قصّة السلطان الكافر والوزير المؤمن
يُحكى أنّه كان في قديم الز مان ملكٌ كافرٌ، وكان له وزيرٌ موحّدٌ مؤمنٌ.
وذات يومٍ، فكّر الوزير بطريقةٍ لهداية الملك وحمله على التفكير، فأمر بإقامة بناءٍ فخمٍ في صحراءٍ مقفرةٍ، وأمر أن تُغرس حوله أنواع الشجر والورود، وبعد اكتمال البناء والغرس، مرّ الملك والوزير في طريقهم إلى الصيد بالقرب من ذلك البناء، فتع جّب السلطان وسأل:
من بنى هذا؟ لقد مررت من هنا كثيرًا وما رأيت بناء!؟
فقال الوزير: لعلّه وُجِد صدفةً دون أن يبنيه أحد.
فقال الملك: وهل هذا ممكنٌ أو معقولٌ؟
قال الوزير: نعم! فهنا مجرى السيل، ولعلّ السيل اقتلع الصخور من الجبال، وتكسرت في الطريق، واقتلع الأشجار من الغابة فتقطّع بعضها ليصبح أبوابًا وبقي البعض الآخر سالمًا لينغرس هنا، والطين احتمله السيل، وعندما وصل الجميع إلى هنا، انتظم هذا البناء بهذا الشكل.
فقال السلطان: ما من عاقلٍ يقبل بهذا الكلام، إنّ هذا البناء يشهد بأنّ مهندسًا ومعمارًا مدركين عاقلين بنياه.
يجب أن تبحث عمّن بنى هذا البناء هنا.
قال الوزير: أنت تقول إنّ العاقل لا يمكنه التصديق بأنّ بناءً كهذا وُجِدَ من غير صانعٍ مدركٍ وعاقلٍ، فهل هذا البناء أكثر أهمّيّةً من بناء جسدي وسائر الناس والحيوانات، وأنواع النباتات، وعالم الوجود، بهذا النظام البديع المحيّر؟ فهل يا ترى يمكن لعاقلٍ أن يقول: إنّ هذا كلّه وُجِد صدفةً، وأنّ ليس له علّةٌ ومُنشِيءٌ مريدٌ، عالمٌ، وذو إرادةٍ وعلمٍ غير محدودين؟
وهكذا استطاع الوزير بهذا العرض الطريف، أن يحرّك فطرة الملك فأشرق نورها في نفسه وعرف به ربّه.
الأنشطة الثقافية
1689قراءة
2016-01-08 19:02:40