شهر رمضان وربيع القرآن
ورد في خطبة النبي (ص) في استقبال شهر رمضان المبارك : " .. ومن تلا فيه آية من القرآن كان له أجر من ختم القرآن في غيره من الشهور " .
أحباءنا الكشفيين : تؤكد الروايات الواردة عن أهل البيت (ع) أن تلاوة القرآن تعتبر من أفضل الأعمال في ليالي شهر رمضان المبارك وأيامه كما ورد في الحديث : إن لكل شيء ربيعاً وربيع القرآن هو شهر رمضان .
ولأهمية هذا الموضوع لا بد لنا نحن الكشفيين أن يكون القرآن الكريم موضع اهتمام من جانبنا خاصة وأن أحد الأهداف الأساسية لجمعيتنا الكريمة هو ربط الكشاف بمسيرة القرآن .
لذا سنذكر فيما يلي فضل تلاوة وآداب القرآن سائلين المولى أن يوفقنا لتلاوة وفهم كتابه الكريم :
قال الله تعالى في كتابه الكريم : إنَّ الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سِرَّاً وعلانية يَرجُونَ تجارَةً لن تبور فاطر/29 ".
القرآن كتاب الله تعالى ، وكلماته كلام الله ، وكلام الله ليس كأي كلام ، فما يصدر عن جهة إنما يعبِّر عنها وما يصدر عن الله ، فعن الله يحكي وعنه يعبر وعليه يدل ، وفضل هذا الكلام ليس كفضل شيء لأن الله هو النور المطلق والأصل لكل نور الله نور السموات والأرض " النور/ 35 ".
لذا ينبغي إقامة برامج تلاوة القرآن وتعلم أحكامه والعمل بها للحصول على النور والفضل المختزن في هذه الذخيرة الإلهية . وإن تلاوة هذا الكلام والاستماع إليه يرتبط بفضل الكلام وقائله ، الذي حدده رسول الله (ص) في قوله :
" فضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه " ومن ارتبط به أو تلاه أو عمل به حاز على فضله .
لما سمعت الملائكة القرآن قالت : طوبى لأمة ينزل عليها هذا ، وطوبى لأجواف تحمل هذا ، وطوبى لألسنة تنطق بهذا ، طوبى للأمة ، طوبى للقلوب والعقول طوبى للألسنة والأعين والآذان ، لأنها حازت على شرف القرآن من خلال ارتباطها به.
فضل تلاوة وتعلم القرآن الكريم
عن فضل التلاوة وأهميتها يقول رسول الله (ص) : " نوِّروا بيوتكم بتلاوة القرآن ولا تتخذوها قبورا " . فمن لا يقرأ القرآن وليس من أهله ولا يستأنس به فهو ميت وبيته قبر من القبور ، فالرسول (ص) يقول لا تجعلوا بيوتكم مظلمة بهجر القرآن الذي هو مصدر النور بل نوّروها بتلاوته ، واجعلوها مهبطاً للملائكة ومورداً للرحمة الإلهية .
الإمام الصادق(ع) يشير إلى المقام والشأن الذي يصبح عليه البيت الذي تتم فيه تلاوة القرآن في قوله :
" إن البيت الذي يتلى فيه القرآن يتراءى لأهل السماء كما يتراءى لأهل الأرض الكوكب الدري في السماء " .
وأما تعلم الفرآن وتعليمه فهو من أشرف الأعمال وأزكاها ومن أوليات ما ينبغي للمؤمن الخوض فيه وتحصيله فقد ورد في الحديث الشريف : " خياركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه "
. وقد جاء عن الإمام الصادق (ع) : " ينبغي للمؤمن أن لا يموت حتى يتعلم القرآن أو يكون في تعلمه " ، ذلك أنّ القرآن الكريم كما في الحديث هو " مأدبة الله فتعلموا مأدبته ما استطعتم " .
لهذا كان القرآن أولى بالتعلم والتعليم وأعظم في الأجر والثواب من كافة العلوم مهما عظمت وخطرت .. قال رسول الله (ص) : ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة " .
آداب تلاوة القرآن الكريم
لتلاوة القرآن وسماعه آداب وشروط تؤدي مراعاتها لتحقق الاستفادة أكثر ، ويحصل منها المطلوب من فائدة ورضا الله تعالى ، وهذه الآداب هي :
1_ الطهارة ، فإن كلام الله طاهر مطهّر صحفاً مطهرة ولا تصح ملاقاته إلا بطهارة لأنه لا يمسه إلا المطهرون
فالطهارة مطلوبة لعظمة القرآن ولعظمة الوقوف بين يدي الله تعالى وبحضرة قدسه ، ولأنه سبحانه قد جعل ثواب تلاوة كتابه على وضوء أضعاف ثواب تلاوته على غير وضوء ، قال أمير المؤمنين (ع) : " من قرأ القرآن وهو على وضوء كان له بكل حرف خمس وعشرون حسنة ... ومن قرأ القرآن على غير وضوء فله بكل حرف عشر حسنات ."
2_ الإستعاذة : أن يفتتح القراءة بالتعوذ من الشيطان الرجيم ، بحسب الأمر الإلهي فإذا قرأتَ القرآنَ فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم " النحل / 98 " وحكمتها أنها تطهر اللسان مما جرى عليه من ذكر غير الله تعالى .. وتنظف حجرة القلب من تلوث الوسوسة الصارف عن ذكر الله تعالى ، وبعد الإستعاذة يشرع بالقراءة بادئاً بالبسملة لأنها مفتاح كل عمل وجزء من كل سورة .. حتى إذا فرغ من التلاوة قال : صدق الله العلي العظيم .
3_ استقبال القبلة ، والجلوس في مكان خال وحسن بخشوع واطمئنان بال ليتأثر بالقراءة ولا ينشغل بشيء ، فعن الإمام الصادق (ع) : " فقارئ القرآن يحتاج إلى ثلاثة أشياء : قلبٌ خاشِعٌ ، وبَدَنٌ فارِغٌ ، وموضعٌ خالٍ ، فإذا خشع قلبُهُ فرَّ منه الشيطانُ الرجيم " .
4_ تنظيف الفم من الروائح الكريهة ، لقول رسول الله (ص) : "نظّفوا طريق القرآن " قيل يا رسول الله وما طريق القرآن ؟ قال (ص) : " أفواهكم " قيل بماذا ؟ قال (ص) : بالسواك . لأن الملك يأتي فيضع فمه على فم القارئ ويتلقى منه ما يقرأ من كلمات الله فإذا تصاعدت روائح الدنيا من فم القارئ ينصرف الملك عنه .
5_ الترتيل في القرآن ، بمعنى التلاوة بهدوء وتأثر دون عجلة كي يتمكن من الفهم والاستيعاب ، فيعمل على تحسين القراءة وتزيينها بالترتيل والأداء الجميل طبق الطرق الإلهية ورتِّل القرآن ترتيلا وكذلك كان إرشاد النبي (ص) " زيَنوا القرآن بأصواتكم " ذلك أن الصوت الحسن يترك أثراً في قلب القارئ والمستمع على حدٍ سواء ، قال رسول الله (ص) : " إن مِن أحسن الناس صوتاً بالقرآن الذي إذا سمعتموه يقرأ حسبتموه يخشى الله " وقد عرّف الإمام الصادق (ع) هذا الترتيل بقوله : " هو أن تمكث وتحسِّن به صوتك " أي أن تقرأه بإمعان دون استعجال لأن ذلك آكد في التدبر وأشد تأثيراً في القلب .
6_ القراءة بحزَن ليتأثر القلب ويستكين ، بحسب الأحاديث الشريفة : " اقرءوا القرآن بحزَن " و " إن القرآن نزل بحزَن فإذا قرأتموه فتحازنوا " وقد يستحضر الإنسان الحزن من خلال نظره إلى عظيم قدرة الله ولطيف صنعه وإعجابه فيخشع ويخضع ويرق لضعفه أمام عظمة خالقه .ولا بد مع هذه القراءة من ذرف الدمع وسكب العبرات دلالة على التأثر والانفعال ، ويؤكد عليها النبي (ص): " ما من عين فاضت من قراءة القرآن إلا قرّت يوم القيامة ".
7_ الجهر بالقراءة ، إن كان في مكانٍ خالٍ لا يشوش على أحدٍ من مصلٍّ أو متعلم أو قارئ ، ويأمن من نفسه الرياء ، ودليل ذلك قوله (ص) : " إذا قام أحدكم من الليل فليجهر بقراءته ، فإن الملائكة وعمَّار الدار يستمعون إلى قراءته ويصلّون بصلاته " وحكمته أن الجهر بالقراءة يوقظ قلب القارئ ويجمع همه إلى الفكر فيه ويصرف إليه سمعه فيكون متوجهاً إليه بشكل كامل .
وفقنا الله لصيام شهر رمضان وقيامه ولتلاوة كتابه إنه قريب مجيب الدعاء
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
مهدي
1838قراءة
2016-01-20 17:27:33