سيرة الإمام الصادق عليه السلام
الإسم واللقب
الاسم: "جعفر عليه السلام "، وقد نسب إليه الشيعة الاثنى عشرية، فيقال لهم ايضا"الجعفرية".
النسب: هو ابن الامام محمد الباقر عليه السلام بن الامام علي السجاد عليه السلام بن الإمام الحسين السبط الشهيد عليهم السلام .
والدته: فاطمة المكناة بأم فروة بنت القاسم بن محمد بن ابي بكر. والقاسم ابوها هو من ثقاة الامام زين العابدين عليه السلام واحد الفقهاء السبعة بالمدينة وجدها محمد بن ابي بكر كان بمثابة ولد من أولاد الإمام أمير المؤمنين عليه السلام .
الكنية: أبو عبد الله وهي الأشهر، وأبو اسماعيل، وأبو موسى.
اللقب: الصادق، والفاضل، والطاهر، والقائم، والصابر، والكافل، والمنجي....
مولده
كانت الأمة الإسلامية تحتفل بالذكرى الثمانين من مولد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلّم، في السابع عشر من شهر ربيع الأول، وكانت تسير في بيت الرسالة موجة كريمة من السرور والإبتهاج، ترتقب مجداً يهبط في تلك الليلة، وفي ذلك الجو الميمون ولد الإمام الصادق عليه السلام شعلة نور بازغة سخت بها إرادة السماء لتضيء لأهل الأرض، وتنير سبلها إلى الخير والسلام.
نشأته
حيث كانت حياة الامام عليه السلام ما بين العام 83 و148 هـ فقد قارنت شطراً من حياة الامام السجاد عليه السلام وأيام امامته، حيث كانت امامته ما بين عام 61 و95 هـ ، فقد عاش معه أثنى عشر سنة. ثم عايش إمامة أبيه الباقر عليه السلام التي شرعت عام 95هـ وامتدت إلى عام 114هـ.
أما بالنسبة لحياة الإمام زين العابدين عليه السلام فقد كانت تزخر بعبادته ومن هنا لقب بزين العابدين، وقد كان الصادق عليه السلام يعايش هذه الحقيقة ويشاهدها من جده عن قرب، وقد أثرت فيه واقتدى بها، فهذا مالك بن انس يقول: اختلفت إلى الصادق زماناً، فما كنت اراه إلاّ على إحدى خصال ثلاث: إما مصل، وإما صائم، وإما يقرأ القرآن. ويقول أبو الفتح الاربلي وقف الصادق عليه السلام نفسه على العبادة وحبسها على الطاعة والزهادة واشتغل بأوراده وتهجده وصلاته وتعبده.
وأما بالنسبة لأبيه عليه السلام فقد كان الصادق عليه السلام كثير الملازمة له ويظهر هذا المعنى حيث يقول عن نفسه: كان أبي كثير الذكر، لقد كنت امشي معه وأنه ليذكر الله وآكل معه الطعام وأنه ليذكر الله الخ.كما تظهر ملازمته للامام الباقر عليه السلام جلياً حين اصطحبه معه إلى الشام حيث اشخصه هشام بن عبد الملك الحاكم الاموي. وقد تميزت امامة الباقر عليه السلام بتصديه لنشر العلم، ولذا يقول الشيخ المفيد: ولم يظهر عن أحد من ولد الحسن والحسين^ من علم الدين والآثار والسنة وعلم القرآن والسيرة وفنون الادب ما ظهر عن أبي جعفر. وكان الصادق عليه السلام في هذه الأجواء المشحونة بالنتاج العلمي وقد انعكست في شخصيته، فقام بدور أبيه عليه السلام بعد وفاته على أفضل نحو، فقد قال أحمد بن حجر الهيثمي: جعفر الصادق عليه السلام نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان وانتشر صيته في جميع البلدان.
الظروف السياسية في عصر الإمام عليه السلام
استلم الإمام الصادق عليه السلام الإمامة الفعلية في حقبة من الزمن كان الصراع فيه على أشده بين الحكام الأمويين والعباسيين، وفي خضم انتفاضات العلويين والزيديين والقرامطة والزنج وسواهم من طالبي السلطة.. مما أتاح للإمام أن يمارس نشاطه التبليغي والتصحيحي في ظروف سياسية ملائمة بعيداً عن أجواء الضغط والإرهاب وفي مناخ علمي خصب تميّز بحرية الفكر والاعتقاد وزوال دواعي الخوف والتقية من الحكام. وقد سجّل الإمام عليه السلام موقفاً متحفظاً من جميع الحركات المعارضة والتي كانت تحمل شعار (الرضا من آل محمد) لأنها لا تمثّل الإسلام في أهدافها وتوجهاتها وإنما كان هاجسها الوصول إلى السلطة. ولأن المرحلة آنذاك كانت تتطلب ثورة إصلاحية من نوع آخر لمواجهة المستجدات التي كادت تطيح بجوهر الإسلام فيما لو انشغل الإمام عنها بالثورة المسلحة، ركّز الإمام عليه السلام في حركته على تمتين وتقوية الأصول والجذور الفكرية والعلمية مع أخذ دوره الرسالي كمعصوم من آل بيت النبوّة.
الحركة الفكرية في عصر الإمام عليه السلام
ظهرت في تلك الحقبة حركة علمية غير عادية وتهيّأت الأرضية لأن يعرض كل إنسان حصيلة ما يملك من أفكار. ودخلت المجتمع الإسلامي أعراف غريبة وملل مختلفة مما جعل الساحة الإسلامية مشرّعة لتبادل الأفكار والتفاعل مع الأمم والحضارات الأخرى. وتمخضت الحركة الفكرية والنشاط العلمي الواسع عن مذاهب فلسفية متعددة وتفسيرات فقهية مختلفة ومدارس كلامية متأرجحة بين التطرف والاعتدال، وظهر الزنادقة والملاحدة في مكّة والمدينة، وانتشرت فرق الصوفية في البلاد، وتوزّع الناس بين أشاعرة ومعتزلة وقدرية وجبرية وخوارج... وقد تسرّبت التفسيرات والتأويلات المنحرفة إلى علوم القرآن الكريم وطالت مباحث التوحيد والصفات والنبوة وحقيقة الوحي والقضاء والقدر والجبر والاختيار.. ولم تسلم السنة النبوية بدورها من التحريف ووضع الأحاديث المكذوبة والمنسوبة إلى نبي الإسلام صلى الله عليه وآله وسلّم. لذلك انصرف الإمام الصادق عليه السلام إلى التصدي والمواجهة والتصحيح للعودة بالإسلام إلى ينابيعه الصافية.
جامعة أهل البيت عليهم السلام
فجر الإمام الصادق عليه السلام ينابيع العلم والحكمة في الأرض وفتح للناس أبواباً من العلوم لم يعهدوها من قبل وقد ملأ الدنيا بعلمه، كما يقول الجاحظ، وانصبّت اهتمامات الإمام عليه السلام على إعداد قيادات واعية ودعاة مخلصين يحملون رسالة الإسلام المحمدي الأصيل إلى جميع الحواضر الإسلامية مرشدين ومعلّمين في سبيل نشر مفاهيم العقيدة وأحكام الشريعة وذلك من خلال توسيع نشاط جامعة أهل البيت التي أسس نواتها الإمام الباقر عليه السلام . كما تركزت الجهود العلمية في مختلف الاختصاصات من فلسفة وعلم الكلام والطب والرياضيات والكيمياء بالإضافة إلى وضع القواعد والأصول الاجتهادية والفقهية كركيزة متينة للتشريع الإسلامي تضمن بقاءه واستمراره، ومواجهة خطر الزنادقة والملاحدة بأسلوب مرن وهدوء رسالي رصين أدحض بها حججهم وفنّد آراءهم وأثار في نفوسهم الثقة والاحترام له. وعلى رأس هؤلاء الزنادقة: ابن المقفع وابن أبي العوجاء والديصاني. كما تصدّى عليه السلام للوضّاعين وأكاذيبهم ونبّه إلى دورهم الخطير في تشويه الإسلام، وشدّد على طرح الأحاديث التي لا تتوافق مع الكتاب والسنّة. وقد اشتهر من طلابه علماء أفذاذ في مختلف العلوم والفنون منهم المفضل بن عمرو وهشام بن الحكم ومحمد بن مسلم وجابر بن حيان وعبد الله بن سنان، كما نهل من علومه مالك بن أنس وشعبة بن الحجاج وسفيان الثوري وأحمد بن حنبل وأبو حنيفة، ونقل عنه عدد كبير من العلماء أمثال أبي يزيد ومالك والشافعي والبسطامي وإبراهيم بن أدهم ومالك بن دينار وأبي عيينة ومحمد بن الحسن الشيباني. وقد بلغ مجموعة تلامذته أربعة آلاف تلميذ، مما حدا بمالك بن أنس إلى القول: «ما رأت عين ولا سمعت أذن ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر الصادق عليه السلام فضلاً وعلماً وورعاً وعبادة».
سيرة الإمام الصادق عليه السلام 2
زوجاته وأولاده عليه السلام
تزوج الإمام الصادق عليه السلام من فاطمة بنت الحسين بن علي بن الحسين عليه السلام فأنجب منها إسماعيل الذي تنسب إليه الفرقة الإسماعيلية، وعبد الله الأفطح الذي تنسب إليه الفرقة الفطحية، وأم فروة أم الإمام موسى بن جعفر عليه السلام ، وله من إمائه الأخريات العباس، وعلي وأسماء وفاطمة.
علوم الإمام الصادق عليه السلام
فرض الإمام الصادق عليه السلام إمامته ومرجعيته القيادية من الناحية العلميَّة والفقهيَّة، بحيث لا يملك كبار العلماء من المذاهب الإسلامية الأخرى إلاَّ أن يعترفوا بذلك كاعتراف أبي حنيفة قائلاً: «ما رأيت أفقه من جعفر بن محمد، لمَّا أقدمه المنصور بعث إليّ فقال: يا أبا حنيفة إنّ الناس قد افتتنوا بجعفر بن محمد فهيّئ له من المسائل الشداد، فهيَّأت له أربعين مسألة، ثم بعث إليّ أبو جعفر المنصور فدخلت عليه وجعفر بن محمد جالس عن يمينه، فلمَّا بصرت به دخلتني من الهيبة لجعفر ما لم يدخلني لأبي جعفر المنصور فسلَّمت وأومأ فجلست ثم التفت المنصور فقال: يا أبا حنيفة: ألقِ مسائلك على أبي عبد الله فجعلت ألقي عليه فيجيبني فيقول: أنتم تقولون كذا، وأهل المدينة يقولون كذا، ونحن نقول كذا، فربما تابعنا وربما تابعهم وربما خالفنا حتى أثبت على الأربعين مسألة ما أخلّ منها مسألة واحدة، ثم قال أبو حنيفة: أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس».
شهادته عليه السلام
إن المكانة التي كانت للصادق عليه السلام ، علما وإمامة، جعلته ـ كآبائه وأهل بيته عامة ـ عرضة للحسد والعداوات بل وللخوف من قبل الخلفاء والحكام بصورة عامة؛ وقد تحمل الإمام الصادق عليه السلام بخاصة من بعض معاصريه ومن مدعي الإمامة ومدعي العلم والفضل في زمانه، أذايا وبلايا كثيرة، ولاسيما من بعض أرحامه وأقاربه وفيهم اخوة وأبناء عم وأنسباء.ولكن الخليفة العباسي أبا جعفر المنصور الدوانيقي، كان اشدهم في تطلب فرصة للبطش بالإمام عليه السلام والبحث عن ذريعة لقتله، حتى أنه أشخصه أربع مرات من مدينة جده عليه السلام ، إلى الكوفة ليقتله، فكانت تظهر من الإمام عليه السلام آيات ومعجزات تمنعه عن الاقدام على جريمته، إلى أن بعث إلى الإمام عليه السلام بسم أجبروه جبرا على شربه، فاستشهد عليه السلام مظلوما بسم المنصور، وكان ذلك في المدينة في شهر شوال، على المشهور من سنة ثمان وأربعين ومائة للهجرة، وله من العمر خمس وستون سنة، ودفن بجانب ابيه الباقر عليه السلام ، وجده السجاد عليه السلام، وعم جده الإمام الحسن المجتبى عليه السلام في بقيع الغرقد في المدينة المنورة، فيا له من قبر ما أعظمه، ويا لها من تربة ما أكرمها عند الله عز وجل، وقد حوت اربعا من الحجج المعصومين عليهم السلام .
الأنشطة الثقافية
1788قراءة
2015-12-27 16:02:58
zahra2 7arb |