خطوة على طريق الخشبة الحوار في مسرحيات الأطفال
خطوة على طريق الخشبة
الحوار في مسرحيات الأطفال
يُعرف الحوار أنَّه الجزء الأهم من العمل الفني, ومن خلاله يصل الكاتب إلى قلوب الأطفال, وهو الوسيط الذي يحمل الفكرة وينقلها إلى الطفل المشاهد, وبطريقة لا يشعر فيها الطفل فإنَّ الحوار يعتبر من أهم الوسائل التي يعتمد عليها الكاتب في رسم الشخصيات. وللحوار الجيّد شروط لا بدّ للكاتب أن يلمّ إلماما ّ جيداّ حتى لا يصبح العمل المقدّم على خشبة المسرح مملاًّ لا يؤدّي وظيفته كما يجب. وتتمثل شروط الحوار الناجح بالآتي:
1-الموضوع:
لا شيء يميت مضمون الفكرة في الحوار إلاَّ الغموض الذي يقضي على ترابط الأحداث ويربك عقل الطفل في جهد التفسير لما يراه ويسمعه, وبالتالي تخف لديه متعة المتابعة لما يجري أمامه من مشاهد تمثيلية. ووضوح الحوار له دور رئيسي في إيصال الإبداعات الفنية للمشاهد بالشكل والمضمون, ومن خلاله نتعرف على السمات الشخصية للمتكلم لجهة إظهار انفعالاته وتبيان حالته النفسية التي تنبىء عمَّا سيفعله في مشاهد لاحقة.
2-الاقتصاد:
ونعني به أنَّ لكل مقام مقال, إذ لا يجوز أن ينطق الممثل بكلمة إلاَّ في مكانها المناسب ومن دون استطراد، وعلى الكاتب أن يكون حذراً في انتقاء كلماته, وأن يعمل للابتعاد عن الجُمل والعبارات التي لا تضيف شيئاً جديداً على النص المكتوب وبشكل تكون فيه الكلمات قليلة والمعاني كثيرة لأنَّ قصر العبارة واتّضاح دقّتها يعتبران من وسائل الاتصال السريعة التي تريح الطفل في إصغائه ومشاهداته للأحداث ولأنَّ (طبيعة المسرح لا تتيح لجمهور الأطفال فرصاً لملاحقة المعاني والتعابير, وهذا يقضي بأن تخلو لغة المسرح من كل تقييد أو استطرد أو غموض وأن تكون معبّرة ومركّزة, لأنَّ اللغة السلسلة تنفذ إلى ذهن الطفل بيسر دون أن تبعث في نفسه الملل والإرهاق أو تجرّه إلى الشرود) وبناءّ على ذلك, على الكاتب أن يترك كل العبارات التي لا قيمة لها, وينتقي خيرة الأساليب المعّبرة عن فكرته, وأن يبذل قصارى جهده في تجميع معلوماته وأساليبه في أسطر قليلة من الحوار كي يحفظ بثبات الفكرة في المسرحية ومن دون تعرضها لأيّ اهتزاز.
3-الإيقاع:
يعتبر الإيقاع من أهم مقوّمات الحوار يقول روجورم بسفيلد الابن: (إنَّ الإيقاع في المسرحية هو بمثابة النبض في الجسم البشري, والإيقاع في الحوار يشبه الهارموني في الموسيقى فيجب أن يتمتع الكاتب بمقدرة جيدة على ترتيب كلماته الترتيب الصحيح الذي يكون له أكبر الأثر على المتفرّج). فالفصول في المسرحية تتضمن مشاهداً, والمشاهد تتضمن أحاديثاً, والأحاديث تتضمن جملاً وعبارات, وفي تلك الفصول والمشاهد والأحاديث والجُمل والعبارات إيقاع واتزان, فإذا زاد هذا الإيقاع أو قلَّ عن حدّه في حديث أو مشهد أو فصل, أو بمعنى أدقّ, إذا زاد هذا الإيقاع في جزء بطريقة لا ترتبط بالجزء الآخر أو بالكل, أدّى ذلك إلى ضرر كبير بأُذنه الموسيقية, فلا بدّ أن يملك حاسّة بالإيقاع والوزن, وكذلك حاسة بالتوقيت بمعنى أنَّّه يجب أن يدرك متى يزيد من سرعة كلامه, ومتى يقلّل هذه السرعة, ومتى يحتاج المشهد إلى التحرّك السريع أو التحرّك الهادىء وهكذا...
4-الموضوعية:
ونعني بها أنَّ الحوار يجب أن يتناسب وأبعاد الشخصية التي يرسمها الكتاب من دون أي تدخّل لمشاعره فيها وحتى لا يصبح مضمون الحوار عنده يحمل صفة التوجيه والتمني الذاتي لما يرغب في إيصاله للأطفال. فالموضوعية واجب في رسم الشخصية كما هي بالفعل لا كما يريدها الكاتب. ولذلك ينبغي أن تكون كلّ كلمة في الحوار تكشف عن حقيقة ما ومن دون مبالغة خاصة في المسرحيات الهادفة التي ترمي إلى تحقيق أهداف تربوية.
5-اللغة المكتوبة:
وتبقى مسألة الحوار وبأيّ لغة يجب أن يُكتب؟
في رأينا أنَّ القصص المسرحية التي تعالج قضايا قريبة من حياة الطفل العادية فمن الأفضل أن تُكتب بالعامية وبعيداً عن التعابير التي تؤثر على الذوق العام, أمَّا قصص التاريخ والخيال العلمي فمن الواجب كتابتها بالفصحى البسيطة والبعيدة عن الألفاظ والتعابير البلاغية العميقة, والقريبة من مستوى المرحلة التعلمية للطفل. مع الإشارة إلى أنَّ طبيعة الألفاظ قد تكون أبلغ في التأثير على المشاهد من أي أمر آخر على المسرح يقول جون جولزوزي: (إنَّ عبارة زائفة أو كلمة ناشزة عن السياق تقضي على الإيهام المنشود, كما يقضي حجرٍ بعد قذفه في ماءٍ راكد على الصورة المرئية في صفحة الماء فيجعلها هباءً منثوراً).
* * *
نشير هنا إلى أنَّ براعة الكاتب قد تساعد في التغلّب على بعض المشاكل الفنية والتي يمكن للحوار أن يساهم في حلّها لإتاحة الوقت وإجراء بعض المتغيرات المشهدية على المسرح وهي أمور على الكاتب أن يلمّ قبل كتابته لسيناريو المسرحية وحتى يتآلف التأليف مع الإفراج. يقول روجرم بسفيلد في هذا الخصوص :"إن الكاتب المسرحي مطالب بالمساعدة من خلال الحوار الذي يكتبه على تذليل بعض الصعوبات الفنية أو الآلية التي تواجه المخرج وهو ينفذ وجهة نظر المؤلف وقت إخراجها. ومهما يكن من ذلك فالحوار المستخدم لحلّ أمثال هذه الصعوبات الفنية يجب أن يدعم التقدّم المستمر لفعل المسرحية".
هذه هي أهم شروط الحوار الجيّد والناجح والواجب توفّرها في أي عمل فني يمكن لأيّ كاتب موهوب، تقديمه للأطفال.
فنون
1596قراءة
2016-01-10 17:03:19