الأحكام الشرعية للصوم
أحكام شهر رمضان
الصوم من أقدس العبادات، وهو من أهم عوامل تثبيت الإخلاص في قلب الإنسان المؤمن:
"وجعل. . . الصيام تثبيتاً للإخلاص"
خطبة السيدة الزهراء
وكما للصيام شروط قبول فإنَّ له شروطاً عديدة للصحة، وهي الأحكام الشرعية التي ينبغي مراعاتها كي يأتي صحيحاً. وهذه الأحكام لتعدُّدها وتفصيلها نتعرّض لما هو محل الإبتلاء منها، وبأسلوب مبسّط، ليكون معيناً للصائمين في عدم إبطال صيامهم المبارك.
أحكام يوم الشك
يوم الشك هو اليوم المردَّد بين كونه آخر يوم من شعبان أو أول يوم من شهر رمضان. (03 شعبان أو 1رمضان).
1 ـ لا يجب الصوم في يوم الشكّ.
2 ـ لا يجوز صوم يوم الشك على أنَّه من شهر رمضان، ويكون الصوم باطلاً بهذه النيّة حتّى لو انكشف أنَّ اليوم كان من شهر رمضان.
3 ـ يصح الصوم بنيّة الترديد، وهي بأن ينوي أنَّه إن كان من شهر رمضان فالصوم واجب أدائي، وإن كان من شعبان فهو مستحب، أو واجب قضائي، وذلك بحسب اشتغال ذمّته.
4 ـ إذا كان المكلف ناوياً للإفطار في يوم الشك، ثمّ انكشف أنّ هذا اليوم من شهر رمضان، فهنا صورتان
أ.إن كان قبل تناول المفطر، وكان قبل الزوال يجب الصوم مع النيّة، ولا يجب القضاء.
ب.وإن كان بعد تناول المفطر، أو كان بعد الزوال يجب الإمساك بقيّة النهار تأدّباً ثمّ القضاء دون كفارة.
5 ـ لو نوى صوم يوم الشك على أنَّه من شعبان، ثمّ انكشف أنَّه من شهر رمضان يعدل بنيّته، ويصح عن شهر رمضان.
6 ـ يصحّ الصوم بنِيّة (عمَّا في الذمة) أو (امتثالاً لأمر الله) في يوم الشكّ.
7 ـ يجب صوم يوم الشكّ المردَّد بين كونه آخر يوم من شهر رمضان أو أول يوم من شهر شوال وينوي أنّه من شهر رمضان.
شرائط وجوب الصوم
وهي الشروط التي إذا تحقّقت يصبح الصيام واجباً على الإنسان
العقل: أن لا يكون الإنسان مجنوناً
البلوغ: أن تكون تحقّقت لديه إحدى العلامات الدالة على كونه أصبح مكلّفاً بالأحكام الشرعيّة.
الحضر: أي عدم كونه مسافراً بالمعنى الشرعي.
عدم الإغماء: أن لا يكون فاقداً لوعيه بحيث لا تحصل منه النيّة.
عدم المرض: أن لا يكون لديه مرض بحيث يضرّه الصوم.
الخلو من الحيض والنفاس: أن لا تكون المكلّفة في فترة الحيض أو النفاس.
أحكام النيّة
النيّة هي الدافع والباعث والداعي للعمل
1 ـ تجب نيّة الصوم قبل طلوع الفجر، ولا يجب التلفّظ بها ولا إخطارها تفصيلاً في البال.
2 ـ لا يصحّ صوم غير شهر رمضان في شهر رمضان.
3 ـ تكفي نية واحدة لشهر رمضان كلّه.
4 ـ إذا تناول المفطر في شهر رمضان معتقداً بقاء الليل (أي أنَّ الفجر لم يطلع بعد) واتّضح لاحقاً أنّه كان طالعاً، فهناك حالتان:
أ.دون مراعاة الحجّة على عدم طلوع الفجر، فيجب الإمساك والقضاء دون الكفارة.
ب.مع المراعاة والتيقّن ببقاء الليل، فيكون صومه صحيحاً ولا شيء عليه.
5 ـ إذا تناول المفطر لظلمة ظن منها بدخول الليل (أي أنَّ المغرب الشرعيّ قد حلَّ) واتّضح لاحقاً عدم دخوله، فهناك حالتان:
أ.إذا لم يكن في السماء علّة من غيم أو غيره فيجب عليه القضاء والكفارة.
ب.إذا كان في السماء علّة من غيم أو غيره فصومه صحيح ولا شيء عليه.
6 ـ إذا تناول المفطر لقطعه بدخول الليل (وليس ظنّه) واتّضح عدم دخوله، فيجب القضاء دون الكفارة.
7 ـ إذا تناول المفطر قبل دخول الليل تعويلاً على من أخبر بدخوله، وكان المخبر ممن جاز التعويل على إخباره فعليه القضاء. وأمّا إذا لم يكن المخبر ممن يجوز التعويل على إخباره، فعليه القضاء والكفارة معاً.
المفطرات
الأول والثاني: تعمُّد الأكل والشرب، من غير فرق بين المعتاد (كالخبز والماء) وغير المعتاد (كالتراب وعصارة الأشجار) ولا فرق بين القليل والكثير، ولا ما كان من الموضع المعتاد (الفم) وغيره.
1 ـ إذا نسي الصائم وتناول المفطر، صحّ صومه بلا فرق بين شهر رمضان وقضائه، والمستحب وغيره.
2 ـ إبرة الدواء في العضل إذا كانت لمثل التخدير أو التسكين وليست من المقوّيات ولا المغذّيات لا تبطل الصوم.
3 ـ الأحوط وجوباً الاجتناب عن الإبرة المغذية والمقوّية وعن إبرة المصل أثناء الصوم مع الإمكان بل الأحوط إجتناب مطلق الإبرة في الوريد ولو لم تكن مغذية أو مقوّية، ومع عدم إمكان الاجتناب يُتِّم صومه ثمّ يقضيه على الأحوط وجوباً، وإن لم يمكن إتمام الصوم يفطر ثمّ يقضي.
4 ـا لقطرة في الأذن والعين لا تُبطل الصوم إلا أن يصل الى فضاء الفم ويبتلعه عمداً.
5 ـ القطرة في الفم والأنف تبطل الصوم إذا دخل جوفه وابتلعه عمداً.
6 ـ بخّاخ (طساسة الربو) إن كانت هواءً فقط لا تبطل الصوم، وإن كان معها دواء أو غيره وتعذر أو تعسَّر الصوم من دونها جاز له استعمالها، ولكن الأحوط وجوباً أن لا يتناول مفطراً آخر (كالأكل والشرب)، وأن يقضيه لاحقاً فيما لو تمكن من الصيام من دون هذا الدواء.
7 ـ يجوز للصائم عدّة أمور، منها:
أ. بلع البصاق المجتمع في الفم، وإن كان اجتماعه بسبب التفكُّر بطعام أو شراب.
ب.استعمال الفرشاة والمعجون والسواك لتنظيف الأسنان بشرط عدم ابتلاع شيء.
ج.قلع الضرس أو السن حتّى لو خرج منه الدم، بشرط أن لا يبتلعه.
د.تذوّق المرق دون ابتلاعه.
هـ.مصّ الخاتم أو الحصى، ومضغ الطعام للصبيّ أو للعصفور. . .،
8 ـ لا يبطل الصوم مع المضمضة دون ابتلاع شيء، حتّى بما له طعم كالجلاب بشرط بصقه كلّه.
9 ـ إذا تمضمض الصائم فسبقه الماء إلى جوفه من غير قصد فهناك حالتان:
أ.تمضمض لغير الوضوء (كالتبريد) فيبطل الصوم ولا كفارة عليه بل يقضيه فقط.
ب.تمضمض للوضوء فلا يبطل صومه مهما كانت غاية الوضوء.
الثالث: تعمُّد الجماع.
الرابع: تعمُّد الاستمناء.
الخامس: تعمُّد الكذب على الله، أو رسوله صلى الله عليه واله وسلم على الأقوى وكذا تعمّد الكذب على أحد الأئمة على الأحوط وجوباً وسائر الأنبياء والأوصياء والسيدة الزهراء.
1 ـ إذا قصد الصدق فبان كذباً لا يبطل الصوم.
2 ـ إذا تعمّد هكذا كذب دون أن يوجّه خطابه لأحد، أو وجّه خطابه لمن لا يفهم فلا يبطل الصوم.
3 ـ إذا تحدث هزلاً دون أن يكون قاصداً للمعنى أصلاً لا يبطل الصوم.
السادس: تعمُّد إيصال الغبار الغليظ إلى الحلق على الأحوط.
1 ـ لا يبطل الصوم مع تعمُّد إيصال الغبار غير الغليظ.
2 ـ تعمُّد شرب الأدخنة (التدخين بأنواعه) مبطل للصوم على الأحوط وجوباً.
3 ـ تنشُّق الدخان عمداً غير مبطلٍ للصوم.
4 ـ تعمُّد تنشق البخار غير مبطل للصوم إلا إذا تحوّل إلى ماء في الفم وابتلعه عمداً.
5 ـ لو لم يتمكن الصائم من التحرُّز عن الغبار الغليظ، لا يجوز بلعه، ولكن لو تعسّر التحرّز عنه فالأحوط وجوباً الأداء ثمّ القضاء.
6 ـ لا بأس بدخول الغبار الغليظ مع النسيان أو الغفلة أو القهر الرافع للاختيار أو بتخيّل عدم الوصول.
السابع: تعمُّد رمس الرأس في الماء على الأحوط وجوباً.
1 ـ إذا كان الماءُ مضافاً فلا يبطل الصوم برمس الرأس فيه، إلا في ماء الورد وأمثاله فيبطل على الأحوط وجوباً.
2 ـ لا يضرّ رمس الرأس في الماء مع وجود مثل زجاجة الغطّاس تغطي الرأس أو بعضه، بشرط أن لا يكون اللباس لاصقاً برأسه وإلّا وجب القضاء على الأحوط وجوباً.
3 ـ لا يبطل الصوم بالوقوف تحت رشاش الماء (الدوش) لعدم صدق الارتماس.
4 ـ إذا سقط الصائم في الماء بغير اختياره لا يبطل صومه، لكن يجب عليه المبادرة إلى إخراج رأسه فوراً بحسب الإمكان.
5 ـ إذا ارتمس الصائم بالماء نسياناً للصوم، أو أُلقي فيه قهراً لا يبطل صومه.
6 ـ يجوز رمس بعض الرأس وتمام البدن في الماء، ولا يضرّ بالصوم.
7 ـ إذا ارتمس الصائم لإنقاذ غريق يبطل صومه، وله الثواب (إن شاء الله).
الثامن: تعمُّد البقاء على الجنابة حتى يطلع الفجر في شهر رمضان.
1 ـ تعمُّد البقاء على حدث الحيض والنفاس في شهر رمضان مبطل للصوم أيضاً.
2 ـ إذا أجنب المكلّف في ليلة من شهر رمضان لا يجوز له النوم قبل الإغتسال إذا علم أنّه لن يستيقظ قبل الفجر للإغتسال أو كان لا يحتمل الاستيقاظ ولم يكن من عادته، فلو فعل فعليه القضاء والكفّارة في كلا الموردين.
3 ـ الإحتلام أثناء النهار لا يبطل الصوم في جميع أنواع الصوم.
4 ـ الإصباح جُنُباً عن غير عمد في شهر رمضان غير مبطل للصوم.
5 ـ إذا نسي غسل الجنابة في شهر رمضان يجب القضاء دون الكفارة.
6 ـ نسيان غسل الحيض والنفاس لا يبطل الصوم في جميع أنواعه.
7 ـ إذا نام المكلّف بعد علمه بالجنابة، وكان ناوياً للاغتسال، وكان من عادته أن يستيقظ أو احتمل الاستيقاظ، ولكن استمر نومه حتّى طلع الفجر في شهر رمضان، فهناك حالتان:
أ.إن كان بعد النومة الأولى فصومه صحيح ولا شيء عليه.
ب.إن كان بعد النومة الثانية وما بعدها يمسك عن المفطرات ثمّ يقضي دون كفارة.
8 ـ إذا تعمّد الجنابة ليلاً في شهر رمضان، في وقت لا يسع الغسل والتيمّم يجب الإمساك ثمّ القضاء والكفارة.
9 ـ إذا لم يكن الجنب قادراً على أن يغتسل قبل طلوع الفجر فيجب عليه أن يتيمّم، نعم لا يجب أن يبقى مستيقظاً إلى الفجر.
10 ـ إذا حصل النقاء من حدث الحيض أو النفاس في وقت لا يسع الغسل والتيمم في شهر رمضان لا يضرّ بالصوم.
11 ـ يشترط في صحّة صوم المستحاضة المتوسطة غسل للصبح، ويشترط في صحة صوم المستحاضة الكثيرة غسل للصبح وغسل آخر للظهرين، ويجب الغسل لليلة السابقة على الأحوط وجوباً.
التاسع: تعمُّد الاحتقان بالمائع
1 ـ الاحتقان بالجامد (كالتحميلة) لا يبطل الصوم.
العاشر: تعمّد القيء (الإستفراغ)
1 ـ القيء سهواً، أو من غير اختيار غير مبطل للصوم، بخلاف ما لو كان لضرورة.
2 ـ لو وصل بالتجشّؤ شيء إلى فضاء الفم لا يجوز بلعه، ولو بَلَعه عمداً يجب القضاء والكفارة.
3 ـ لو خرج بالتجشّؤ شيء ثمّ نزل إلى الجوف بغير اختيار لا يبطل الصوم.
أحكام صوم المسافر
1 ـ إذا سافر الصائم قبل الزوال (الظهر) يبطل صومه سواءً بَيَّتَ النيّة أم لا.
2 ـ إذا سافر بعد الزوال يجب البقاء صائماً.
3 ـ إذا رجع المسافر إلى بلده، أو الى بلد نوى فيه الإقامة عشرة أيّام على الأقلّ قبل الزوال، ولم يكن قد أتى بالمفطر يجب تجديد النيّة والصوم.
4 ـ إذا رجع المسافر إلى وطنه وبلد الإقامة قبل الزوال وكان قد أتى بالمفطر، أو رجع بعد الزوال لا يجب الأداء، بل يجب القضاء فقط.
5 ـ لا يجوز الإفطار للمسافر قبل وصوله إلى حدّ الترخّص.
6 ـ من صام في السفر جهلاً بأصل حكم السفر يصحّ صومه.
7 ـ يجوز السفر في شهر رمضان للفرار من الصوم، ولو من دون عذر، لكنّه مكروه قبل مضي ثلاثة وعشرون يوماً منه.
الترخيص في الإفطار
1 ـ إذا تعذّر الصوم على الشيخ والشيخة وذي العطاش يفطرون، ولا شيء عليهم.
2 ـ إذا كانوا يستطيعون الصيام ولكن بمشقّة يفطرون ويكفِّرون عن كلّ يوم بمدّ من الطعام (ثلاثة أرباع الكيلو ).
3 ـ الحامل التي يضر الصوم بها أو بجنينها، والمرضعة قليلة الحليب التي يضرّ الصوم بها أو بولدها، تفطران، وتقضيان، وتجب الفدية إذا كان الخوف على الجنين أو الولد.
4 ـ الفدية هي إطعام فقير مقدار ثلاثة أرباع الكيلو غرام من الطعام المتعارف.
كفارة الصوم
1 ـ كفّــارة إفطــار يــوم من شــهر رمضــان عمــداً على غــير الحــرام مخـّيرة بين إطعام ستين مسكيناً لكلّ مسكين مـدّ، أو عتـق رقبـة، أو صـوم شهرين متتابعين، ويكفي في التتابع بأن يصوم واحداً وثلاثـين يومـاً عـلى نحـو التتابـع ثمّ يفرّق الباقي كيفما يشاء. والمدّ ثلاثة أرباع الكيلـو مـن الطعـام المتعارف.
2 ـ كفارة إفطار يوم عمداً من قضاء شهر رمضان بعد الزوال إطعام عشرة مساكين، لكلّ مسكين مدّ من الطعام، فإن لم يتمكّن صام ثلاثة أيام.
3 ـ من أفطر يوماً من شهر رمضان على الحرام، فعليه الكفارة، والأحوط إستحباباً الجمع بين الكفارات الثلاث.
4 ـ إذا أفطر عمداً ثمّ سافر قبل الزوال لم تسقط عنه الكفّارة.
5 ـ إذا أفطر، ولكنّه لم يعرف أنه كان عمداً أم لا، لا تجب عليه الكفّارة.
6 ـ إذا أفطر لغير عذر يحرم تكرار الإفطار، لكن لا تتكرّر الكفّارة في اليوم الواحد إلا في الجماع والاستمناء فالأحوط التكرار بعدد المرّات.
ملاحظة: هذه الفتاوى على طبق آراء سماحة آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي
مهدي
2767قراءة
2016-01-20 19:27:38