12 سنة من العطاء

 

جديد المواضيع

شذرات العترة عليهم السلام >> قصة الصخرة

قصة الصخرة

قصة الصخرة، وصاحب الدير، وإسلام الراهب

عطش الناس وهم في طريقهم إلى صفين ، فانطلق علي (ع) مع بعض أصحابه حتى أتى على صخرة ضرس (1) من الأرض كأنها ربضة عنز(2 ) فأمرهم، فاقتلعوها، فخرج لهم ماء، فشربوا وارتووا وشرب الناس منه ، ثم أمرهم علي أن يرجعوا الصخرة مكانها. ثم سار قليلاً ثم التفت إلى بعض أصحابه وقال : هل منكم أحد يعلم مكان هذا الماء الذي شربتم منه؟ قالوا : نعم يا أمير المؤمنين. قال : فانطلقوا إليه. فانطلق منهم رجال مشاةً وركباناً حتى وصلوا إلى المكان الذي يعتقدون أنها فيه ، فطلبوها فلم يجدوها. فانطلقوا إلى ديرٍ قريب بعد أن يئسوا منها ، وسألوهم : أين الماء الذي هو عندكم؟ قالوا : ما قربنا ماء! فقال صاحب الدير : ما بني هذا الدير إلا بذلك الماء ، وما استخرجه إلا نبي أو وصي نبي!.

ثم سار (ع) حتى وصل الرقة فنزل فيها بمكان يقال له بليخ ، على جانب الفرات ، وكان هنالك صومعة فيها راهب ، فلما رأى أمير المؤمنين نزل من صومعته ، وسلم عليه وقال له : إن عندنا كتاباً توارثناه عن آبائنا ، كتبه أصحاب عيسى بن مريم ، أعرضه عليك.

قال علي (ع) : نعم ، فما هو؟ قال الراهب : بسم الله الرحمن الرحيم الذي قضى فيما قضى ، وسطر فيما سطر ، أنه باعث في الأميَّين رسولاً منهم يعلمهم الكتاب والحكمة ، ويدلهم على سبيل الله ، لا فظٌّ ولا غليظ ، ولا صخاب في الأسواق ، ولا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح ، أمته الحمادُّون الذين يحمدون الله على كل نشز ، وفي كل صعود وهبوط ، تذل ألسنتهم بالتهليل والتكبير والتسبيح. وينصره الله على كل من ناواه ، فإذا توفاه الله اختلفت أمته ثم اجتمعت ، فلبثت بذلك ما شاء الله ثم اختلفت ، فيمر رجل من أمته بشاطىء هذا الفرات ، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، ويقضي بالحق ، ولا يرتشي في الحكم ، الدنيا أهون عليه من الرماد في يوم عصفت به الريح ، والموت أهون عليه من شرب الماء على الظماء ، يخافُ اللهَ في السر ، وينصح له في العلانية ، ولا يخاف في الله لومةَ لائم ، من أدرك ذلك النبي (ص) من أهل هذه البلاد فآمن به ، كان
ثوابه رضواني والجنة ، ومن أدرك ذلك العبد الصالح فلينصره ؛ فإن القتل معه شهادة.

ثم قال له : فأنا مصاحبك غير مفارقك حتى يصيبني ما أصابك.

فبكى (ع) ثم قال : الحمد لله الذي لم يجعلني عنده منسيّاً ، الحمد لله الذي ذكرني في كُتُبِ الأبرار. ومضى الراهب معه ، وكان ـ فيما ذكروا ـ يتغدى مع علي ويتعشى معه حتى أصيب يوم صفين ، فلما خرج الناس يدفنون قتلاهم ، قال علي : إطلبوه. فلما وجدوه ، صلى عليه ودفنه ، وقال : هذا منا أهل البيت ، واستغفر له مراراً .

وعبر علي (ع) شاطىء الفرات بعد أن أقاموا له جسراً إلى صفين. ودعا زياد بن النضر وشريح بن هاني ، فسرحهما أمامه نحو معاوية في اثني عشر ألفاً .. فلما انتهوا إلى معاوية ، لقيهم أبو الأعور السلمي في جند من أهل الشام ، فدعوهم إلى طاعة علي فأبوا ، فأرسلوا إلى علي يخبرونه ، فبعث إليهم مالك الأشتر وجعله أميرا عليهم ، وحذره من أن يبدأهم بقتال.

فخرج الأشتر حتى قدم على القوم ، فاتبع ما أمره به علي (ع) وكفَّ عن القتال حتى إذا جاء المساء حمل عليهم أبو الأعور السلمي ، فثبتوا له واضطربوا ساعة.

ثم خرج هاشم بن عتبة في خيل ورجال ، وخرج إليهم أبو الأعور ، فاقتتلوا يومهم ذلك ، فصبر القوم بعضهم لبعض ، ثم انصرفوا.

__________________
1 ـ الضِرس بالكسر : الأرض الخشنة.
2 ـ ربضة عنز : حجم جثتها إذا بركت.

الأنشطة الثقافية
1244قراءة
2015-12-27 16:29:56

تعليقات الزوار


إعلانات

 

 

12 سنة من العطاء

إستبيان

تواصل معنا