12 سنة من العطاء

 

جديد المواضيع

تنمية المجتمع >> زاد الأربعين


زاد الأربعين


قد تتساءلون "ما هو الرابط بين أربعين الأمام الحسين عليه السلام وخدمة الناس؟".
إن ظاهرة خدمة الناس لمواكب العزاء للإمام الحسن عليه السلام في الأربعين من تقديم الطعام والشراب وتوفير أماكن الاستراحة والمنامة ناهيك عن تقديم مختلف العصائر والمياة والحلوى والشاي والحليب، وكل ما يساعد الزائرين الكرام على تأدية زيارتهم بصورة سهلة ومريحة في نفس الوقت هي من المظاهر الملفتة في العالم. ومن المشاهد الجاذبة للنظر أيضًا إشتراك الأطفال في تقديم هذه الخدمات بل وتسابقهم على خدمة الزائرين، وهي ظاهرة تثير الفرح في النفوس، كونها تزرع في نفس الاطفال وعقولهم حب العمل الطوعي، أي العمل الذي لا يُنتظر منه مردودًا ماديًا او أجرًا معينًا. لذا أحببت أن أضع هذا الموضوع علني أشير إلى بعض النقاط المهمة في هذا الخصوص.

أولاً على الصعيد الديني:
أ‌- خدمة الناس هي خدمة اللَّه‏
فيما جاء عن مولانا الصادق عليه السلام: "من قضى لأخيه المسلم حاجة كان كمن خدم اللَّه تعالى عمره"1.
يقول الإمام الخميني قدس سره: "ليهي‏ء الأحبة الأعزاء أنفسهم لخدمة الإسلام والشعب المحروم وليشدوا الأحزمة لخدمة العباد التي تعني خدمة اللَّه".
يكشف لنا هذا الحديث الشريف عن عمق وحقيقة الخدمة الإنسانية مبيّناً بأنها خدمة إلهية طالما المراد بها وجه اللَّه تعالى ونيل رضاه، وإلا لو كانت للتباهي وكسب مودة أصحاب النفوذ ورياء يراد بها وجه الناس فليس هناك شك في عدم اعتبارها خدمة للَّه تعالى وإنما خدمة للناس بغية نيل مكانة لديهم أو الحصول على منصب من مناصب الدنيا الفانية.

ب‌- خدمة الناس أفضل الأعمال‏
والخدمة طالما كانت خالصة لوجه اللَّه تعالى فهي من أفضل الأعمال وأحبها إلى اللَّه عزَّ وجلّ‏َ يقول الإمام الخميني قدس سره: "لا أظن أن هناك عبادة أفضل من خدمة المحرومين".
وكانت حياة الإمام قدس سره عامرة من بداياتها، إلى أن التحق بالملكوت الأعلى بخدمة المؤمنين والشعب المستضعف والعلماء والأصدقاء. ينقل بعضهم أن الإمام الخميني قدس سره بعد أن تشرّف بزيارة الإمام الرضا عليه السلام في إحدى المرّات كان يترك رفاقه في الحرم المشرّف يتعبدون إلى الصباح ويعود إلى المنزل لكي يهيى‏ء لهم الفطور ويشتري الخبز ويقوم بخدمات المنزل الذي نزلوا به وحينما يسأله أحدهم لماذا لم تبق أنت في الحرم المطهّر وتأمر أحدنا بأن يعود إلى المنزل ويقوم بتهيئة الطعام، يكون جوابه قدس سره: "لم يثبت عندي أن البقاء في حرم الإمام عليه السلام بعد الزيارة أفضل من خدمة المؤمنين"2.
ويحدثنا مولانا الصادق عليه السلام عن هذه الحقيقة التي شاهدناها في سلوك الإمام الخميني قدس سره وحياته العملية قائلاً: "لأن أسعى مع أخ لي في حاجة حتى تقضى أحب إليّ من أن أعتق ألف نسمة وأحمل على ألف فرس في سبيل اللَّه مسرجة ملجمة"3.
وفي حديث آخر: "قال اللَّه عزَّ وجلّ‏َ: الخلق عيالي، فأحبهم إليّ ألطفهم بهم، واسعاهم في حوائجهم"4.
ويحدثنا مولانا الباقر عليه السلام عن مدى حبّه وتفضيله لخدمة المحرومين حيث يقول: "لأن أعول أهل بيت من المسلمين. أسدّ جوعتهم وأكسو عورتهم، فأكف وجوههم عن الناس أحب إليّ من أن أحج حجة وحجة ومثلها ومثلها حتى بلغ عشراً ومثلها ومثلها حتى بلغ السبعين"5.

ت‌- ثمرات خدمة الناس‏
في روايات أهل البيت بيان كافٍ ووافٍ للآثار المترتبة على خدمة الناس باختلاف أشكالها وأساليبها حتى ورد التفضيل في كل نوع من هذه الخدمات بما لها من ثمرات، لكننا سوف نذكرها دون أن نفرد لكل عنوان فقرة مستقلة حيث لا يسع المجال لها.
1- الأمن يوم القيامة
2- ثواب عبادة تسعة آلاف سنة
4- استغفار الملائكة له
6- ثواب المجاهدين
7- ثواب السعي بين الصفا والمروة
8- كمن عبد اللَّه دهره
9- الفوز بالجنة
10- كساء الجنة
11- تهون عليه سكرات الموت
12- يوسّع اللَّه تعالى قبره
13- تتلقاه الملائكة بالبشرى
14- قبول الأعمال

ثانيًا على الصعيد الإجتماعي:
"إن ظاهرة خدمة الناس في الأربعين، على الرغم من انها ترتبط باحياء الشعائر الحسينية، وتقدم للزائرين اثناء تأديتهم لمراسيم الزيارات الدينية، إلا أنها بالنتيجة تزرع حب العمل الطوعي في النفوس، وتشجع الجميع على القيام بهذه الممارسة المهمة التي استطاعت أن تنتقل بشعوب أخرى الى مصاف الدول المتطورة.
إن شعور الفرد بالاخرين واحترامه لحقوقهم واستعداده لخدمتهم، يمثل جوهر العمل الطوعي، وهذا ما يقوم به عدد كبير جدا ممن يقومون على خدمة زوار أبي الاحرار عليه السلام، ومما يدعو الى التأمل في هذه الظاهرة أنها تتخذ طابعا شعبيا ونخبويا في آن واحد، فنرى على سبيل المثال اساتذة جامعة يسهمون بتقديم الخدمات الطوعية من خلال المواكب التي تستقبل الزائرين وتقدم لهم وسائل الضيافة المطلوبة، ونلاحظ ايضا بسطاء الناس يسهمون في هذا العمل، ولا يتحدد ذلك بفئة عمرية محددة، فالكل يعمل ليل نهار في هذا العمل الخدمي الطوعي من دون مقابل، وهي حالة او ظاهرة يمكن إستثمارها بطريقة فعالة لكي تُشاع القيم الممتازة بين افراد المجتمع، ونعني بها قيم التكافل والتعاون بين الجميع، ناهيك عن الترابط الاجتماعي الذي ينشأ نتيحة لهذا العمل الجماعي...
وعلى العموم تعد زيارة الاربعين المباركة وما يرافقها من عمل طوعي شعبي جبار، ظاهرة تصب في المسار الصحيح، لتطوير وتنمية قيم التعاون بشتى انواعه بين افراد وشرائح المجتمع عموما، فعلينا استثمار هذه الظاهرة لنشر ثقافة العمل الطوعي بين الجميع، نظرا لاهمية هذا النوع من الخدمات في تطور المجتمعات في مختلف مجالات الحياة." 6.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ
1- غوالي اللئالي، ج‏1. ص‏374.
2- مجلة بقية اللَّه، العدد 140، ص‏43.
3- البحار، ج‏74، ص‏316.
4- الكافي، ج‏2، ص‏199.
5- الكافي، ج‏2، ص‏195.
6- شبكة النبأ الإلكترونية، زيارة الأربعين وظاهرة العمل الطوعي.


تنمية مجتمع
1794قراءة
2016-01-06 08:54:02

تعليقات الزوار


إعلانات

 

 

12 سنة من العطاء

إستبيان

تواصل معنا