يُحكَى أنّه...
ياااه عَمَّ سأتحدّث، بِمَ أبدأ وَكيف؟
وهل في الحديث عَن من خطَّ تراتيل آية القُدس الّتي ارتسمت على تلكَ الملامح الجنوبيّة السّمراء بِدايةٌ يُبتدى بها؟ أو هل لِقلبٍ مُتيبّسٍ أن يُسعِف صاحبه ويَنصُرَه حَتَّى يَقوى عَلى الحَديث؟! _عُمومًا _ لم يعد للقلب مَكانٌ بين الأضلع، لقد آلمني كَسر أضلاعي كَثيرًا حدَّ النّزعِ وَالنَّيطل !
"كانت كُلّما تنفّست تألّمت"، تُحدِث هذه العبارة جلجَلةً وَصخبًا في ثنايا روحِيَ المُظلمة الّتي كان سناها ضحكةُ مَبسمكَ الدُّرّي .. وَبِم واسينا تُفّاحة الفردوس الّتي يُشمّ منها ريح الجنّة وَالّتي إذا قامت في محرابها زهر نورُها لأهل السَّماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض؟ أبِكسر أضلاعٍ من فرط شوقٍ لملوكتيٍّ إلهيٍّ؟ تلكِ سيّدة الوجود أصل النّعمة علينا عامود ديننا مكسورة الأضلاع.. واللّٰه يا سِيِّد حَسن واللّٰه! لو بيرجع بينفتح ملفّ العمليّات الاستشهاديّة لَقدّم ولادي الأربعة.. فِدا السّيّدة الزَّهْرَاء (عليها السلام) والإمام الحسين (عليه السلام).. كِل شيء منملكه فدا هالخطّ المقدّس يا حفيد الزَّهْرَاء (عليها السلام) انت يلي دافعت عن عرضنا وأرضنا و شرفنا.
يا لجمال لكنتكِ الجنوبيّة كم أحبّها؛ يا لعذوبة اِسم مولاتنا الصِّدِّيقة الشَّهيدة فَاطِمة "سلام الله عليها" حين يخرج من فمك..! يا لملامحكِ الجنوبيّة السّمراء الّتي تزيد وجهك المليح الوضّاح رغم ألم الفراق جمالًا! عجيبةٌ أنتِ ما أعظم شأنكِ وأرفعه..
لَكَم أشعر بالغربة وسط ضوضاء صحراء روحي القَفرى!
أنّى لِبستان القَلب المُتيبّس ذاك أن يُزهر من جديد ويعود بعلًا على الفطرة؟! نستسقي لها من مآقينا دمعًا ساجمًا؟
أنّى وفي العين قظًى وفي الحلق شجًى! لقد تيبّس الدّمع في المحاجر وابيضّت الأعين لشدّة البكاء..
لتعقّب قائلة:
' الواحد بيبكي عالفراق والشوق مش ضعف أو جزع.. يعني أنت تخيّل ابنك ما الو قبر تزوره ولا في عندك شي من أثره ولا شفتو بالكفن.. ورحت لمطرح ما استشهد لتفتش ع شي قطعة من جسمه ما لاقيت شي.. كله تقطع تقطيع.. فدا الزّهراء والحسين(عليه السلام)
{يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[الحَديد_الآية12]
وَ حقِّك يا ملاكَ الجَنوب ذا الملامح السّمراء المجبولة برائحة التّراب النّديّة أنّك مصداقٌ للآية الكريمة، يا ذا العينين الياقوتيّتيْنِ والوجه المليح والكفّ المعطاءة!
يا من غادر بلا كفن؛
بلا غُسلٍ، لم يبقَ سِوى تِلك "البذلة العسكريّة"
الّتي حاكتها أكفّ النّسوة السّمراء من خيوط جنّة السّماء السّابعة _أرض الجنوب _
حفظت رائحتك ورائحة دمائك يوم جُرِحت!
و شاء اللّٰه أن يرفعك إليه مُقطّعًا، بلا رأس، بلا أضلاع، دون أن يكون لك مرقدُ..طاهِرًا صافيًا نقيًّا.
لتكون تلك البذلة الشّيء الوحيد الّذي بقي من أثرك، فتنادي بعدها الأمُّ القِدِّيسة ما ضاع الحليب اللي رضعته منّي هيك... واللّه وبيّضتلّي وجّي يا ابني عند أهل البيت (عليهم السلام).. اللّٰه يهنّيك بجنّتك يا صلاح
ومن يَدري؛ لعلّه قد ترك تلك البذلة العسكريّة ليُثلج صدرها و يُبرِّد النّيران المتأجّجة المستعرة في صدر أمّه الّذي رضع منه حليبًا طاهرًا بعدما رحل إلى ذاك العالم دون أن يُلوّح لها بكفّيه الأسمرين !
لن يعود مَلاككِ، لن يعود!
نص الدليلة نور فاطِمَة
دليلة
1189قراءة
2021-04-26 09:24:19