بَيْتُ فَاطِمَة (عليها السلام)
إن الحضارة - اليوم - بدأت تشعر بضرورة احترام بعض المساكن والمباني والأراضي، وذلك بعد أن شعرت باحترام الفضيلة وأهلها، والتقدير عن الشرف والعلم والقيم.
وعلى هذا الأساس أحدثت الحضارة قانوناً بل قوانين بهذا الشأن، ورعاية لهذا الأمر، فالصيانة الدبلوماسية التي منحها القانون لمباني السفارات والهيئات الدبلوماسية وهكذا القوانين التي تفرض احترام الجامعات والمعاهد العلمية والمساجد والمعابد تقديراً للعلم والدين والثقافة هي من نتائج الشعور بهذا المعنى.
ولكن هذه الحقيقة كانت ثابتة عند الله تعالى، وعند أوليائه من أهل السماوات والأرض منذ الأزل، وانطلاقاً من هذه الحقيقة نجد الأحكام الواردة حول احترام المساجد وخاصة المسجد الحرام، وتحريم تنجيسها، أو إتيان ما ينافي قدسيتها واحترامها، أو الصيد في الحرم (وهو المناطق المحيطة بمكة من جميع الجوانب، حسب حدود معينة مذكورة في كتب الفقه).
بعد ذكر هذه المقدمة اعلم أن البيت الذي كانت السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) تسكن وتعيش فيه كان محاطاً بالقداسة والروحانية والنور، كان ذلك البيت مبنياً بمواد الاحترام والتقدير، والتجليل والتبجيل، يعرف حق ذلك البيت كل من يعرف حق فاطمة وأبيها، وبعلها وبنيها.
وقد روى شيخنا المجلسي (عليه الرحمة) عن أنس بن مالك وعن بريدة قال: قرأ رسول الله (صلى الله عليه وآله): في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبّح له بالغدو والآصال. فقام رجل فقال: أي بيوت هذه يا رسول الله؟ فقال: بيوت الأنبياء. فقام إليه أبو بكر، فقال: يا رسول الله! هذا البيت منها؟ وأشار إلى بيت علي وفاطمة، قال: نعم، من أفضلها!!
وعن ابن عباس قال: كنت في مسجد رسول الله، وقد قرأ القارئ: (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه..) فقلت: يا رسول الله! ما البيوت؟ فقال: بيوت الأنبياء. وأومأ بيده إلى منزل فاطمة!
وفي الكافي عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) يريد فاطمة (عليها السلام) وأنا معه، فلما انتهينا إلى الباب وضع يده عليه فدفعه، ثم قال: السلام عليكم. فقالت فاطمة (عليها السلام): عليك السلام يا رسول الله، قال: أأدخل؟ قالت: أدخل يا رسول الله قال: أدخل أنا ومن معي؟ فقالت: يا رسول الله ليس علي قناع، فقال: يا فاطمة خذي فضل ملحفتك، فقنّعي به رأسك. ففعلت. ثم قال: السلام عليكم. فقالت: وعليك السلام يا رسول الله قال: أأدخل؟ قالت: نعم يا رسول الله قال: أنا ومَن معي؟ قالت: أنت ومَن معك.. إلخ.*
* فاطمة من المهد إلى اللحد، السيد محمد كاظم القزويني.
مهدي
1531قراءة
2016-01-02 00:24:03