12 سنة من العطاء

 

جديد المواضيع

المقالات التربوية >> كيف ترسّخ حبّ الله في قلوب أفرادك؟(٢)

كيف ترسّخ حبّ الله في قلوب أفرادك؟(٢)


 
رابعًا: ما هي الصفات التي ينبغي تعليمها للأفراد؟

يشير سماحة السيّد حسن نصر الله (حفظه الله)   إلى أبرز الصفات التي ينبغي تعليمها للأفراد فيقول: «حتّى الطفل الصغير، يجب أن نعلِّمَه حبَّ ربِّه؛ لأنَّه الأكثر استعدادًا، لديه مساحةٌ من النور والصفاء. وعليه، يجب أن نعلّمه من هو المنعم الحقيقيّ؛ علينا أن نوجِد حبَّ الله تعالى في قلوب الأطفال والناشئة لكي تنمو هذه القلوب، وتنشأ على حبّ الله تعالى، هي لا تزال في مساحة النور والفطرة»¹.
إنّ الأفراد في
  مرحلتَي البراعم والأشبال يعجزون عن إدراك المفاهيم التجريديَّة مثل: "الله يضيء"، فهم يتّجهون نحو الشعلة، أو النور، أو النار، بينما في مرحلتيّ الكشّافة والجوّالة يدركون تلك المفاهيم. فمثلًا يستطيعون التمييز بين الرحمة الإلٰهيّة والعذاب الإلٰهيّ، وبالتالي يدركون أنّ الله عادلٌ.
 
 
خامسًا: ما هي آثار حبّ الله؟ 

يوجد العديد من الآثار الناتجة عن حبّ الله تبارك وتعالى ومنها:

1- الاستقرار النفسيّ: إذ أنّ الفرد يُحبّ من لا يفنى ولا يغيب، الحاضر في كلّ زمانٍ ومكانٍ، وبالتالي عندما يحتاج إلى من يُكلِّمه أو يشكي له همومه، فإنّه سيتوجّه نحو الله تعالى، لأنَّه يعلم بأنّه يحلّ جميع المشاكل  والبلاءات، وبأنّه إذا أراد الخير والعطاء والطمأنينة، فإنّها فقط تأتي من الله تعالى {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}².

2- التكامل المستمرّ: ب ما أنّ المحبوب كمالٌ مطلقٌ، فإنّه سيكون هناك سعيٌ دائمٌ للتحلّي بصفاته، وهذا السعي يكون نحو الكمال.

3- العناية الإلهيّة: إذ أنّ الحبّ يولِّد علاقةً وطيدةً بين المحبوبَين، فيصبحان مدافعان عن بعضهما البعض {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا}³، ويعيش الفرد بالمقابل حالة التبرّي من أعداء محبوبه، وبالتالي ستشمله العناية الإلٰهيّة والرحمة {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}⁴.

4- خروج التعلّقات القلبيّة: حبّ الله وحبّ الدنيا لا يجتمعان في قلب الفرد، فإذا كان القلب متعلّقًا بحبّ الدنيا وملذّاتها، فإنّ حبّ الله سيزول من قلبه، أمّا إذا كان القلب خاليًا من أيّ حبّ ما عدا حبّ الله، فإنّ الدنيا وكلّ ما فيها لن تدقّ باب قلبه، ف عن الإمام الصادق عليه السلام: «القلبُ حَرَمُ الله، فلا تُسكِن حَرَمَ الله غير الله»⁵.
 

 

سادسًا: من هم أحباب الله؟ 

عبّرت الآيات الكريمة عن العديد من الصفات والأعمال التي توجب حبّ الله لفاعلها ومنها:

1- المحسن: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُ‏ الْمُحْسِنينَ}⁶ .

2- التوّاب والمتطهّر: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُ‏ التَّوَّابينَ وَ يُحِبُ‏ الْمُتَطَهِّرينَ}⁷.

3- المتّقي: { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُ‏ الْمُتَّقينَ}⁸.

4- الصابر: {وَاللَّهُ يُحِبُ‏ الصَّابِرينَ}⁹. 

5- المتوكّل: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُ‏ الْمُتَوَكِّلينَ}¹⁰.

6- المقاتل في سبيل الله: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُ‏ الَّذينَ يُقاتِلُونَ في‏ سَبيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ}¹¹.
 


 سابعًا: أساليب ترسيخ حبّ الله في الأفراد

يقول الإمام الخامنئي (دام ظلّه) في هذا الإطار: «من استولت على قلبه محبّة الله، سيقلّ أو ينعدم ميله إلى المعصية، ويزداد توجّهه إلى فعل الخير، فيجب إيجاد هذه المحبّة، وهو ممكنٌ بالذكر والتوجّه والإخلاص والتضرّع»¹².
ينبغي أن تكون ا لأساليب منسجمةً مع خصائص كلِّ مرحلةٍ، ففي مرحلتَي
البراعم والأشبال يتمّ ترسيخ الصفات الإلٰهيّة من خلال الحواس، أمّا في مرحلتَي الكشّافة والجوّالة فيكون تفكيرهما تجريديًّا، وبالتالي يستطيع أفراد هاتين المرحلتين إدارك الماورائيّات. 
كما ينبغي التركيز على الصفات الجماليّة وترسيخها  في نفوس أفراد مرحلتَي البراعم والأشبال، مثال: الخالق، اللطيف، الرحمٰن، الرحيم، النور، المنعم، وغيرها.
أمّا الصفات الجلاليّة ينبغي التركيز عليها وترسيخها في نفوس أفراد مرحلتَي الكشّافة والجوّالة، مثال: المهيمن، الجبّار، المتكّبر، المنتقم، المتعالي، وغيرها. بعضٌ من هذه الأساليب:

1- في بداية كلّ نشاطٍ، يطلب القائد من كلِّ مجموعةٍ قراءة سورةٍ قرآنيّةٍ صغيرةٍ، ومن المجموعة الثانية تفسير آيةٍ، وذلك لترسيخ فكرة أنّ القرآن الكريم هو رسالة المحبوب إليك ليُخبرك عن نفسه، وليرشدك إلى ما فيه صلاحك وسعادتك، وأنّه برنامجٌ للحياة لكلّ الناس. 

2- القيام برحلاتٍ إلى الطبيعة، والتعرّف إلى مظاهر الكون، والتحدّث عنها كمخلوقٍ ونعمٍ من الله تعالى.

3- إجراء مسابقاتٍ محورها حفظ أسماء الله الحسنى، ومعانيها.

4- إثارة دافعيّة الأفراد نحو اكتشاف الصفات الإلهيّة من خلال طريقة التعلّم التعاونيّ؛ كأن يُعطَى للأفراد صفة "اللطيف"، وعليهم أن يبحثوا عن أشياء دالّةٍ على هذه الصفة، أو متى يمكن ذكر هذا الاسم في حياتنا اليوميّة. 

5- التركيز على الأدعية والمناجاة، وتعليمها للأفراد، والتأمّل في معانيها. يقول الإمام الخمينيّ (قدّس سرّه): «بني: إنّ الأدعية والمناجاة التي وصلتنا عن الأئمّة المعصومين (عليهم السلام) هي أعظم أدلّةٍ إلى معرفة الله جلّ وعلا... وتمثّل أيضًا وسيلةً ابتكرها أهل بيت الوحي للأنس بالله جلّت عظمته»¹³.

6- القيام بمسرحيّةٍ تُشابه قصّة النبي موسى والخضر (عليهما السلام)، من أجل أن يعلم الفرد أنّ الله تعالى لا يفعل أيّ شيءٍ للإنسان، إلا من باب حبّه ورحمته به.

7- شرح فكرة النعم وأثرها على الفرد، فالإنسان عندما يتلقّى من إنسانٍ آخر هديّةً أو يتصرّف معه أحدٌ ما بطريقةٍ لطيفةٍ، يميل قلبه تجاه هذا الإنسان، فكيف الله تعالى الذي يُغدقنا بالنعم والهدايا منذ ولادتنا إلى آخر لحظةٍ من عمرنا من غير استحقاقٍ؟

 

¹
² سورة الرعد، الآية ٢٨.
³ سورة الحج، الآية ٣٨.
⁴ سورة آل عمران، الآية ٣١.
⁵ بحار الأنوار، ج ٦٧، ص ٢٥.
⁶ سورة المائدة، الآية ١٣.
⁷ سورة البقرة، الآية ٢٢٢.
⁸ سورة آل عمران، الآية ٧٦.
⁹ سورة آل عمران، الآية ١٤٦.
¹⁰ سورة آل عمران، الآية ١٥٩.
¹¹ سورة الصف، الآية ٤.
¹²
¹³ وصايا عرفانية، ص ١٩.

أمانة برامج الإختصاصات
2234قراءة
2016-07-28 10:36:26

تعليقات الزوار


إعلانات

 

 

12 سنة من العطاء

إستبيان

تواصل معنا