فزت وربّ الكعبة
"أبالموت تخوفني وتهددني فوالله ما أبالي وقعت على الموت أو وقع الموت لي".
من هذه العبارات الرّائعة يفوح عشق علي (عليه السلام) للشّهادة والسير في دربها. فجعلها درساً عظيماً علّمنا إياه أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد أن عاشها في حياته، وقد وصل إلى غايته.
فكانت الشهادة عنوان الدعاء لأمير المؤمنين (عليه السلام) وقت الحرب: "اللهم ربّ السقف المرفوع... إن أظهرتنا على عدونا، فجنبنا البغي وسددنا الحق. وإن أظهرتهم علينا، فارزقنا الشّهادة، واعصمنا من الفتنة".
فقد كان (عليه السلام) ينتظر بشغف ساعة شهادته باشتياق، إلى أن جاء شهر رمضان المبارك عام 40 للهجرة، الذي كان الإمام ينتظره بشغف لأنّه كان يعلم أنّه شهر شهادته.
ولما كان في يوم الثامن عشر من شهر رمضان صلى أمير النحل (عليه السلام) العشائين وأفطر على قرص واحد وملح الجريش، ثم أخذ يأتي إلى صحن الدّار وينظر إلى السماء ويقول: هي والله الليلة التي وعدنيها حبيبي رسول الله (ع).
وكان يكثر في تلك الليلة قراءة قوله تعالى: (إنا لله وإنا إليه راجعون).
وكان يقول: «اللهم بارك لنا في لقائك».
فلما أصبح (ع) وأراد الخروج للصلاة أنشد يقول:
أشدد حيازيمك للموت فان الموت آتيكا *** ولا تجزع من الموت إذا حـل بناديـكا
ثم ذهب للصّلاة إلى مسجد الكوفة، فكان في الرّكعة الأولى بعد أن رفع رأسه من السجود إذ ضربه اللّعين عبد الرحمن ابن ملجم على أم رأسه.
فسقط على المحراب وهو يقول: فزت ورب الكعبة.
ونادى جبرئيل بين السّماء والأرض: تهدمت والله أركان الهدى، وانطمست والله نجوم السّماء وأعلام التّقى، وانفصمت والله العروة الوثقى، قُتل ابن عم محمد المصطفى، قُتل الوصي المجتبى، قُتل علي المرتضى.
قال أبو الفرج: لما ضرب علي (ع) جمع له أطباء الكوفة فلم يكن منهم أعلم بجرحه من أثير بن عمرو، فلما نظر إلى جرح أمير المؤمنين(ع) دعا برية شاة حارة، فاستخرج منها عرقاً، فأدخله في الجرح، ثم نفخه ثم استخرجه فإذا عليه بياض الدماغ، فقال يا أمير المؤمنين أعهد عهدك فإن عدو الله قد وصلت ضربته إلى أم رأسك.
ولما كان في ليلة الحادي والعشرين من شهر رمضان فاضت روحه المقدسة إلى رياض القدس والجنان، فإنا لله وإنا اليه راجعون وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
الأنشطة الثقافية
1951قراءة
2015-12-27 17:46:33
الأنشطة الثقافية |