الدور الإعلامي للسيدة زينب عليها السلام
خطبة السيدة زينب (عليها السلام) في مجلس يزيد في الشام :
يذكر المؤرخون وجميع أهل السير أن السيدة زينب وقفت في مجلس يزيد والإباء والأنفة يملآن نفسها ، ثم توجهت (عليها السلام) إليه تسمعه من التقريع والتوبيخ بل تعدت للتهديد والتنديد غير هيابة ولا وجلة ، مستصغرة قدره وسلطانه ، ومستعظمه ومستنكره لفعلته النكراء وجريمته الشنعاء.
قالت عليها السلام:
« صدق الله ورسوله يا يزيد ـ ( ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَىٰ (2) أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ ».
أظننت يا يزيد أنه حين أخذ علينا بأطراف الأرض، وأكناف السماء، فأصبحنا نساق كما يساق الأسارى، ان بنا على الله هواناً، وبك عليه كرامة.
وان هذا العظيم خطرك ! افشمخت بأنفك، ونظرت في عطفك جذلاناً فرحاً حين رأيت الدنية مستوسقة لك، والأمور متسقة عليك، وقد امهلت ونفست، وهو قول الله تبارك وتعالى:
(وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ).
أمن العدل يا ابن الطلقاء تخديرك نسائك وإمائك؛ وسوقك بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وقد هتكت ستورهن وأصحلت أصواتهن، مكتئبات تجري بهن الأباعر، ويحدو بهن الاعادي من بلد الى بلد، لا يراقبن ولا يؤوين، يتشوفهن القريب والبعيد، ليس معهن ولي من رجالهن ! وكيف يستبطأ في بغضنا من نظر الينا بالشنف والشنآن والاحن والاضغان ... ؟
أتقول «ليت أشياخي ببدر شهدوا» ؟ اغير متأثم ولا مستعظم وانت تنكث ثنايا أبي عبد الله بمخصرتك!!
ولم لا تكون كذلك، وقد نكأت القرحة، واستأصلت الشأفة، باهراقك دماء ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ونجوم الأرض من آل عبد المطلب، ولتردن على الله وشيكاً موردهم، ولتودن انك عميت وبكمت وانك لم تقل : «فاهلوا واستهلوا فرحاً ».
... اللهم خذ لنا بحقنا وانتقم لنا ممن ظلمنا.
ثم قالت:
والله ما فريت إلا في جلدك ، ولا حززت إلا في لحمك وسترد على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) برغمك، وعترته ولحمته في حظيرة القدس، يوم يجمع الله شملهم ملمومين من الشعث، وهو قول الله تبارك وتعالى:
( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ).
وسيعلم من بوأك، ومكنك من رقاب المؤمنين، إذا كان الحكم الله ... والخصم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وجوارحك شاهدة عليك.
فبئس للظالمين بدلاً ايكم شر مكاناً واضعف جنداً.
مع اني والله يا عدو الله وابن عدوه استصغر قدرك واستعظم تقريعك ، غير أن العيون عبرى والصدور حرى وما يجزى ذلك أو يغني وقد قتل الحسين عليه السلام، وحزب الشيطان يقربنا الى حزب السفهاء ليعطوهم أموال الله، على انتهاك محارم الله.
فهذي الأيدي تنطف من دمائنا، وهذه الأفواه تتحلب من لحومنا، وتلك الجثث الزواكي يعتامها عسلان الفلوات.
فلئن اتخذتنا مغنماً ، لتجدنا مغرماً حين لا تجد إلا ما قدمت يداك.
تستصرخ يا ابن مرجانة !! .. ويستصرخ بك ، وتتعاوى وأتباعك عند الميزان ، وقد وجدت أفضل زاد زودك معاوية قتلك ذرية محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).
فوالله ما اتقيت غير الله... ولا شكواي إلا إلى الله... فكد كيدك ، واسعى سعيك، وناصب جهدك، فوالله لا يرحض عنك عار ما اتيت الينا أبداً.
والحمد لله الذي ختم بالسعادة والمغفرة ، لسادات شبان الجنان فأوجب لهم الجنة ، اسأل الله أن يرفع لهم الدرجات ، وان يوجب لهم المزيد من فضله فإنه ولي قدير ».
وسكتت زينب عليها السلام بعد ان أضرمت النار في القلوب، وهزت المشاعر وأيقظت النفوس المتخدرة، فأفاقت على الحقيقة التي اوضحتها العقلية في خطبتها التي اعجزت البلغاء ، ودقت أجراس الثورة والفداء ضد الظلم والفساد.
وحسبنا اقتناعاً ان خطبة زينب كانت البداية في إيقاظ المشاعر فإن الشام برغم انها كانت عاصمة الامويين ومقر خلافة يزيد لعنه الله. فقد سرت البلبلة بين الناس وكثر اللغط وساد الهرج.
عظم الله أجورنا وأجوركم بذكرى وفاة السيدة زينب عليها السلام
إعلام
1530قراءة
2016-01-10 12:36:30