أسلوب سرد القصة
والقصة قد تكون ممتعة ومفيدة بفكرتها، ولغتها، وأبطالها، وتسلسل وقائعها .. ولكن هذه المتعة لا تستمر، وتلك الفائدة لا تتم، إذا لم يتسنَّ لها الراوي، القادر الذي يستطيع تجسيد الفكرة بالصوت والإشارة والتمثيل، والذي يملك القدرة على إثارة سحر الكلمة وجمال الموقف في نفس الطفل، كي يعيش تسلسل الوقائع ومواقف الأبطال ، ليتخذ الموقف الذي ينسجم مع الهدف.
وفي هذا المجال، نطرح الأسئلة التالية :
- كيف يجب سرد القصة ، لتكون أداة تربوية فاعلة ؟
- كيف تستطيع القائدة إثارة إعجاب الطفل ومتعته وسروره ؟
أ) التحضير للقصة :
نحن نعلم أن أي عمل نريد له النجاح ، لا بد وأن نستعد له ، فنهيئ كافة العناصر الضرورية التي توصل إليه . وفي ميدان القصة ، وقبل البدء بسردها ، على القائد أن يبادر إلى التحضير الجيد بخطواتٍ مدروسة، وهي :
1) قراءة القصة بفهم ، لتعيش أحداثها وتتحقق من فعاليتها، وتتأكد مناسبتها لواقع الأطفال.. لتنطلق إلى تكييف أفكارها لمقتضيات الموقف التعليمي. فالقصة بمضمونها ليست قيداً يكبّل حرية الحركة لدى القائدة، فقد تكون بعض الأحداث غريبة عن عالم الطفولة، ولا تنسجم مع ظروفها وأجوائها ، هنا تستطيع التغيير والتحوير انطلاقاً من وعيها للظروف والاهتمامات التي تحكم واقع أطفالها.
2) التدرب على فن السرد : إذا كانت القائدة حديثة العهد ، وقليلة التجربة بأسلوب رواية القصة ، فعليها اعتماد أمرين:
- الاستماع المستمر لروايات مسجلة، أو ممثلة من قبل مختصين ، لتأخذ عنها الأصول والقواعد.
- التدرب على سردها أمام الأهل والصديقات.. وإذا تعذر ذلك فما عليها إلاّ أن تختلي بنفسها أمام المرآة ، لتتخيّل وجود الأطفال أمامها ، وتشرع في روايتها مراتٍ عديدة ، لتضمن حُسن أدائها، ومدى تأثيرها.
وهذا الأمر لا يحمل كثيراً من الغرابة ولا يستدعي شيئاً من الخجل والدهشة، فالتاريخ يروي أن "ديموستين الروماني" أراد أن يكون خطيب روما الأول ، وكان يشكو من عيبٍ في طلاقة لسانه ، فأخذ يتردد إلى شاطئ البحر ، فيتخيل الأمواج جمهوره الذي يستمع إليه ، ويشرع في إلقاء خطبته بحريّة، وبعد تجارب متكررة ، أصبح "ديموستين" من خطباء التاريخ المشهورين.
3) إعداد الوسائل التي تتطلبها طبيعة القصة (رسوم، مجسمات، ألعاب، ...) وهذه تساعد على معايشة الأطفال للأحداث بشكلٍ حسي ومشوق ، فيسهل عليهم فهمها واستيعابها.
4) اختيار الوقت المناسب ، والمكان الملائم لسرد القصة ، ليكون الأطفال مستعدين جسدياً ونفسياً وعقلياً لسماع تفاصيلها، والانسجام مع وقائعها، فمن المعلوم أن قابليتهم لسماع القصة تبدأ قوية في مطلع النهار ، ثم تخف تدريجياً حتى غياب الشمس، لتعود من جديد إلى القوة خلال السهرة وقبيل النوم.
ب) جلسة القصة :
أما مكان سرد القصة ، فتحدده طبيعتها ومضمونها ، فقد يكون داخل الصف ، أو في الهواء الطلق، أو تحت ظلال الأشجار .. فالقائدة من خلال وعيها للظروف وإمكانات المحيط، تستطيع اختيار المكان الملائم لجلوس الأطفال.
أما جلسة القصة، فيمكن أن تحصل بصورتين:
1) يلتف الأطفال حول القائد على شكل نصف دائرة ، على أن يجلس هو في المقابل وعلى مرتفع منخفض، ليشرف منه على الجميع ، ويستطيع عرض الوسائل على مرأى الجميع أيضاً.
2) تتخذ القائدة جلسة عائلية ، تشبه تلك التي تمثل الجدة في سهرة، والأطفال يحيطون بها.
وأثناء رواية القصة، على القائدة توفير الأجواء الملائمة للانتباه والإصغاء ، كي يتمكن الأطفال من متابعة تسلسل الأحداث ومواقف الأطفال .. فإذا ما تحقق ذلك فلا أهمية لنظام صارم يحكم الجلسة ، فأية وضعية تريح الأطفال ، وتحقق الهدف ، هي ما ينبغي اعتمادها، وبهذا يتخلّص جو القصة من الروتين الرسمي الممل الذي يرافقه إعطاء الدروس العادية .
أما بالنسبة إلى القائدة ، فمن الأفضل أن تتخذ الوضع (جلوساً أو وقوفاً) الذي يناسب طبيعة القصة ووسائلها، فقد يستدعي الأمر الوقوف أو الجلوس أو المشي أو التمثيل .. المهم هو أن تكون القائدة قريبة جسدياً من الأطفال، حتى يحسّوا بالقرب النفسي منها، وتستطيع أن تسيطر على مشاعرهم وعقولهم أثناء السرد.
تدريب
1974قراءة
2015-12-20 19:23:44
الأنشطة الثقافية |