آية الدحو
في خطبة لأمير النحل (عليه السلام):
"كبَسَ الأرضَ على مَوْر أمواجٍ مُستَفحِلة، ولُججِ بحارٍ زاخرة، تَلتطمُ أواذِيُّ أمواجِها، وتَصطفِقُ مُتَقاذِفاتُ أثباجِها، وتَرغو زبَداً كالفُحول عند هِياجها، فخَضعَ جِماحُ الماء المتلاطم لثِقَل حملها، وسكنَ هَيْجُ ارتمائه إذا وطِئتْه بكَلْكَلِها، وذلّ مُسْتخذِياً إذ تمعّكت عليه بكواهلِها، فأصبح بعد اصطخاب أمواجه، ساجياً مقهوراً، وفي حَكَمة الذُّلّ منقاداً أسيراً، وسكنت الأرض مَدْحُوّةً في لُجّة تيارِه".
تكشف هذه الخطبة عن يوم عظيم وواقعة جليلة في بديق الخلق الإلهي.
إذ يحمل اليوم الخامس والعشرون من ذي القعدة الحرام عنوان: يوم دَحْو الأرض، لمشهد من مشاهد الخَلْق العظيمة وهي مذكورة في الكتاب العزيز في آيتين:
الاُولى: والأرضَ بعدَ ذلك دَحاها .
الثانية: والأرضِ وما طَحاها .
آية الدحو
قال الله تعالى: { أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السّمَاء بَنَاها رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوّاهَا وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا } سورة النازعات
وتفسر كلمة دحاها في اللغة العربية بما يلي: بسطها، ومدّها، وأوسعها، وجعلها صالحة للسكن.
وقد ورد في هذه الحادثة العظيمة روايات عدّة عن لسان أهل البيت (عليهم السلام)، سنذكر أبرزها:
فعن الإمام الباقر(عليه السلام) أنه قال: «لمّا أراد الله أن يخلق الأرض، أمر الرياح الأربع فضربن متن الماء حتّى صار موجاً، ثمّ أزبد فصار زبداً واحداً، فجمعه في موضع البيت، ثمّ جعله جبلاً من زبد، ثمّ دحا الأرض من تحته، وهو قول الله عزّ وجلّ: (إِنّ أَوّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنّاسِ لَلّذِي بِبَكّةَ مُبَارَكًا)، فأوّل بقعة خُلقت من الأرض الكعبة، ثمّ مُدّت الأرض منها».
وعَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ قَالَ : كُنْتُ مَعَ أَبِي وَ أَنَا غُلَامٌ فَتَعَشَّيْنَا عِنْدَ الرِّضَا ( عليه السَّلام ) لَيْلَةَ خَمْسٍ وَ عِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ .
فَقَالَ لَهُ : " لَيْلَةُ خَمْسٍ وَ عِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ وُلِدَ فِيهَا إِبْرَاهِيمَ (عليه السَّلام) ، وَ وُلِدَ فِيهَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ، وَ فِيهَا دُحِيَتِ الْأَرْضُ مِنْ تَحْتِ الْكَعْبَةِ ، فَمَنْ صَامَ ذَلِكَ الْيَوْمَ كَانَ كَمَنْ صَامَ سِتِّينَ شَهْراً".
وقد شدّدوا (عليهم السلام) على أهمية إحياء ليلة ويوم دحو الأرض، فعن أمير المؤمنين سلام الله عليه: «أن أول رحمة نزلت من السماء إلى الأرض في خمس وعشرين من ذي القعدة فمن صام ذلك اليوم وقام تلك الليلة فله عبادة مئة سنة صام نهارها وقام ليلها وأيما جماعة اجتمعت في ذلك اليوم في ذكر ربهم عز وجل لم يتفرقوا حتى يعطوا سؤلهم وينزل في ذلك اليوم ألف ألف رحمة يوضع منها تسع وتسعون في حلق الذاكرين والصائمين في ذلك اليوم والقائمين في تلك الليلة».
الأنشطة الثقافية
1494قراءة
2016-01-05 15:29:05