قصص قرآنيّة
قصّة النبي نوح عليه السلام
{وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا ۚ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ * وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ ۚ قَالَ إِن تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ}
سورة هود - الآيتين 37 و38
كان نسيمُ الصحراء الهادئ يلفح شعر ذاك الرجل الأبيَض الذي كان منهمكًا كعادته في بناءِ سفينته الضّخمة.
كانت علامات الوقار والهيبة تشعّان من وجهه المُتعَب لكن رغمَ تعبه يُثابِر على إنجازِ مشروعه وسطَ الصّحراء.
كان أمرهُ غريبًا جدًا يبني سفينة ضخمة وسط الصحراء حيث لا بحر ولا نهر! ممّا دفعَ قوم ذلك البلد إلى السُخرية من هذا الشيخ الكبير والتقليل من شأنهِ، وكانوا يقولون: "لقد خرِف نوح! إنّه يصنع سفينةً في الصحراء".
وبعضهم يقول: "يا لهُ من نجّارٍ مجنون".
وآخر يقول: "يا نوح ماذا تفعل؟ أينَ البحر الذي ستُبحر فيهِ هذه السّفينة؟".
{وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ ۚ قَالَ إِن تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ}.
لكنّ الأمر الذي كان يخفى على هؤلاء القوم أنّ مشروع السفينة رسالةٌ من الله تعالى إلى نوح نبيّه الذي أمره ببنائها قبل حدوث الطوفان لإنقاذ المؤمنين والحيوانات من طوفانٍ قويّ لن يُبقي كافرًا على وجه الأرض.
نوحٌ هو نبي الله تعالى أرسله إلى قوم يعبدون الأصنام يصنعونها بأيديهم ويصلّون لها، كانت مهمته أن يعلّمهم عبادة الله الواحد وكان نجّارًا ماهرًا في عمله.
ظلّ يحذّرهم من عبادة هذه الحجارة ويكلّمهم عن الله اللطيف خالق الشمس والأشجار الرياح والحجارة، خالق كلّ شيء.
لكنّهم كانوا يضعون أصابعهم في آذانهم ويرفضون دعوته.
استمرت دعوت 950 عامًا كان خلالها يدعوهم ليل نهار سرًا وعلنًا، لكن أحدًا لم يؤمن إلا القليلون من الفقراء والمستضعفين.
تحمّل نوح شتّى أنواع السخرية والاستهزاء والتآمر عليه.
إلا أنّه ع كان يأسف لحالهم ويبكي عليهم لأنّهم سيموتون كفارًا.
في يومٍ من الأيّام، جاءه الملاكُ من السماء وقال له: " لا تُتعب نفسكَ، هؤلاء ملعونون لن يؤمنوا أبدًا!
وأخبره رسالة الله تعالى وهي صنع سفينة كبيرة.
لقد ثابرَ على بنائها وساعده المؤمنون في ذلك متحمّلين التعب وسخرية الكافرين التي ازدادت ليُنقذوا أنفسهم من الطوفان الموعود.
وبعد سنواتٍ من المثابرة والجهد في العمل أنهى نوحٌ سفينته التي صارت جاهزةً للإبحار والتي سيركبُ فيها المؤمنون وسيضعُ فيها الحيوانات من كلّ زوجين اثنين كي لا تنقرض.
استيقظ الناس في يومٍ كانت السّماء فيها تزدحمُ بالغيوم السوداء وكان الجوّ مظلمًا جدًا.. إنّه اليوم الموعود، يوم خلاص المؤمنين وهلاك الكافرين.
بعد أن أُدخلت جميع أنواع الحيوانات والطيور في السفينة وركب المؤمنين، فجأةً هطلَ المطر بغزارة في الصحراء وتحولت الوديان إلى أنهارٍ وصارت المياه تنزل من أعالي الجبال.
فرّ القوم الذين يعبدون الأصنام إلى الجبال كي لا تصل المياه إليهم ظنًّا منهم أنّ الجبال سوف تنقذهم وظلّوا مصرّين على تكذيبهم نوح (عليه السلام).
وكان لنوحٍ ولدٌ لا يعبد الله تعالى دعاه عليه السلام في وقت الطوفان للركوب في السفينة علّه ينجو وحذّره من الغرق إذا لم يفعل، لكن لم يطع الولد أباه وظلّ يسبحُ بعيدًا.
ابتلعَت الأمواج القويّة كلّ شيء، وخاف المؤمنون أن تصل المياه إلى السفينة لشدّتها ولغزارة الأمطار فصاروا يدعون الله تعالى أن ينقذهم من هذا الطوفان.
وبعد أربعين يومًا من الطوفان وهطول الأمطار، أشرقت الشمس وتوقّف المطر وحطّت السفينة على جبلٍ يسمى الجوديّ ونزلوا منها بسلامٍ آمنين.
{وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا ۚ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ}
هكذا صدق الله تعالى وعده الذي وعد به النبي نوحٍ عليه السلام والمؤمنين وتطهّرت الأرض من الشرّ والظلم وعاش المؤمنون بسلامٍ ورحمة.
برامج
2281قراءة
2019-10-31 15:05:26