بعضًا من كلام السيد القائد (دام ظله) حول الشهادة: (صدى الولاية)
*فضيلة الشهادة
إذا ما تناولنا هذا الموضوع من زاوية الدين وفلسفة الدين، نجد هذا المعنى صائباً تماماً؛ فما من شيء أسمى من أن يبذل المرء ذاته ووجوده وبملء إرادته في سبيل هدف إلهي وكبير. وهذا هو معنى الشهادة. ولذلك تتخذ الشهادة عند الله تعالى تعبيراً خاصاً. وقد أكد القرآن الكريم أن القتل في سبيل الله تعالى لا يحسب موتاً كأي موت آخر، بل له في المعيار الإلهي وفي الرؤية الدينية والقرآنية مفهومٌ آخر ومعنى فاخرٌ. وكل من يكتب له هذا العطاء الإلهي وينال مفخرة الشهادة، عليه أن يشكر الباري جل شأنه. إنّ أعظم ألطاف الله تعالى هو ما يَمُنَّ به على الشهيد؛ فهذه الدنيا -كما ترون- ما لأحد فيها بقاء، وكل من عليها فان، والناس يهلكون بشتّى أنواع الموت الذي لا يفرق بين كهل وشاب -والموت مكتوب على الجميع شباباً وشيوخاً، صغاراً وكباراً- والموت قدر محتم جعله الله على الناس ولا بدّ لهم من أن يعبروا هذا الباب. إلا انه عزّ وجلّ جعل ميتة الشهيد على قدر كبير من الأهمية لم يجعله لسائر أنواع الموت الطبيعي. فهل هناك فضل للشهيد أكبر من هذا؟ كلّنا ميّتون، ولكن ما أجمل أن يجعل الله تعالى هذا المصير في مسير يحظى بمثل هذا المقدار من الفضيلة! ولهذا يُكثر الشهيد وهو في عالم الملكوت والبرزخ من شكر الله والثناء عليه لما منَّ به عليه من نعمه. ولحظة الشهادة من أطيب وأحلى اللحظات عند كل شهيد. فيا لها من فضيلة رفيعة سامية!
*الشهادة عمل جماعي
الشهادة هي حصيلة جهود جماعة من الناس وإذا نظرنا إلى الشهادة من زاوية أخرى نراها ظاهرة باهرة، وذلك لأن كل عمل خيري سواها وأيّ برّ آخر يفعله الإنسان انّما هو عمله بمفرده، إلاّ الشهادة؛ فهي حصيلة جهود جماعة من الناس؛ فالشباب الذي يمّم وجهه صوب الجبهة واستشهد هناك، لم يكن وحده قد جاهد فحسب، وإنّما يشاطره والداه جهاده، وتشاطره زوجته جهاده، ويشاطره أولاده جهاده، ويشاطره كل من يودّه جهاده. والعجيب في الأمر هو أن هذا الجهاد لا نفاد له؛ فإذا ما توجّه هو إلى جبهة القتال ورابط هناك وصبر وجاهد إلى أن استقبل الشهادة وانتهى جهاده، لا ينتهي عند ذاك جهاد والدته ووالده. فصبرهما جهاد، ولا ينقطع عند هذا الحد جهاد أولاده وزوجته؛ لأن صبرهم جهاد. وهم إذا لم يتذمّروا، واحتسبوا كل ذلك في عين الله، واعتبروا ذلك الدم مفخرة لهم، فإنهم بشكرهم وصبرهم يغرسون بذور الشهادة ليتواصل نبتها بين سائر الناس، ويكونون مصدر تحفيز لهم للتسابق نحو الجهاد، وتصبح الحكايات التي يروونها عن صمودهم وبسالتهم مفخرة للشعب، ومدعاة لرقي الشعب والبلد على صعيد الرأي العام العالمي بشكل مثالي. ولو كان آباء وأمهات وأزواج الشهداء يتذمرون ويتأوّهون ويتشكّون ويظهرون معالم الجزع والمنّة، هل كانت تنعكس عن هذا الشعب مثل هذه الصورة الوضّاءة؟! فأية فضيلة وأية مأثرة تتألف من مثل هذا التركيب المتداخل من شتى ألوان المجاهدة وتستمر لمثل هذه المدّة المديدة؟! كل منقبة أو مأثرة تُؤدّى مرّة واحدة وينتهي الأمر؛ فمن يتصدق في سبيل الله يدفع تلك الصدقة وينتهي الأمر، إلا الشهادة فإنها أسمى من هذا.
*صيانة دماء الشهداء
البعد الآخر للشهادة هو أن الجميع مكلفون بحراسة دماء الشهيد.
ولكن ما معنى حراسة دم الشهيد؟
معناه وجوب حماية الهدف العظيم الذي سعى إليه هذا الشاب وهذه الأسرة. وهذا الأب وهذه الأم، وكُرّست له الهمم العالية والمعنويات التي لا تعرف الهزيمة. حافظوا على هذا الهدف أكثر من أرواحكم. لقد جاهد شهداؤنا في سبيل الله، وتحملوا المصاعب والشدائد من أجل إقامة حكم الله في هذا البلد -لما في هذا الحكم من سعادة في الدنيا والآخرة- كما وأظهر آباء الشهداء وأمهاتهم وعوائلهم أفضل معاني الصبر وأجملها في سبيل الله.
*هذا هو نهج الشهداء.
عليكم جميعاً -أنتم ذوو الشهداء آباءً وأمهات وزوجات وأولاداً- أن تحتفظوا بمفخرة صيانتكم لدماء الشهيد وسيركم على نهجه وحملكم لرايته بما تعنيه من تمسّك بدين الله وحفظ للقيم الإلهية.
أمانة برامج الأشبال والبراعم
1341قراءة
2021-11-10 22:47:20