هاربٌ منك إليك!!!
حكي أنّه أتى رجل إلى إبراهيم بن أدهم (أحد الرجال الزاهدين) فقال: إني مسرف على نفسي.. فاعرض عليّ ما يكون لها زاجراً.. أو مستنقذاً...
قال إبراهيم: إن قبلت مني خمس خصال فقدرت عليها لم تضرك المعصية؟
قال الرجل: ما هي؟
قال إبراهيم: أما الأولى فإن أردت أن تعصي الله عز وجل فلا تأكل رزقه!
قال: فمن أين آكل وكل ما في الكون من رزقه ونعمه؟!
قال إبراهيم: أفيحسن بك أن تأكل رزقه وتعصيه؟!
قال الرّجل: لا.
قال إبراهيم: وأما الثانية فإن أردت أن تعصيه فلا تسكن شيئاً من بلاده..
قال الرجل: إنّ هذه أعظم من الأولى يا أبا إسحاق! إذا كان المشرق والمغرب وما بينهما له فأين أسكن؟
قال إبراهيم: يا هذا.. أفيليق بك أن تأكل من رزقه وتسكن بلاده وتعصيه؟!
قال: لا.
وأما الثالثة: فإن أردت أن تعصيه فانظر موضعاً لا يراك فيه... فاعصيه فيه...!
قال الرجل: ما هذا الذي تقوله وهو سبحانه مطلع على ما في السرائر والخفيات، أفيخفى عليه هذا الموضع!
قال إبراهيم: أفيحسن بك أن تأكل رزقه وتسكن بلاده وتعصيه وهو سبحانه يراك ويعلم ما تجاهر به وما تخفي!
وأما الرابعة: فإن أردت أن تعصيه فإذا جاءك ملك الموت ليقبض روحك فاطلب منه التأخير حتى تتوب!
قال الرّجل: هل تستهزئ مني إنه لا يقبل مني بلا شك!
قال إبراهيم: إذا كنت لا تقدر أن تدفع عنك الموت لتتوب وأنت تعلم أنه إذا جاء ملك الموتلم يكن هناك تأخير فيما أمر به، فكيف ترجو وجه الخلاص!
قال: نعوذ بالله من شرور أنفسنا وأعمالنا..
وأما الخامسة: فإن أردت أن تعصيه إذا جاءك الزبانية يوم القيامة ليأخذوك إلى النار... فلا تذهب معهم...!
قال الرجل: لا يقبلون مني!.. يفعلون ما يؤمرون ولا يعصون للع تعالى أمراً.
قال إبراهيم: إذاً كيف ترجو النجاة والسلامة...!!!
قال الرجل: يا أبا إبراهيم، حسبي أنا أستغفر الله وأتوب إليه.
نعم فالله عزّ وجل محيط بكل شيء وكل شيء تحت سيطرته؛ فهو مبدأ كل شيء وإليه معاد كل شيء، فإلى أين الفرار!
ولا يمكن الفرار من حكومتك!
أجل... أجل...
يمكن الفرار من الله ولكن كيف؟؟؟
لا يوجد طريق للفرار منه إلا إليه... إلى الله
هارب منك إليك... هارب منك إليك
وهذا أعظم ما يقوم به الإنسان من أجل خلاصه والنجاة في الآخرة.
الأنشطة الثقافية
1180قراءة
2016-01-07 14:41:09