12 سنة من العطاء

 

جديد المواضيع

القادة والعلماء >> الشّيخ الشّهيد إلى العاصمة بيروت -2

الشّيخ الشّهيد 
محمد جواد مغنيّة

إلى العاصمة بيروت (الجزء الثاني):


في صباح اليوم التّالي ذهبت مع أحد الرّفاق إلى بائع الكتب، وأخبرته بحالي وما أُشيرَ عليّ، فأعطاني الكتبي حزمة من قصص أبي زيد الهلاليّ وعنترة بن شدّاد وما إلى ذلك، وحدّد لكلّ قصّة ثمناً، حتى إذا بعتها بأكثر أخذت الزّائد ودفعتُ له السّعر المعيّن.
حملت تلك القصص ورحت أذرع الأسواق من ساحة البرج إلى باب إدريس إلى سوق الطّويلة والميناء صائحاً منادياً على بضاعتي أعرضها على هذا وذاك، ولا أجد راغباً واحداً وإذا سامَها أحدٌ دفع ربع أو نصف الثّمن الذي حدّده لي الكتبي. وهكذا أمضيت نهاري على غير جدوى فأرجعت القصص إلى صاحبها واستدنت خمسة قروش ثمن العشاء.
وفي المساء رجعت إلى غرفة العمّال وسألني أحدهم عمّا اكتسب فأخبرته بما كان، فقال لي آخر :جرّب حظّك ببيع "الكازوز" والمرطّبات، عملت بالنصيحة وجربت حظّي في اليوم الثّاني فلم يكن بأسعد منه في اليوم الأوّل.
وفي اليوم الثّالث أخذت أذرع الأسواق هائماً على وجهي لا أدري ماذا أصنع، يائساً من نفسي ومن أهلي ووطني.
في اليوم الرّابع مررت صدفةً بولدٍ في سنّي يبيع الكعك، تقدّمت وسألته: كم تربح في اليوم؟
قال:مصروفي.
قلت:أتحصل على ثمن الغذاء والعشاء؟
أجاب:أغلب الأيام، وإذا جعت آكل من هذا الكعك.
قلت:أرشدني الى الفرن!
صحبني الصبيّ إلى الفرن الذي أخبرته برغبتي في العمل عنده، فرحّب بي وقال تعال صباح الغد، انتظرت الصباح بفارغ الصّبر، وفي الصّباح الباكر أسرعت إلى الفرن حيث ينتظرني عملي الجديد وتسلمت من صاحب الفرن كميّة من الكعك، ورحت أتجوّل بها هنا وهناك، وكان يوماً سعيداً حقّاً لأنّي تغدّيت كعكاً وربحت ثمن العشاء، ولكن لم أستطع الإستمرار في هذه المهنة لأني اكتشفت أن صاحب الفرن يستغلّني فهو يبيعني العشرين كعكة بـ 15 قرشاً مع أنّها لا تكلّفه أكثر من خمسة قروش.

مقتطفات من كتاب 
"تجارب محمد جواد مغنيّة"

برامج
2283قراءة
2018-08-20 00:27:29

تعليقات الزوار


إعلانات

 

 

12 سنة من العطاء

إستبيان

تواصل معنا