صدقة أمير المؤمنين "ع"
عندما كان النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في المدينة كان المسلمون يأتون إليه وبعضهم كان يحاوره لفترة طويلة، وكان يأتي الأثرياء ويتكلمون بحيث لا يصل الدور للفقراء وكانوا يسببون الإزعاج للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ويكسبون الوجاهة لأنفسهم.
والرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي كان بحر الحلم والصبر والمحبة كان يتحمل ما يسببونه من الإزعاج ويبقى مصغياً لكلامهم.
فأنزل الله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم } والبلاغ في هذه الآية لإمتحان المسلمين ولأمور أخرى.
بعد نزول هذه الآية لم يأت أحد عند الرسول للنجوى. وتبين أن حب الدنيا أعز لديهم من مصاحبة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم).
وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) هو الوحيد الذي طبق هذه الآية. كل ما كان يملك هو ديناراً من الذهب ، صرف هذا الدينار إلى عشرة دراهم وكلما رغب في الذهاب عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يعطي درهماً للفقراء ويقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في هذا الصدد: ذهبت عشرة مرات عند الرسول وفي كل مرة تعلمت موعظة جديدة.
تفرقوا من حول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد نزول هذه الآية ولم يزعجه الأثرياء وكان يستريح الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في هذه الفترة. وبعد مضي عشرة أيام نسخ هذا الحكم لأنه امتحن الأصحاب بها وأظهر أفضلية الإمام على الجميع.
بقول عبد الله بن عمر: سمعت من أبي قال: يوجد في علي ثلاث خصال لطالما تمنيت أن تكون واحدة من هذه الخصال لي أنا:
إحداهما: كلام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عنه في حرب خيبر حيث قال: سأعطي الراية غداً لرجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرار غير فرار أعطى الراية لعلي حيث تمنيت أن يعطي الراية لي.
والثانية: آية النجوى التي لم يتوفق أن يعمل بها أحد سوى الإمام علي ( عليه السلام).
والثالثة: أن تكون فاطمة الزهراء (عليها السلام) زوجته وفي بيته.
لقد كان أمير المؤمنين "عليه السلام أفضل الناس بعد النبي ، فلم يكن يرد سائلاً ، وكان زاهداً في حياته يساوي نفسه بأفقر الناس ، وكان المال لا يعني له شيئاً ، فالقرب من الرسول والحديث معه أحب إليه من كل مباهج الدنيا وزخرفها . ولقد امتحن الله تعالى المسلمين آنذاك في مسالة الصدقة ، فتبين أن المال عزيز على قلوبهم ، وآثروا به على الرسول .
وحتى أعداؤه كانوا يشهدون له بالفضل . وكل المنعطفات المهمة والمواقف الحساسة التي مرّت بها دعوة رسول ، نجد أن أمير المؤمنين هو صاحب المبادرة ، وهو المنقذ . ولذلك فهو الأولى بإمامة المسلمين ، كونه أخذ العلم من رسول الله ، وكان عمله لا يقارن به عمل ، ويكفي فيه قول الرسول "ص" عندما قتل عمر بن ود العامري في معركة الخندق : "ضربة علي يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين" .
لكن مع كل هذا الفضل تخلى معظم المسلمين بعد الرسول عنه ، حباً للدنيا ، وحاولوا أن يمحوا ذكره ويزيلوا حبه من قلوب المؤمنين ، ومع ذلك بقي حبه وهاجاً في قلوب شيعته ، يستمدون منه العزم والارادة .
الأنشطة الثقافية
1319قراءة
2015-12-29 10:14:23
H@ss@n @l @w@d |