البدء بالبسملة...لماذا؟
إنَّ التركيز على البدء بالبسملة في مفتتح كلّ سورة منهج رباني، أدَّب الله سبحانه
وتعالى به عباده، لكي يبدأوا أمورهم كلّها باسم الله سبحانه.
ومن شأن هذا "الحضور اللفظي" لله سبحانه أمام كلّ أمر أن ينتهي إلى "الحضور
الذهني" و"الحضور العملي" له تعالى في حياة الإنسان.
ولكي نلقي الضوء على هذه الحقيقة نقول:أنّ لكل شيء وجودات أربعة:
١- الوجود الخارجي: وهو وجود الشيء في متن الأعيان بحيث تترتب عليه آثاره الخارجية المترقبة منه.
٢-الوجود الذهني: هو وجود الشيء في صفحات الأذهان بحيث لا تترتب عليه آثاره الخارجية المترقبة منه.
فالنار بوجودها الخارجي تعطي الدفء والضوء والحرارة، بينما لا تترتب عليها هذه الآثار بوجودها الذهني.
٣-الوجود اللفظي: وهو عبارة عن الرموز اللفظية التي تمَّ تواضع العرف عليها للإشارة إلى حقيقة من الحقائق الخارجية والذهنية.
٤-الوجود الكتبي: وهو عبارة عن الرموز الكتبية التي وضعت للإشارة إلى حقيقة من تلك الحقائق.
وهذه الوجودات مترابطة فحالات بعضها تؤثر في حالات البعض الآخر ووجود بعضها
من شأنه أن يستتبع وجود البعض الآخر.
فالوجود اللفظي لحقيقة من الحقائق يترابط عادة مع الحضور الذهني لتلك الحقيقة ،
والحضور الذهني لها كثيراً ما ينتهي إلى الحضور العملي لتلك الحقيقة في حياة
الإنسان.
وهذا ما يؤكد عليه علماء الأخلاق حين يقولون: إنّ التلقين مؤثر في توجيه السلوك
الإنساني، فالذي يقول لنفسه كل صباح: "إنني شجاع" قد يصبح شجاعاً بالفعل في
حياته العملية.
وعلى أساس ذلك نقول:
إنّ الحضور الإلهي اللفظي أمام كل عمل يقوم به الإنسان، من طبيعته أن يؤدي إلى
الحضور الإلهي المستمر في ذهن الإنسان. والحضور الذهني لله تعالى في الذهن
كثيراً ما ينتهي إلى الحضور العملي لله تعالى في سلوك الإنسان، فلا يخطو خطوة إلّا
ويرى الله قبلها، ويحاول أن يكيّف سلوكه الخارجي وفق ما يريده الله سبحانه.
من هنا يقول القرآن الكريم:
{إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}.
ومن هنا أيضاً، نجد التركيز الكبير على الذكر اللفظي لله سبحانه في مختلف حالات
الإنسان.
فهناك ذكر معيّن عند اليقظة من المنام، وآخر عند الوضوء، وثالث عند الصلاة، ورابع
عند البدء بالطعام، وخامس عند الإنتهاء من الطعام.....
اللهـــم أعنّا علي ذكرك وشكرك وحسن عبادتك..واجعلنا من الذاكرين لك الشاكرين لنعمك الحافظين لكتابك.
الأنشطة الثقافية
1490قراءة
2016-01-07 08:25:45
fatimaM |