قصة بِشْر الحافي والإمام الكاظم (عليه السلام)
في أحد الأيام كان الإمام يسير في بعض طرقات بغداد، فمرّ بمنزل تتصاعد منه أصوات
الموسيقى، والطبول، والعربدة، وكان أهله يرقصون، ويصفقون، وصادف أن خرجت
خادمة من ذلك المنزل بيدها سلّة مهملات تريد أن تضعها خارجاً وترجع. فسألها الإمام
(عليه السلام): صاحب هذا المنزل حرّ أم عبد؟ فتعجبت الخادمة من هذا السؤال وقالت:
إنّه منزل بِشْر، وهو أحد الأشراف والأعيان المشهورين هنا. فقال (عليه السلام): بلى،
إنّه حرّ، ولو كان عبداً لما ارتفعت هذه الأصوات الصاخبة الماجنة من بيته، وتكلم الإمام
(عليه السلام) معها مدة ثمّ تركها ومضى.
ولما رجعت سألها سيدها: لمَ تأخرت كل هذه المدة؟ فقالت: رجل تحدث معي في
الخارج. فسألها: وماذا قال لك؟ فقصت عليه القصة، فسألها عن علامات الرجل فوصفته
له، فعرف أنه موسى بن جعفر (عليه السلام). فقال: وفي أيّ اتجاه ذهب؟ فأشارت له
بيدها، فهرول إلى خارج المنزل ، ولم يعط لنفسه الفرصة أن يلبس حذاءه، وظل يركض
حافياً إلى أن أدرك الإمام، فوقع على يديه يقبلهما، وقال: هل من توبة يا ابن رسول
الله؟ فقال : نعم، إذا أقلعت عما أنت عليه الآن. فقال: أعاهد الله من الآن أن أكون عبداً
له، وصدق في قوله، فطهر منذ ذلك اليوم بيته من الخمور، والغناء، والموسيقى،
والمجون، وتفرّغ لعبادة ربه بقية حياته.
وكانت أخبار مثل هذه القصص تصل إلى أسماع هارون، فكان يحسّ بالخطر ، ولما كان
يوجه التهم إلى الإمام في بعض محاوراته له، كان الإمام يقول له: وماذا فعلت أنا؟ أي
إجراء مضاد اتخذته ، وأي تنظيم شكلته، وأيّ ثورة قمت بها ضدّك؟ فلم يكن هارون يحير
جواباً ولكنّه كان يقول بلسان الحال: "وجودك ذنب" أي أن وجودك لوحده خطر عليّ،
لأنك تبيّن الحقائق للناس، ولا تتوانى في نشر فضائح النظام، وبالتالي فإنّ عرش
الخلافة يهتزّ من تحتي بسببك!..
الأنشطة الثقافية
1883قراءة
2015-12-29 10:57:21