زينب هي الحق الساطع والنجم اللامع، والنور الطالع.
هي.. ز.. زهو الحكمة
و.. ي.. يراع الثورة
و.. ن.. نبع المحبة
و.. ب.. بسالة ضد الظلم والظلمة
إنها زينب.. ثمرة فاطمة عليها السلام، وزينة أبيها علي عليهم السلام.
البذرة الطاهرة:
هي زينب الكبرى عليها السلام الملقبة بعقيلة بني هاشم.
ولادتها: اختلف المؤرخون فيه، قيل في مطلع جمادى الأول من السنة الخامسة للهجرة، ومطلع شهر شعبان من السنة السادسة للهجرة بعد أخويها الحسن والحسين، ولكن المشهورة والمعمول بها هو الخامس من شهر جمادى الأولى من السنة السابعة للهجرة، أولادها: علي وعباس وعون ومحمد وأم كلثوم.
وفاتها: يوم الخامس عشر من شهر رجب سنة اثنان وستون للهجرة.
تزوجها عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وكان من مشاهير صدر الإسلام وأسخياء زمانه، ورثت الفصاحة والبلاغة والصبر من أبيها أمير المؤمنين عليه السلام والعصمة الطاهرة عن أمها فاطمة عليها السلام، وكانت ذا فطنة وذكاء خارقين حيث ينسب معظم المؤرخين خطبة فدك إليها (أي أنها الراوية للخطبة لأنها كانت حاضرة مع أمها في المسجد)، منهم ابن عباس وأبو الفرج في مقاتل الطالبين وغيرهم، علماً أن عمرها كان أربع سنوات في ذلك الوقت يقول الشيخ الصدوق رحمه الله في مقدمة لخطبة فدك بإسناد موثّق إلى زينب عليها السلام وهي في سن الطفولة، والخطبة تحمل في طياتها بلاغة عالية وأمور جامعة، وهذا دليل كمال رشدها وعلو فهمها وعلمها وفطنتها ينقل الشيخ جعفر النقدي في كتابه زينب الكبرى عليها السلام، رواية عن أمير المؤمنين عليه السلام أن زينب عليها السلام كانت جالسة في حجر أبيها وهي طفلة صغيرة، فقال لها أبوها قولي (أحد) فقالت:(أحد)، ثم قال لها: (قولي اثنين).. سكتت فلم تلفظ تلك الكلمة.. فقال لها: لماذا لا تقولين (اثنين) قالت: إن لساناً تعود على واحد لا يمكنه أن يقول اثنين، فقبلها أبوها وضمها إلى صدره.
الكمالات العلمية في زينب عليها السلام:
كما وردت في بعض الروايات، بالإضافة إلى العلوم المتداولة بين عموم الناس، كانت لزينب عليها السلام مراتب خاصة في العلوم الدينية، أي أنها وبسبب حالاتها المعنوية العالية وخلوص نيتها وطهارة باطنها وصلت إلى مرحلة أصبح وجودها يفيض علماً وكمالاً، ذلك العلم الذي وصفه القرآن الكريم بالعلم اللدني الذي يختص به أولياءه حيث يقول: (فَوَجَدَا عَبْداً مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً) الكهف: 65.
شريكة الشهيد:
نعم إن ما انحنت عليه الأضلاع هو ذلك العلم المفاض عليها من ساحة القدس الإلهي لا بإرشاد معلم أو تلقين مرشد مع البلاغة في المنطق والبراعة في الإفاضة كأنها تفرغ عن لسان أبيها الوصي عليه السلام، وكما قال في حقها الإمام السجاد عليه السلام: «بأنها عالمة غير معلمة وفاهمة غير مفهمة».
ولم تكن البراعة والاسترسال في القول إلا مما انطبع فيها من النفسية القوية والملكة الفاضلة الممتزجة بثبات جأش وطمأنينة نفس وشجاعة إن شئت فسمها بالأدبية وإلا فهي فوق ذلك، وما خطبتها في الكوفة والشام والتي كانت تلقيها بين تلك المحتشدات الرهيبة أو قل بين الناب والمخلب غير متعتمة ولا متلعثمة وتقذفها كالصواعق على مجتمع خصومها، فكانت أعمالها وخطبها الجزء الأخير للعلة من نهضة الحسين عليه السلام وأظهرت تمام الفضيحة للأمويين بما نشرته بين الملأ من صحيفتهم السوداء حتى ضعضعت عرش دولتهم وفككت عرى سلطانهم وألصقت بهم العار مدى الدهر، فكانت شريكة الإمام الشهيد عليه السلام في هذه الفضيلة.
أم النوائب:
أما ما يخص سفرها إلى العراق مع أخيها الحسين عليه السلام وكيف تركت زوجها عبد الله فيعزى ذلك إلى تعلقها بأخيها الحسين عليه السلام، وفي رواية أنها شرطت مع زوجها يوم زوجها بأنها لا تتمكن من مفارقة أخيها الحسين عليه السلام، فإذا عزم في يوم ما على السفر فإنها ترافقه، فلا ندري مدى صحة هذا الخبر ولكن من المسلّم أن سفرها كان برضا زوجها وأما عدم سفر عبد الله مع الإمام الحسين عليه السلام فما نراه في الظاهر أنه ما كان يعلم نتيجة وعواقب هذا السفر، وما كان يعلم أنه سيستشهد، حتى أن أخاه محمد بن الحنفية وبعض من أولاد عمومته لنفس السبب لم يذهبوا معه. والبعض الآخر يعزون سبب بقائه في مكة هو عدم قدرته على السفر لأن عمره كان يناهز الإثنان والسبعون عاماً وهذا القول أيضاً ليس ببعيد، ولكن أرسل ولداه عون ومحمد مع أمهما زينب عليها السلام وأوصى لهما أن يحميا خالهما الحسين عليه السلام ويدافعان عنه.
وأما في الواقع ما كان أحد من المسلمين في ذلك الوقت يتصور أن النتيجة تصل إلى هذا الحد وما كانوا يصدقون أن الوقاحة والدناءة من بني أمية تصل إلى حد قتل ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته وأما زينب قد شاءت لها الأقدار أن تتعرض لإحداث جسام منذ طفولتها، وحيث رأت محنة أمها الزهراء عليها السلام وما جرى عليها من انتهاك حرمة بيتها وكسر ضلعها وإسقاط جنينها واغتصاب إرثها، وكيف استشهد أمير المؤمنين عليه السلام بسيف الغدر، ثم رأت أخاها الحسن عليه السلام بعد ما دس السم إليه من قبل زوجته جعدة بنت الأشعث، وعندما أرادوا دفنه بجوار جده وما أن علمت (عائشة) المسماة (بأم المؤمنين) وجلاوزتها من بني أمية، والكلام الذي دار بينهم وبين بني هاشم، والسبعون سهماً التي أصابت جنازة الإمام الحسن عليه السلام قبل دفنه في البقيع، وأخيراً مصيبتها الكبرى بأخوتها وسراة قومها على صعيد كربلاء ومن ثم تكفلها بالنساء والأطفال بعد تلك المجزرة الرهيبة، وما لاقتها في مسيرتها من كربلاء إلى الكوفة وإلى الشام، فكانت حياتها كلها محفوفة بسلسلة من المصائب والآلام من بدايتها وإلى نهايتها، ولكن من غير المألوف أن يكون الإنسان مستهدفاً للمحن والأرزاء والمصائب منذ طفولته وحتى آخر لحظة من حياته وأن يعيش في خضم الأحداث والمصائب كما عاشت عقيلة الهاشميين عليها والتي أحاطت بها الشدائد النوائب من جميع جهاتها وتوالت عليها واحدة تلو الأخرى حتى وكأنها وإياها على ميعاد، فأصبحت تعرف (بأم المصائب).
هكذا كانت حياتها منذ طفولتها وإلى آخر أيام حياتها، حياة مشبعة بالأحزان متخمة بالمصائب والآلام.
وفاتها وأين دفنت:
وحان الأجل الموعود للقاء رب الملك والملكوت، فأسلمت روحها الطاهرة في الخامس عشر من رجب، ودفنت في دمشق والتي تسمى اليوم بمدينة السيدة زينب عليها السلام ويؤمها الزائرون من شتى أنحاء العالم.
تدريب
4385قراءة
2016-04-23 11:25:25
تنمية مجتمعرد |