السيّدة آسية بنت مزاحم زوجة فرعون الذي عاش في عصر النبيّ موسى عليه السلام.
هذه المرأة التي تهيّأت لها الظروف لتعيش الحياة الماديّة بكلّ معانيها وتتلذّذ بكلّ ما حلا لها وطاب من خدم وحشم وحليٍّ وزينة وثياب من أجود الأصناف في حياة مرفّهة لكونها زوجة فرعون، حاكم مصر الأول، الذي كان يعشقها ويحبّها حبّاً جمّاً وكان مستعداً لتنفيذ أيّ رغبة من رغباتها ليكرمها...
إلّا أنّها وفي كلّ تلك الظروف المهيّأة للضلال والفساد والخروج عن الجادة الحقّة، تركت كلّ شيء وسعت نحو الحقّ حين سمعت نداءه على لسان النبيّ موسى عليه السلام الذي تربّى في حجرها وقصرها، فآمنت به وصدّقت دعوته فكانت آسية عليها السلام من أوائل من آمن بدين موسى عليه السلام.
أثار إيمان آسية عليها السلام سخط فرعون الذي يدّعي الألوهيّة لنفسه، إذ أنّ الذي آمن بموسى ليس شخصاً بعيداً عنه، أو شخصاً عاديّاً، إنّها زوجته التي تعيش معه في قصره فحاول بكلّ الوسائل أن يخفي إيمانها على الناس حتّى لا يهتز عرشه إلّا أن كلّ مساعيه لم تفلح بذلك، فقد تمسّكت بما آمنت به متخلية عن كلّ شيء سوى عقيدتها الراسخة كالجبال الرواسي، عندئذ قرّر فرعون الانتقام منها ومن دينها، فأمر بصلبها لتكون عبرة للناس، فما كان منها إلّا أن صبرت على الصلب بإيمانها الصلب، وكانت شهيدة العقيدة وشهيدة الحقّ ولأجل هذا مدحها الله تعالى في كتابه العزيز حيث يقول: ﴿وَضَرَبَ الله مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾.
فكانت نموذجاً للذين آمنوا - رجالاً ونساءً - يتعلّم منها المؤمنون الصبر والثبات على العقيدة حتّى الرمق الأخير.
دليلة
1581قراءة
2016-02-26 10:02:19