اللهم وال وليه
كان جبرئيل (ع) في حجة الوداع وظروفها المصيرية ينزل على النبي (ص )بأوامر ربه.. وكان مما قال له في المدينة: "يا محمد إن الله (عز وجل) يقرؤك السلام ويقول لك إنه قد دنا أجلك، وإني مستقدمك عليَّ، ويأمرك أن تدل أمتك على حجهم، كما دللتهم على صلاتهم وزكاتهم وصيامهم."
وحج النبي (ص )بالمسلمين... وفي آخر أيام الحج نزل عليه جبرئيل (ع) بأن: "الله تعالى يأمرك أن تدل أمتك على وليهم، فاعهد عهدك، واعمد الى ماعندك من العلم وميراث الأنبياء فورثه إياه، وأقمه للناس علماً، فإني لم أقبض نبياً من أنبيائي إلا بعد إكمال ديني، ولم أترك أرضي بغير حجة على خلقي...الخ.
فأخذ النبي (ص )يفكر في طريقة الإعلان، لذلك قرر أن ينفذ هذا الأمر الإلهي بعد رجوعه إلى المدينة..
ورحل النبي (ص )من مكة وفي اليوم الثالث من مسيره، جاءه جبرئيل (ع) لخمس ساعات مضت من النهار، وقال له: يا محمد إن الله عز وجل يقرؤك السلام ويقول لك { يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك، وإن لم تفعل فما بلغت رسالته، والله يعصمك من الناس، إن الله لايهدي القوم الكافرين }. فخاف النبي (ص ) وخشع لربه، وتَسَمَّرَ في مكانه، وأصدر أمره إلى المسلمين بالتوقف، وكان أولهم قد وصل إلى مشارف الجحفة، وهي على بعد ميلين أو أقل من كراع الغميم، ولكن النبي (ص) أراد تنفيذ الأمر الإلهي المشدد فوراً، في مكان نزول الوحي..
قال (ص )للناس أنيخوا ناقتي فوالله ما أبرح من هذا المكان حتى أبلغ رسالة ربي.. وأمرهم أن يردوا من تقدم من المسلمين إليه، ويوقفوا من تأخر منهم حين يصلون إليه..
ونزل الرسول عن ناقته، وكان جبرئيل إلى جانبه، ينظر إليه نظرة الرضا، وهو يراه يرتجف من خشية ربه، وعيناه تدمعان خشوعاً وهو يقول: تهديدٌ.. ووعدٌ ووعيدٌ.. لأمضين في أمر الله، فإن يتهموني ويكذبوني فهو أهون علي من أن يعاقبني العقوبة الموجعة في الدنيا والآخرة !
وقبل أن يفارقه جبرئيل أشار إليه على يمينه فإذا دوحة أشجار.. فودع النبي جبرئيل ومال إليها، وحطَّ رحال النبوة عند غدير خُمّ.
قال بعض المسلمين: فبينما نحن كذلك، إذ سمعنا رسول الله (ص)وهو ينادي: أيها الناس أجيبوا داعي الله.. فأتيناه مسرعين في شدة الحر، فإذا هو واضعٌ بعض ثوبه على رأسه.
ونزل المسلمون حول نبيهم (ص)، وكان ذلك اليوم قائظاً شديد الحر، فأمرهم أن يكسحوا تحت الأشجار لتكون مكاناً لخطبة الولاية، ثم للصلاة في ذلك الهجير، وأن ينصبوا له أحجاراً كهيئة المنبر، ليشرف على الناس، فيرونه ويسمعهم كلامه..
ورتب المسلمون المكان والمنبر، ووضعوا على أحجاره حدائج الإبل، فصار منصة أكثر ارتفاعاً، وحسناً..
وورد المسلمون ماء الغدير فشربوا منه، واستقوا، وتوضؤوا..
وتجمعوا لاستماع خطبة نبيهم (ص)قبل الصلاة..
عرفوا أن أمراً قد حدث، وأن النبي (ص)سيخطب.. فقد نزل عليه وحيٌ أو حدث أمرٌ مهمٌ أوجب أن يوقفهم في هذا الهجير، ولا يصبر عليهم حتى يصلوا إلى مدينة الجحفة العامرة، التي تبعد عنهم ميلين فقط !
لم يدم طويلاً تطلع المسلمين إلى ما سيفعله النبي (صلى الله عليه وآله ) وما سيقوله.. فقد رأوه صعد على منبر الأحجار والأحداج، وبدأ باسم الله تعالى وأخذ يرتل قصيدة نبوية في حمد الله تعالى والثناء عليه.. ويشهد الله والناس على عبوديته المطلقة لربه العظيم.
ثم قدم لهم عذره، لأنه اضطر أن ينزلهم في مكان قليل الماء والشجر، وأخبرهم (ص )أن جبرئيل (ع) نزل عليه في مسجد الخيف، وأمره أن يقيم علياً للناس.. ثم قال لهم: إن الله عز وجل بعثني برسالة فضقت بها ذرعاً، وخفت الناس أن يكذبوني، فقلت في نفسي من غير أن ينطق به لساني أمتي حديثوا عهد بالجاهلية، ومتى أخبرتهم بهذا في ابن عمي، يقول قائل، ويقول قائل! فأتتني عزيمة من الله بتلة (قاطعة) في هذا المكان، وتواعدني إن لم أبلغها ليعذبني. وقد ضمن لي تبارك وتعالى العصمة من الناس، وهو الكافي الكريم، فأوحى إلي ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك، وإن لم تفعل فما بلغت رسالته، والله يعصمك من الناس، إن الله لايهدي القوم الكافرين).
ثم قال (ص ): لاإله إلا هو، لايؤمن مكره، ولا يخاف جوره، أقرُّ له على نفسي بالعبودية، وأشهد له بالربوبية، وأؤدي ما أوحى إلي، حذراً من أن لاأفعل فتحل بي منه قارعةٌ، لايدفعها عني أحدٌ، وإن عظمت حيلته.أيها الناس إني أوشك أن أدعى فأجيب، فما أنتم قائلون ؟
فقالوا نشهد أنك قد بلغت ونصحت.
فقال أليس تشهدون أن لاإله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأن الجنة حقٌ وأن النار حقٌ وأن البعث حق ؟
قالوا يا رسول الله بلى.
فأومأ رسول الله إلى صدره وقال وأنا معكم.
ثم قال رسول الله أنا لكم فرط، وأنتم واردون عليَّ الحوض، وسعته ما بين صنعاء إلى بصرى، فيه عدد الكواكب قِدْحان، ماؤه أشد بياضاً من الفضة.. فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين.
فقام رجل فقال يا رسول الله وما الثقلان ؟
قال الأكبر كتاب الله، طرفه بيد الله وسبب طرفه بأيديكم، فاستمسكوا به ولا تزلوا ولا تضلوا.والأصغر عترتي أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض.. سألت ربي ذلك لهما، فلا تقدموهم فتهلكوا، ولا تتخلفوا عنهم فتضلوا، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم. أيها الناس ألستم تعلمون أن الله عز وجل مولاي، وأنا مولى المؤمنين، وأني أولى بكم من أنفسكم ؟
قالوا بلى يا رسول الله.
قال قم يا علي. فقام علي، وأقامه النبي (ص )عن يمينه، وأخذ بيده ورفعها حتى بان بياض إبطيهما، وقال: "من كنت مولاه فعلي مولاه. اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيث دار.... ". ألا فليبلغ الشاهد الغائب.
ثم لم يتفرقوا حتى نزل قوله تعالى اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً. فقال(ص) الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة، ورضى الرب برسالتي، وولاية علي بعدي..
ونزل عن المنبر، وأمر أن تنصب لعلي خيمة، وأن يهنئه المسلمون بولايته عليهم..
يناديهمُ يـوم الغديـر نبيُّهـــُــمْ ***** بخمٍّ فأسمع بالرسول مناديـــا
يقول فمن مولاكم ووليُّكُـــــمْ ***** فقالوا ولم يبدوا هناك التعاميا
إلهك مـولانا وأنت وليـــــــنـا ***** ولم تر منا في الـولاية عاصيا
فقال له قم يا عـــليُّ فإننـــي ***** رضيتك من بعدي إماماً وهاديا
فمن كنت مولاه فهذا وليــــه ***** فكـونوا له أنصار صدق مواليا
هناك دعـا اللهم وال وليــــه ***** وكن للذي عــــادى علياً معاديا
الأنشطة الثقافية
1216قراءة
2016-01-07 15:07:57