أمير المؤمنين (ع) في كلام الإمام القائد (دام)
- ليكن أمير المؤمنين (ع) أسوتنا في جميع هذه، ونسعى لنكون مثل ذلك الإمام عليه السلام، إذ كيف يمكن لأحد أن يدّعي أنّه من شيعة علي بن أبي طالب عليه السلام ويكون أمير المؤمنين عليه السلام إمامه بينما تكون علاقته القلبيّة مع الله أقلّ أمر يهتمّ به.
- إنّ الإمام عليه السلام صرف كلّ عمره في العبادة والعمل لله، منذ أوّل لحظة أشرق نور الهداية الإلهيّة في وجود ذلك الإمام عليه السلام عن طريق الرسول الأكرم عليه السلام، وحتى تلك اللحظة التي نال فيها لقاء الله، لم يغفل الإمام عليه السلام لحظة عن عبادة الله وعن ذكر الله، وعن الارتباط بالله؛ فقد كان في ارتباط دائم مع الله، في الفرح وفي الحزن، في الحرب وفي السلم، ليلاً ونهاراً، في المسجد وفي الحرب، في الحكم وفي القضاء ...
- هناك من يدّعون بأنّ الإمام علي عليه السلام إمامهم ولكنّهم غير مستعدّين لأن يقولوا كلمة واحدة تزعج الاستكبار وأميركا.. يقول هؤلاء إنّهم شيعة علي وأنّه إمامهم!! فماذا يعني الإمام!؟
- هذا هو أمير المؤمنين عليه السلام وهذه هي شموليّته، وطبعاً لا يمكن توضيح شموليّته بهذه الكلمات، إنّه أرفع كثيراً من هذا الكلام، إلاّ أنّ هذه الصورة الناقصة التي نرسمها جميلة ورفيعة وشاخصة إلى درجة أنّها تحيّر الناس، يجب علينا التحرّك في هذا الاتجاه وطبعاً لا يتوقّع أحد أن يصل حتى على بعد فرسخ من مستوى أمير المؤمنين عليه السلام وهذه حقيقة. فقد ذكر أمير المؤمنين عليه السلام نفسه في حديث له: "ولكنّكم لا تقدرون على ذلك" فهو في القمّة، تصوّروا قمّة عالية، علينا أن نصعد إليها أوّلاً، ولا نقول أنّنا لا نصل إليها بل يجب أن نتحرّك.
- هي أنّه رغم كلّ هذا الجهاد والعناء والبذل والعبادة، لم يغترّ عليه السلام بشيء. في حين أنّه إذا صلّى أحدُنا ركعتيّ نافلة، وقرأ بضع جُملٍ من الأدعية، وأراق دمعتين، فإنّه يُصاب فوراً بالغرور! نعم، ويتصوّر نفسه وكأنّه أصبح طاووس العلّيّين. أمّا أمير المؤمنين عليه السلام فلم يغترّ بأعماله الصّالحة على كثرتها.
- "وإنّه كان ليقوت أهله بالزّيت والخلّ والعجوة"، أي إنّ طعامه العادي الذي كان في داره هو الزّيت والخلّ والتّمر من الدّرجة المتوسّطة أو الأقلّ. وكان طعامه يُشبه الخبز واللّبن، أو الخُبز والجُبن في عُرف مجتمعنا الحالي.
- "وما كان لِباسُه إلاّ كرابيس، إذا فضل شيء عن يده دعا بالجلم فقصَّه"، أي إنّه لم يكن يرتضي لنفسه حتّى الزّيادة في الأكمام، وإذا زاد القماش عن ذلك دعا بمقصٍّ فقصّه، يعني أنّه لم يرضَ حتّى بأن تكون أكمام قميصه طويلة، وكان يقول هذه زيادة، فليستخدم ذلك القماش في خياطة شيء آخر، لأنّ القماش كان قليلاً في ذلك العصر، وكان الناس يواجهون مشكلة في الحصول عليه، بحيث إنّ قطعة صغيرة من القماش تلزم، ويُستفاد منها.
- ثمّ تحدّث بعد ذلك عن عبادته، فقد كان عليه السلام قمّة الإسلام وأُسوة للمسلمين. وجاء في هذه الرّواية: "ما أَشبَهَه من وُلدِه ولا أهل بيته أحدٌ أقرب شَبَهَاً به في لباسه وفِقهِه من عليّ بن الحسين"، أي إنّ الإمام الصّادق عليه السلام يقول: لم يشبه أمير المؤمنين عليه السلام في جميع أهل بيته عليه السلام، وأولاد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في سلوكه وزهده وعبادته، إلاّ الإمام السجّاد عليه السلام.
- فأمير المؤمنين عليه السلام كان المَثَلَ في زهده وإعراضه عن الدّنيا. ولعلّ الزُّهدَ أبرزُ مواضيع نهج البلاغة أو أحدُ أبرزِها. ومع ذلك، فإنّه عليه السلام كان طوال فترة خمسٍ وعشرين سنة بين وفاة الرّسول صلى الله عليه وآله وسلم وتسلّمه الخلافة يُنفق من ماله الخاصّ في الإعمار، إذ كان يزرع البساتين والمزارع، ويحفر الآبار، ويشقّ الأقنية ويسوّي الحقول، والمدهش أنّه كان يتصدّق بكلّ ذلك في سبيل الله.