الغدير أعظم مناسبة
إن قضية الغدير ليست قضية تاريخية بحتة، بل إنها ملمح من ملامح الجامعية الإسلامية. وإذا ما افترضنا أن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) لم يترك للأمة منهاجاً لبناء مستقبلها بعد عشر سنوات أمضاها في تحويل ذلك المجتمع البدائي الملوث بالعصبيات والخرافات إلى مجتمع إسلامي راقٍ، بفضل سعيه الدؤوب، وما بذله أصحابه الأوفياء من جهود، لظلت كل تلك الإنجازات مبتورة وبلا جدوى.
وبما أنّ إتمام إرشاد العالمين وهدايتهم إلى الصراط المستقيم بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله) لا بد أن يكتمل، كان لا بدّ من خارطة طريق بعد الرسول (صلى الله عليه وآله)، وهذا أمر طبيعي...
وهذا هو عين ما فعلى رسول الرحمة (صلى الله عليه وآله) في يوم الغدير، حيث نصّب للولاية خليفة لا نظير له، هو أمير النحل هو أمير المؤمنين علي (عليه السلام)؛ لما كان يتمتع به من شخصية إيمانية وأخلاق سامية حميدة، وروح جهادية ثورية عسكرية متميزة، وسلوك راقٍ مع كافة الناس، وقد بايعه المسلمون على الولاية بأمر من نبيهم (صلى الله عليه وآله).
"بخٍ، بخٍ لكَ يا علي لقد أصبحت مولانا ومولى كل مؤمن ومؤمنة".
لم يكن تنصيب علي (عليه السلام) أمراً جاء به رسول الله (صلى الله عليه وآله)، بل كان هداية ربانية وأمراً من رب السماء، وتنصيباً منه عز وجل.
لقد كان أمراً إلهياً صريحاً للرسول (صلى الله عليه وآله) فقام بتنفيذه وإطاعته. وهذه هي قضية الغدير، أي بيان جامعية الإسلام وشموليته، وذلك الأمر الذي لا تتم هداية الأمة الإسلامية وزعامتها إلا به.
فما هو ذلك الأمر؟؟
إنها تلك الأشياء التي تجسدها شخصية أمير المؤمنين (عليه السلام) أي التقوى والتدين والرسوخ في الإيمان، وعدم التوكل إلا على الله، وعدم السير إلا في سبيله، والجد والاجتهاد في طريق الحق والاتصاف بالعلم، والتمتع بقدرة العزم والإرادة.
لقد نُصب أمير المؤمنين (عليه السلام) لا تصافه بتلك الخصوصيات، التي باتت لا زمة في كل زعيم للأمة الإسلامية، أي أن هذا النموذج الأمثل للقائد الإسلامي إلى الأبد؛ وهو ما تجسد في الاصطفاء الإلهي لأمير المؤمنين (عليه السلام). والغدير هو هذه الحقيقة.
الأنشطة الثقافية
1173قراءة
2016-01-07 15:05:19