرة وداعية إلى الحق بسلوكها قبل قولها .. بدعائها بقنوتها .. هي أمًا تربي كيف احتضان الأبناء ورعايتهم باحتضانها للنبي الكليم ..
آسية ما اصطبارك والطاغية فرعون يعيث في الأرض كبرًا وفسادًا .. ما حنانك لموسى؟ ما مديح الإله لكِ؟
يا امرأة رضي الله عنها، فتقدم اسمها أمثولة للرجال والنساء في كتابه المبين ..
آسية .. يا تنهيدة الحب للمولى تعالى
لكِ تنهيدة الحب في المولى (تعالى)