مجلس الأربعين
يبدأ القارئ المجلس بتقديم مفهوم الأربعين وفق التالي:
السلام عليك يا أبا عبد الله وعلى الأرواح التي حلت بفنائك عليك مني سلام الله أبدا ما بقيت وبقي الليل والنهار ولا جعله الله آخر العهد مني لزيارتكم السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين ورحمة الله وبركاته.
عن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) قال: علامات المؤمن خمس: صلاة إحدى وخمسين أي الفرائض اليوميّة (الصلاة اليومية الصبح والظهر والعصر والمغرب والعشاء) وهي سبع عشرة ركعة والنّوافل اليوميّة (الصلاة المستحبة) وهي أربع وثلاثون ركعة، وزيارة الأربعين (زيارة الإمام الحسين عليه السلام في ذكرى أربعينه)، والتختّم باليمين وتعفير الجبين (بالسّجود على التربة والإستحباب أن تكون السجدة من التربة الحسينية)، والجهر بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ يعني أن ترفع صوتك بقول بسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة .
يوم الأربعين صار يوم مصيبة من عدة جهات:
الأولى: تتجدّد الأحزان يوم الأربعين، وهو يوم أربعين سيد الشهداء، أربعين أبو الفضل العباس، أربعين علي الأكبر، أربعين القاسم، أربعين شبّان بني هاشم وأربعين أصحاب سيد الشهداء صلوات الله عليه.
الثانية: وصول السبايا إلى أرض كربلاء يوم العشرين من صفر.
الثالثة: يوم دفن رأس أبي عبد الله الحسين عليه السلام روحي له الفداء.
في هذه الأثناء ينتقل القارئ إلى المجلس حيث تكون أذهان المشاركين مهيأة لفهم المصيبة وتستنتج ما صعب من مضمون الشعر.
فيا أيها الموالي أيها المحب لأبي عبد الله عليه السلام
قُمْ جدّدِ الحزنَ في العشرينَ من صفرِ فَفِيــــــهِ ُردَّتْ رؤوسُ الآل للحفرِ
يا زائري بقعةً أطفالُهم ذُبِحــــــــــتْ فيها خُذُوا تُرْبَها كُحْلاً إلى البصــــرِ
والهفتا (لزينب لسكينة) لبناتِ الطُهرِ حِين رَنــــــــتْ إلى مصارِع قتلاهُنّ والحفـــــــــــــرِ
رِمَيْنَ بالنفسِ من فوقِ النياقِ علـــى تلك القبورِ بصوتٍ هائل ذعـــــــــر
فتلك تدعو حسيناً وهي لاطمــــــــةٌ منها الخدودَ ودَمْعُ العينِ كالمـــــــطرِ
وتلكَ تصرخُ واجدّاهُ وأبتـــــــــــــاهُ وتلك تصرخُ وايُتْماهُ في الصِّـــــــغَرِ
يا دافِنِي الرأسَ عندَ جْثّتِهِ باللهِ لا تَنْثُروا تُرباً على قَمَــــــــــــــرِ
لا تَدفُنُوا الرأسَ إلا عِندَ مرقـــــــــدَهِ فإنَّهُ روضةُ الفردوسُ والزهـــــــــــرِ
يا بقية الله آجرك الله
لا تغسِلُوا الدَّمَ منْ أطرافِ لحيتــــــهِ خلُّوا عليها خِضَابْ الشَّيب والكِـــــــبَرِ
رُشُّوا على قَبْره ماءً فَصَاحــــــــــبُهُ معطَّشٌ بلِّلُوا أحشاهُ بالقَطـــــــــــــــــرِ
لا تدفُنوا الطفلَ إلاَّ عندَ والِـــــــــــدِه فإنّه لا يُطيقُ اليُتمَ في الصـــــــــــــغرِ
لا تدفُنوا عنهُم العباسُ مبتعــــــــــداً فالرّأس عن جِسمِهِ حتّــى اليدين بَرِي
إنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وسيعلم الذين ظلموا آل محمد أي منقلب ينقلبون والعاقبة للمتقين.
جابر بن عبد الله الأنصاري رحمه الله صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وصل يوم العشرين من صفر إلى كربلاء، زائرا قبر الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.
لما وصل جابر إلى كربلا دنا من شاطئ الفرات (الله أكبر يخاطب الفرات)
جابر علم بمنع الفرات عن أبي عبد الله عليه السلام،
ينظر للفرات، وكأنّي به يقول له: يا فرات أما استحييت من الحسين؟ لما حرمته ماءك؟
يا فرات ألم تسمع أنين وصراخ أطفال الحسين يطلبون الماء؟
اغتسل جابر ولبس ثيابه وتعطّر ثم مشى باتجاه قبر أبي عبد الله الحسين عليه السلام، ولم يخطُ خطوة إلا ذكر الله حتى إذا دنا من القبر قال (لعطيه العوفي وكان معه لأن جابر أعمى البصر) : ألمسنيه، يقول عطية فألمسته، فخرّ على القبر مغشياً عليه، فرششت عليه شيئا من الماء فأفاق وقال : يا حسين ثلاثاً (جميعا بصوت واحد: يا حسين، يا حسين، يا حسين) ثم قال : حبيب لا يجيب حبيبه، وأنّى لك بالجواب وقد فُرِّق بين بدنك ورأسك فأشهد أنك ابن النبيين، وابن سيد المؤمنين، وخامس أصحاب الكساء، وابن فاطمة سيدة النساء، ... فطبت حيّاً وطبت ميّتاً، غير أن قلوب المؤمنين غير طيبة لفراقك، فعليك سلام الله ورضوانه.
ثم التفت وقال مخاطبا الأصحاب: السلام عليكم أيها الأرواح التي حلت بفناء قبر الحسين وأناخت برحله، أشهد أنكم أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وأمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر، وجاهدتم الملحدين، وعبدتم الله حتى أتاكم اليقين، والذي بعث محمداً بالحق لقد شاركناكم فيما دخلتم فيه.
قال عطية : فقلت لجابر : كيف ولم نهبط وادياً، ولم نعلُ جبلاً، ولم نضرب بسيف، والقوم قد فرّق بين رؤوسهم وأبدانهم وأيتمت أولادهم وأرملت أزواجهم ؟
فقال لي : يا عطية سمعت حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : من أحبّ قوماً حُشر معهم، ومن أحب عمل قوم أشرك في عملهم، والذي بعث محمداً بالحق إن نيتي ونية أصحابي على ما مضى عليه الحسين وأصحابه. (ونحن يجب أن تكون نيتنا معهم ونسأل الله أن يحشرنا معهم).
يا عطية أوصيك : أحبب محبّ آل محمد صلى الله عليه وآله ما أحبّهم، وأبغض مبغض آل محمد ما أبغضهم، وإن كان صوّاماً قوّاماً، وأرفق بمحب آل محمد فإنه إن تزل قدم بكثرة ذنوبهم ثبتت لهم أخرى بمحبتهم، فإن محبهم يعود إلى الجنة، ومبغضهم يعود إلى النار.
يقول عطية بينما نحن كذلك وإذا بسواد قد طلع من ناحية الشام فقلت يا جابر هذا سواد قد طلع من ناحية الشام فقال جابر لعبده انطلق إلى هذا السواد واتنا بخبره فإن كانوا من أصحاب عبيد الله بن زياد فارجع إلينا لعلنا نلجأ إلى ملجأ وإن كان زين العابدين فأنت حرّ لوجه الله تعالى.
قال فمضى العبد فما كان بأسرع من أن رجع وهو يقول يا جابر قم واستقبل حرم رسول الله هذا زين العابدين قد جاء بعمّاته وأخواته.
فقام جابر يمشي حافي القدمين مكشوف الرأس إلى أن دنا من زين العابدين عليه السلام، فوقع على قدميه يقبلهما ويقول سيدي عظّم الله لك الأجر بأبيك الحسين..
عظم الله لك الأجر بالعباس..
عظم الله لك الأجر بالأكبر ..
فقال الإمام عليه السلام: أنت جابر؟ فقال: نعم يا ابن رسول الله، فقال: يا جابر ههنا والله قتلت رجالنا وذبحت أطفالنا وسبيت نساؤنا وحرقت خيامنا.
أمّا أمّ المصائب مولاتنا زينب عليها السلام فنزلت من على ظهر الناقة وهي تحمل شيئاً تحت ردائها لا نعلمه، وصلت إلى قبر أبي عبد الله الحسين وأخرجت ذاك الشيء فإذا هو رأس أخيها الحسين عليه السلام.
كأني بها تخاطب المولى أبي عبد الله عليه السلام
جيتك وجبت الراس واياي امن السبي وكانت بيه سلواي
فلما اقتربت من القبر نادت بصوت يقرح القلوب : واأخاه واحسيناه واحبيب رسول الله وابن فاطمة الزهراء وابن علي المرتضى آه ثم آه ووقعت مغشيا عليها
وكأني بها تقول:
يا نازِلين بِكَربلا هل عِنْدكُم خَبَرٌ بقتلانا وما أعْلامُها
مَا حَالُ جُثّة ميّتٍ في أرضِكُم بَقِيت ثلاثاً لا يُزارُ مقامُها
وكأنّي بالجواب:
ما غسّلوه ولا لفّوه في كفن
إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله ألعلي العظيم،
اللهم إنا نسألك وندعوك بحق محمد وأل محمد صلِ على محمد وآل محمد،
اللهم ارزقنا في هذه الدنيا زيارة الحسين وفي الآخرة شفاعة الحسين يا الله،
اللهم عجّل في فرج وليك صاحب العصر والزمان الإمام المهدي عجل الله فرجه،
اللهم احفظ علماءنا ومراجعنا لا سيما الإمام القائد السيد علي الخامنئي يا الله،
اللهم انصر المجاهدين في سبيلك لا سيما مجاهدي المقاومة الإسلامية يا الله،
اللهم ارحم شهداءنا، شهداء المقاومة الإسلامية لا سيما الشهيد السيد عباس الموسوي والشيخ راغب حرب والحاج عماد مغنية،
وإلى أرواحهم الطاهرة وأرواح المؤمنين نهدي ثواب ما قرأناه وثواب سورة الفاتحة مع الصلاة على محمد وآل محمد.
أمانة برامج الجوالة والكشافة
6387قراءة
2016-01-20 19:25:27