كيف ترسّخ حبّ الله في قلوب أفرادك؟(١)
«على مستوى الأجيال -سواءً جمعيّة كشّافة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) أو غيرها- يجب تقريب فكرة أنّنا نؤمن بالله، بوجوده، بأسمائه، بوحدانيّته، كما نؤمن بصفاته الجليلة والعظيمة والمقدَّسة، ونعبده ونطيعه»¹.
ـ سماحة السيّد حسن نصر الله (حفظه الله).
إنّ إيمان الإنسان بالله تعالى هو أمرٌ فطريٌّ وليس مكتسبًا، ومِن الدليل على ذلك الآية القرآنيّة {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}²، لذلك لا بدّ من ترسيخ هذا الإيمان، من خلال العمل على إيجاد حبّ الله في قلوب الأفراد وتعزيز هذا الحب.
ومن الأساليب الفاعلة لتحقيق ذلك هو تعريفهم على صفات الله تعالى وأسمائه، وتذكيرهم بنعم الله تعالى عليهم، وفي هذا الصدد يقول سماحة السيّد حسن نصر الله (حفظه الله) : «لهذا إذا تمّ توجيه عشق وحبّ الأفراد إلى المحبوب الحقيقيّ الذي هو أصل كلِّ كمالٍ وكلِّ جمالٍ، ألا وهو الله تعالى، فإنّ الفرد سيميل نحو فعل الخير، بل ستصبح إرادته وجميع أفعاله كما يريد محبوبه، ألا وهو الله تعالى»³.
إذًا، كيف يتعرّف الأفراد على صفات الله تعالى؟ وما هي الصفات الإلٰهيّة التي ينبغي ترسيخها؟ والأساليب التي تُعين القادة والمربّين على ترسيخ حبّ الله في قلوب الأفراد؟
أوّلاً: ما المقصود من الحبّ؟
من الناحية اللغويّة هو الودّ، والميل الشديد، ويقابله البغض، والتنفّر. أمّا اصطلاحًا فهو عبارةٌ عن التعلّق الخاص، والانجذاب المخصوص بين المرء وكماله.
وفي هذا المجال يقول سماحة السيد حسن نصر الله (حفظه الله): «إنّ أهميّة ومحوريّة الحبّ تظهر من جهة أنّه هو حالةٌ قلبيّةٌ تدفع الإنسان إلى القيام بأمورٍ لم يكن بالحسبان أن يفعلها، ولكن بسبب الحبّ فإنه سيفعل المعجزات في سبيل إرضاء محبوبه»⁴.
ثانيًا: كيف يتعرّف الأفراد على الله سبحانه وتعالى؟
إنّ معرفة الله تأتي من خلال التأمّل في صفاته، والتأمّل في مخلوقاته، فقد حدّد القرآن الكريم أفضل طريقةٍ إلى معرفة الله، بأنّها التأمّل في آيات الكون ومظاهره؛ حيث دعا في الكثير من سوره إلى التأمّل في مظاهر الكون للتوصّل من خلالها إلى معرفة الله { وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}⁵.
ومن كلامٍ لسماحة السيّد حسن نصر الله (حفظه الله): « نحن نتعرَّف على الله سبحانه -بسبب محدوديّة عقولنا- من خلال صفاتٍ يتجلّى ويظهر من خلالها، مثلًا: نحن نعرف أنَّ الله تعالى قديرٌ من خلال إعمال قدرته في هذا الوجود، نعرف أنّ الله سبحانه وتعالى هو الخالق، لأنّه هو الخالق الذي خلق هذا الكون، نعرف أنّ الله تعالى حكيمٌ لطيفٌ من خلال الحكمة المتجلِّية في هذا الكون، ومن خلال دقّة الخلق، نعرف أنّ الله سبحانه وتعالى عليمٌ، نعرف أنّ الله سبحانه وتعالى رحيمٌ، نعرف أنّ الله سبحانه وتعالى جوادٌ كريمٌ... ومن خلال تعرُّفنا على صفاته التي تتكشّف وتتجلّى لنا، يترتّب على المعرفة موقفٌ وعلاقةٌ عاطفيّةٌ»⁶.
ثالثًا: ما هو العامل الأساسيّ الذي يجعل الأفراد يشعرون بالحبّ؟
إنّ الإنسان مفطورٌ على حبّ كلّ كمالٍ، وكلّ جمالٍ، ومفطورٌ على النفور من كلّ نقصٍ، لهذا نرى بأنّ الأفراد يحبّون الكريم واللطيف والحليم والمحسن وغيرها، وينفرون من كلّ نقصٍ كالبخل والغضب والكبر والعجب وغيرها.
يقول الإمام الخمينيّ (قدّس سرّه) في وصيّته لابنه السيّد أحمد: «إعلم أنّ في الإنسان -إن لم أقل في كلّ موجودٍ- حبًّا فطريًّا للكمال المطلق، وحبًّا للوصول إلى الكمال المطلق، وهذا الحبّ يستحيل أن ينفصل عنه... فالكمال المطلق هو الحقّ جلّ وعلا، والجميع يبحثون عنه، وإليه تهفو قلوبهم، وإن كانوا لا يعلمون»⁷.
¹
² سورة الروم، الآية ٣٠.
³
⁴
⁵ سورة الرعد، الآية ٣.
⁶
⁷ رسالة أخلاقية من الإمام الخميني(رض) إلى ابنه السيد أحمد (رحمه الله) https://imamcenter.net/essaydetails.php?pid=93&eid=561&cid=93