12 سنة من العطاء

 

جديد المواضيع

القرآن الكريم >> العصمة في القرآن

العصمة في القرآن

بسم الله الرحمن الرحيم
العصمة في القرآن
المقدِّمة
بسم الله الرّحمن الرّحيم والحمد لله رب العالمين والصَّلاة والسَّلام على سيد الخلق محمَّد وعلى آله الطيّبين الطّاهرين, نظراً لوجود مفاهيم لا تعدُّ ولاتُحصى في القرآن الكريم قابلة للبحث, إخترنا مفهوماً منها للبحث فيه بالمقدار المتاح لنا وهو مفهوم العصمة, ونعرض في هذه السطور تعريف العصمة لغةً واصطلاحاً واستعمال كلمة العصمةفي القرآن, ونستدل في هذا البحث على أنّ عصمة الأنبياء والأئمة المعصومين عليهم السلام هي إختياريَّة وليست جبريَّة وأنّ الأنبياء والأئمة× معصومين منذ الولادة, آملون من الله التوفيق والتسديد فإنَّه خير معتمد.

تعريف العصمة
العصمة لغةً: العِصْمة في كلام العرب: المَنْعُ. و عِصْمةُ الله عَبْدَه: أن يَعْصِمَه مما يُوبِقُه, وعَصَمه يَعْصِمُه عَصْماً: منَعَه و وَقَاه, و اعْتَصَمَ فلانٌ بالله إذا امتنع به[1].
العصمة اصطلاحاً: قال الشيخ المفيد رحمه الله في النكت الاعتقادية: العصمة لطف يفعله الله بالمكلف بحيث يمتنع منه وقوع المعصية وترك الطاعة مع قدرته عليهما ويقول المحقق الشيخ نصير الدين الطوسي رحمه اللهفي كتاب التجريد: ولا تنافي العصمة القدرة فذكر العلامة الحلي رحمه الله في شرح التجريد معنى هذه الجملة، وذكر أقوال الآخرين, ثم ذكر العلامة الحلي رحمه الله في الباب الحادي عشر ما نصه:العصمة لطف بالمكلف بحيث لا يكون له داع إلى ترك الطاعة وارتكاب المعصية مع قدرته على ذلك ويضيف بعض علمائنا كالشيخ المظفررحمه اللهفي كتاب العقائد:بل يجب أن يكون منزهاً عما ينافي المروة، كالتبذل بين الناس من أكل في الطريق أو ضحك عال، وكل عمل يستهجن فعله عند العرف العام[2].
الآيات المشتملة على لفظ العصمة:
Ø {وَ الَّذينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها وَ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فيها خالِدُونَ}[3].
Ø {قالَ سَآوي إِلى‏ جَبَلٍ يَعْصِمُني‏ مِنَ الْماءِ قالَ لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلاَّ مَنْ رَحِمَ وَ حالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكانَ مِنَ الْمُغْرَقينَ}[4].
Ø {يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرينَ ما لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ وَ مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هاد}ٍ[5].

Ø {قالَتْ فَذلِكُنَّ الَّذي لُمْتُنَّني‏ فيهِ وَ لَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَ لَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ ما آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَ لَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرينَ}[6].
تفسير الآيات:
قوله: {ما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ} أي ما لهم عاصم يعصمهم من الله أي من عذابه و فيه نفي لشركائهم الذين يظنونهم شفعاء على وجه ينفي كل عاصم مانع سواء كان شريكاً شفيعاً أو ضداً قوياً ممانعاً أو أي عاصم غيرهما[7].
قوله تعالى: {قالَ سَآوِي إِلى‏ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ قالَ لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} إلخ، قال الراغب: المأوى مصدر أوى يأوي أويا و مأوى تقول: أوى إلى كذا: انضم إليه يأوي أويا و مأوى و آواه غيره يؤويه إيواء، انتهى.
و المعنى: قال ابن نوح مجيباً لأبيه عليه السلام راداً لأمره: سأنضم إلى جبل يعصمني‏و يقيني من الماء فلا أغرق، قال نوح عليه السلام: لا عاصم اليوم- و هو يوم اشتد غضب الله و قضى بالغرق لأهل الأرض إلا من التجأ منهم إلى الله- من الله لا جبل و لا غيره، و حال بين نوح عليه السلام وابنه الموج فكان ابنه من المغرقين و لو لم يحل الموج بينهما و لم ينقطع الكلام بذلك لعرف كفره و تبرأ منه[8].
و قوله: «{َيوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ما لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِم}» المراد به يوم القيامة و لعل المراد أنهم يفرون في النار من شدة عذابها ليتخلصوا منها فردوا إليها كما قال تعالى: {كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها وَ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ}[9].
وقوله: {وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ} اعترفت(زليخة) بالمراودة و ذكرت لهن أنها راودته لكنه أخذ بالعفة و طلب العصمة، و إنما استرسلت و أظهرت لهن ما لم تزل تخفيه لما رأت موافقة القلوب على التوله فيه فبثت الشكوى لهن و نبهت يوسف أنها غير تاركته فليوطن نفسه على طاعتها فيما تأمر به، و هذا معنى قولها: {وَ لَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ}[10].
نستخلص من معاني الآيات أن كلمة عاصم استعملت في معناها اللغوي وهو المانع, والمنع على أقسام منه ما هو منع من الفرار من عذاب الله كما ورَّ في الآية السابقة, ومنه ما هو منع من الله - الله يمنعهم من البقاء على قيد الحياة كقوله تعالى {إنهم مغرقون}- ومنع من ارتكاب السيئات على أنواعها وهو معنى العصمة, وهذه الأخيرة تكون ناتجة عن معرفة المعصوم بسوء المعصية وآثارها الحقيقية التي تخفى علينا في كثير من الأحيان.

الأنشطة الثقافية
1321قراءة
2016-01-05 15:51:58

تعليقات الزوار


إعلانات

 

 

12 سنة من العطاء

إستبيان

تواصل معنا