12 سنة من العطاء

 

جديد المواضيع

شذرات العترة عليهم السلام >> الحكمة عند الإمام الحسن عليه السلام

الحكمة عند الإمام الحسن عليه السلام
بسم الله الرحمن الرحيم


عن أمير المؤمنين عليه السلام : "الحكماء أشرف الناس أنفساً. وأكثرهم صبراً وأسرعهم عفواً وأوسعهم أخلاقاً".
الحكمة هي وضع الشيء من قول أو فعل في أحسن مواضعه, وهي الكلام الذي يقلُّ لفظه ويجلُّ معناه .
قال تعالى:{ يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا}البقرة 269.

وإنّما صارت الحكمة كذلك لما يترتّب عنها من فضائل ومحاسن كالرفق, وكف اللسان, وغلّ الغضب والشهوة, والمداراة، وحسن التصرّف.

وقدتجلّت حكمة الإمام الحسن عليه السلام في سياسته مع معاوية، فبعد استشهاد الإمام علي عليه السلام آلت الخلافة إلى ابنه الحسن عليه السلام ، إلاّ أنّ الحاضرة الإسلامية كانت مهددة بخطر معاوية الذي استحكم سلطانه وقوي أمره. هنا رأى الإمام عليه السلام أنّه إن قاومه قاومه بيد جذاء، ولو ضحى بنفسه، لذهبت تضحيته سدى، فوقف مع عدوه موقف الحازم اليقظ ، فصالح معاوية ، وحفظ دمه ودم أهل بيته، وقد كشف ذلك عن سمو رأيه، إذ إنّه عليه السلام استخدم الصلح لكشف حقيقة معاوية أمام الـأمة، بالعمل لا بالقول، وعلى مرّ التاريخ.

إنّ ما فعله الإمام لم يكن من باب التسليم والخضوع، إنّما هو من باب الظفر بالخصم، وهو عين الفتك بعدوه من حيث الفنون الحربية والسياسية، فكان من الصلاح أن يحاربه بالصلح لا بالسلاح، فيذبحه بأعماله لا بقتله. وهذا أتم للحجة وأبلغ في دفع الريب.

كتب الإمام الشروط بنفسه، وأخذ على معاوية العهد والميثاق على الوفاء، فأعطاه ذلك مبطناً في داخله الحنث، فلم يف بأي من الشروط التي أخذت عليه . لقد كان عليه السلام يعلم أن قبول معاوية هذه الشروط يدل على عدم أهليته للحكم الإسلامي، فكيف بعدم تنفيذه لها؟

وهذه بعض بنود الصلح التي حفلت بعناصر ذات أهمية بالغة، دلّت على براعة الإمام وحكمته في التغلب على خصمه:


-عدم تسميته بأمير المومنين: وهذا تجريد له من السلطة الدينية على سائر الناس.


- رفع سب الإمام: فقد أظهر بهذا الشرط تمادي معاوية، لأنّه علم أنّه لا يترك ذلك، فأراد أن يبين للمجتمع الإسلامي مدى استهتاره.


- العمل بكتاب اللّه وسنة رسوله: فهو لم يخلِ الأمر لمعاوية بالتصرف التام في شوون المسلمين.


- ولاية العهد: فقد شرط عليه أن تكون الخلافة له ولأخيه من بعده، لكن معاوية نقض الشرط، وأخذ البيعة لابنه يزيد في حياة الإمام الحسن.


- عدم إقامة الشهادة: هذا الأمر فضح معاوية، ودلّ على أنّه من حكام الجور؛ لأنّ الشهادة إنما تقام عند الحاكم الشرعي، وإذا لم تقم عنده فهو ليس بحاكم عادل، وإنما حاكم جور، وحكام الجور لا يكون حكمهم نافذاً.


- الأمن العام لعموم الناس: وهذا يدل على مدى حبه وحنانه وعطفه على جميع المسلمين، وقد شرطه لعلمه بما سيعاملهم به من التنكيل انتقاماً لما صدر منهم أيام صفين.


وهكذا نرى أنّ سياسة الحسن عليه السلام الحكيمة أدت إلى الحفاظ على الدين والأمة الإسلامية.
علماً أن الإمام الحسن عليه السلام كغيره من الأئمة يعشق الجهاد والشهادة لأنهما يقربانه إلى المحبوب عز وجل، لكنه لم ينسق وراء شوقه ورغبته بل صبر ووقع الصلح مع معاوية التزاماً بالحكمة وسعياً لتحقيق مصلحة الإسلام التي تسمو على الرغبة الشخصية.
والحمد لله رب العالمين

 

الأنشطة الثقافية
1294قراءة
2015-12-27 12:42:50

تعليقات الزوار


إعلانات

 

 

12 سنة من العطاء

إستبيان

تواصل معنا