على أعتاب شهر شعبان المبارك
نبارك لصاحب العصر والزمان (عجّل الله تعالى فرجه) وللإمام الخامنئي (دام ظلّه) وللأمّة الإسلاميّة جمعاء إطلالة شهر شعبان المبارك، الذي في بداياته ذكرى ولادة أقمار شهر شعبان، سيّد الشهداء أبي عبد الله الحسين والإمام زين العابدين وأبي الفضل العباس (عليهم السلام)، راجين من الله سبحانه وتعالى أن يمنّ على شهدائنا بالرحمة وعلوّ الدرجات، وعلى جرحانا بالشفاء العاجل، وعلى أسرانا بالفرج القريب، وعلى المجاهدين بالنصر المؤزّر، وعلى عوائلنا بالأمن والأمان.
ارتأينا في هذه المناسبات الكريمة أن نضع بين أياديكم مقتطفاتٍ من خطابات سماحة الإمام القائد حفظه المولى في استقبال شهر شعبان:
«أسأل المولى تعالى أن ينظر نظرة لطفٍ وقبولٍ لكلّ هذا الجهاد والجهود المخلصة، ويكلّل بمزيدٍ من التألّق والبهاء نورَ الفلاح والسعادة الذي ظهر في هذا البلد، وأشرق على ربوع العالم الإسلامي، وتجلّى في القلوب والأرواح بفضل جهادكم، وأبارك لكم أيضًا حلول شهر شعبان والأعياد المباركة في هذا الشهر المبارك، إذ أنّ شهر شعبان من الفرص الثمينة أمامنا، وأنّ هذه الأشهر الثلاثة ـ رجب و شعبان وشهر رمضان ـ أيامٌ نفيسةٌ وعلينا اغتنام الخيرات الإلٰهية فيها، وكما يعبّر العسكريّون يجب أن نستكمل ذخيرتنا المعنوية، فإذا ما هبط الاحتياط المعنوي في كيان الإنسان إلى ما هو أدنى من المستوى المطلوب فستتقاذفه المنزلقات والانحرافات الفادحة».
«إنّ المعنويات الكامنة في وجود الإنسان، تمثّل مصدرًا للهدفيّة وتضفي معنًى على حياته وتوجّهها، مثلما تقوم المبادئ المعنويّة والأخلاقيّة بتوجيه حياة المجتمع والبلد والأمّة، فتضفي على جهدها وكفاحها معنًى، وتهب الإنسان هويّته، فإذا ما أُفرِغ شعبٌ أو بلدٌ من مبادئه الأخلاقيّة والمعنويّة ضيّع هويّته الحقيقيّة وغدا كالعهن المنفوش، يتأرجح تارةً بهذا الاتجاه وأخرى بذاك الاتجاه، ومرةً تتلاقفه يد هذا وأخرى يد ذاك، وأنّ هذا الشهر الشريف والذي قبله والذي يليه، جميعها تُعدّ فرصًا لنا لاستكمال ذخيرتنا المعنويّة».
«إنّ هذه الأشهر فرصةٌ لإعادة النظر، ولقد كان أولياء الله وأئمّة الهدى (عليهم السلام) يدأبون على المناجاة الشعبانيّة، وإنّني سألت إمامنا الخميني العظيم ذات مرّةٍ: أيَّاً من الأدعية ترجّح؟ فذكر منها اثنين: أحدهما المناجاة الشعبانيّة والآخر دعاء كميل؛ واعتبر أنّ هذين الدعاءين يحتويان على مضامين راقية، وهذه الأدعية ليس من شأنها القراءة فقط، أي أنّ فائدتها لا تقتصر على أن يملأ الإنسان الأجواء بصوته ويتفوّه بهذه الكلمات فقط، فهذه حالةٌ قِشريّةٌ ليس لها شأنٌ يُذكر، بل لا بدّ أن تتناغم هذه المفاهيم مع الفؤاد ويدخل القلب رحابها، وإنّ هذه المفاهيم الراقية والمضامين البهيّة بألفاظها الرائعة إنّما الغاية منها أن تستقرّ في فؤاد الإنسان - "إلهي هب لي كمال الانقطاع إليك، و أنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك" - أي اللهمّ اجعلني دائم الاتصال والارتباط بك، وأدخلني في حريم عزّك وشأنك، وأنر بصيرة فؤادي بحيث تقوى على النظر إليك، - "حتى تخرق أبصار القلوب حجب النور"- فيقدر بصري على اختراق كافّة الحُجب النوارنيّة ويجتازها حتى يصل إليك ليراك ويدعوك».
«كل من يجعل الدنيا ولذّاتها وشؤونها اليوميّة أكبر همّه فهو مخطئ، ولابدّ أن يأتي اليوم الذي يعي فيه خطأه ولكن بعدما يكون الوقت قد فات ولا يمكن عندها فعل شيء، ولكن إذا أردتم السير على هذا الطريق، فعليكم السير فيه باندفاعٍ واخلاصٍ وشوق، وعليكم باستثمار فترة شبابكم من أجل التقرّب إلى الله».
«ويمكن استثمار هذه الفرصة منذ الآن، هذا هو شهر رجب وسيحلّ في المستقبل القريب شهرا شعبان ورمضان، فتزوّدوا في هذه الأشهر الثلاثة بما تستطيعون من ذخيرةٍ معنويّة، لأنَّ هذا يعتمد على روح الشباب وسيدّخر لكم؛ وهذا يصدق على سائر شؤون المجتمع، فكلّ ما يستند إلى الشباب يتّصف أوّلًا بالبقاء، وثانيًا يكون مونقًا ويانعًا، وقضية مجابهة الاستكبار من هذا القبيل، وتحمل توجّهًا وطنيًّا بالنسبة لبلدنا وشعبنا».
«أدعوكم وكل من يسمع صوتي أو سيسمعه لاحقًا، إلى توثيق صلتكم بالله ما استطعتم، خاصّةً في هذين الشهرين المباركين؛ رجب وشعبان، فهما شهرا الدعاء والاستغاثة، والاتصال بالله، ومناجاة المعشوق الحقيقي لكلّ إنسان، أعدّوا أنفسكم في هذين الشهرين للورود إلى مائدة الضيافة الإلٰهيّة في شهر رمضان».
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين
مهدي
2109قراءة
2016-01-20 16:33:28