نعيش اليوم في عصر تحتضر فيه المساحات الخضراء، تتآكل الأشجار والغابات يوماً بعد يوم بفعل الإنسان، فالعمران وتشييد الأبنية والطرقات باتت مشاهد يومية حتى غدت لوحة الطبيعة تغيب عن ذاكرتنا، لم تعد موجودة سوى في بعض اللوحات للرسامين أو في صفحات الكتب.. لكن هل فكّرنا في أن هذه اللوحة هي سبب بقائنا، رئتينا التي نتنفس بهما، الهواء الذي نستنشقه، إنها الطبيعة الأم التي تصرخ قائلة "كفى ظلماً، كفى قتلاً، كفى دماراً".
إن البيئة اليوم مهددة بالموت والتلوث بفعل الإنسان؛ من تلوث التربة والهواء والماء والتلوث السمعي، فالمصانع والمعامل ودخان السيارت وغيرها كفيلة بقتل مليارات الأشجار والنباتات كل يوم وكل ساعة، النفايات المرمية في البحر والأنهار تقتل آلاف الأسماك والكائنات البحرية، وتلوث المياه الجوفية ومياه الري التي تتغذى منها الأشجار.. هي لوحة مجزرة بحق البيئة، فقبل أن تكون خنجراً في قلب الطبيعة فكّر مرتين، فهذا الخنجر سيصل إلى قلبك بالتأكيد؛ أوهل ينبض لك قلباً دون الطبيعة!
فكّر مرتين في قول السيد علي الخامنئي (دام ظله) بأنه "يجب الحفاظ على التوازن بين الإنسان والطبيعة"، فكر في أن وجودك متعلق بوجود تلك الأشجار والنباتات والغابات والمساحات الخضراء التي بتنا نفتقدها بشدة في يومنا هذا، فكر في كيفية المحافظة على هذه النعمة الإلهية التي من دونها لا حياة ممكنة على هذه الأرض، لا قدرة على البقاء، فهي سر وجودنا وسببه.
قد يأتي يوم ما وتندم على هذه المعاملة السيئة تجاه البيئة، فقبل أن تصل إلى هذه المرحلة فكر مرتين في إيجاد الحلول، توفير الوسائل الممكنة لإعادة النبض والحياة إلى تلك المساحات التي كانت يوماً ما خضراء، فكر مرتين في كيفية إضفاء السحر والجمال والحيوية على تلك اللوحة الرمادية التي تعترضنا كل يوم المتجسدة في الطرقات وزحمة الأبنية.
هذه الطبيعة أمانة في أعناقنا جميعاً، سنُسأل عنها يوماً ما، ونُحاسَب على تقصيرنا بحقها، لذا أدعوك عزيزي المواطن في يوم الشجرة العالمي أن تفكر مرتين بجوابك في هذا الموقف؛ ساهمتَ في زرع شجرة في الحي السكني؟ أم نشرت فكرة توعوية تحد من قتل الأشجار واقتلاعها لأهداف مبتذلة رخيصة؟ أم أنك ساهمت في ابتكار فكرة جديدة أو مشروع جديد يساعد على حل أزمة بيئية قد تؤدي إلى كارثة عظيمة؟
الشجرة رمز القوة والثبات المتجذرة في الأرض، لا تهزها رياح عاتية ولا تقتلعها قوة عاصفة، تبقى صامدة في اﻷرض الخضراء تمدنا بالطاقة والحيوية والنشاط، تهب لنا الحياة، فأدعوك أن تفكر مرتين قبل أن تقتلع شجرة أو تقتل نبتة، وأدعوك إلى غرس الأشجار ورعايتها..
تنمية مجتمع
1916قراءة
2017-01-15 14:54:32