سلسلة قصص شمس كربلاء وأرض الجنوب
- متن مصباح الهدى
اليوم الأول: طلب البيعة من الامام الحسين عليه السلام
شمس كربلاء: بداية الأحداث المباشرة كانت عند موت معاوية بن أبى سفيان (لعنه الله) في دمشق، في شهر رجب، سنة 60 للهجرة. فهيا يا أصدقاء، نستمع معاً، وننتبه، لنعرف ماذا جرى.
لقد تسلم يزيد بن معاوية الحكم بعد أبيه، وأرسل رسالة إلى الأمير على المدينة المنورة، وكان اسمه الوليد بن عتبة، أمره فيها أن يأخذ الإعتراف من الناس بأن يزيد هو الحاكم بعد معاوية، وتحديداً من الإمام الحسين (ع)، وأمره أن يقتله إن رفض القبول بذلك.
أرض الجنوب: حقاً!!! ماذا تقولين ؟
شمس كربلاء: نعم ،هذا ما حصل.
أرض الجنوب: وماذا فعل الوليد بن عتبة ؟
شمس كربلاء: لقد أرسل رجلاً إلى الإمام الحسين (ع) في الليل، ودعاه لأن يحضر إلى قصر الإمارة في المدينة المنورة.
أرض الجنوب: وهل ذهب الإمام الحسين (ع) إليه ؟
شمس كربلاء: نعم، ذهب ومعه ثلاثين رجلاً من أصحابه وأهل بيته، ولما وصل، دخل إلى المجلس، فأخبره الأمير بموت معاوية، وطلب منه أن يقبل بيزيد خليفة للمسلمين وأميراً عليهم.
أرض الجنوب: وهل قبل الإمام الحسين (ع) أن يعطي الحكم ليزيد ؟
شمس كربلاء: لا، لقد رفض أن يكون يزيد هو الأمير.
أرض الجنوب: ولماذا ؟
شمس كربلاء: ألا تعلمين؟ إن يزيد رجل كافر، شرير، يشرب الخمر، ويحي حفلات الرقص والطرب، ويقتل المؤمنين الصالحين.
اسمعي أيتها الأرض ماذا فعل الإمام الحسين (ع) ؟ لقد وقف أمام الأمير وليد بن عتبة، وقال له كلام معناه: أيها الأمير: إنّا أهل بيت النبوة، وأصحاب الرسالة، وفي بيوتنا تنزل الملائكة، بنا يرحم الله الناس وبنا يعذبهم، ويزيد رجل شرير شارب الخمر وقاتل المؤمنين، وويعصي الله أمام الناس، وأنا لا أعترف به أميراً على المسلمين.
أرض الجنوب: وهل فعل الأمير شيئاً عندما سمع هذا؟
شمس كربلاء: لقد غضب وعلا صوته، فدخل أصحاب الإمام، وأحاطوا به، وأخرجوه إلى منزله.
أرض الجنوب: ما أجمل هذا الكلام الذي قاله الامام الحسين عليه السلام لذلك اللعين الكافر، وماذا حصل بعد ذلك ؟
شمس كربلاء: اجتمع اللعين الوليد بن عتبة مع رجاله حتى يحددوا ماذا سيقولون ليزيد، فهم لم يستطيعوا أن يأخذوا الإعتراف من الامام عليه السلام بأن يزيد هو الأمير على المسلمين.
أرض الجنوب: هذا جيد، الأن يغضب يزيد ويعاقبهم ويصبح الامام عليه السلام بأمان.
شمس كربلاء: كلا، فلقد اتفقوا بشكل جيد، وأرسلوا الى يزيد أن الحسين لم يعترف بك أميراً وعلينا قتله.
أرض الجنوب: الأن يجب أن يختار الامام عليه السلام مكان أمن يبقى فيه، حتى لا يغدر هؤلاء اللعناء به.
شمس كربلاء: في هذا الوقت جهز الامام عليه السلام أهله و مرّ على قبور جده رسول الله، وأمه السيدة الزهراء، وأخيه الإمام الحسن عليهم السلام، وودّعهم بعد أن أخبرهم بما يفعله به القوم الظالمين. من ثم جمع أهل بيته والمرافقين له من الأصحاب وتوجهوا باتجاه مكة المكرمة الذي اختار الامام الذهاب اليها.
هنا سكتت الشمس عن الكلام.
أرض الجنوب: أكملي أيتها الشمس، فأنا أحب أن أعرف ماذا حصل بعد ذلك.
شمس كربلاء: إني آسفة يا أرض الجنوب، الآن موعد الغروب، انتظري، سأكمل لك غداً إن شاء الله.
وغابت شمس كربلاء، وبقيت الأرض تفكر بما جرى على الحسين (ع).
المفهوم: أن لا نقبل الظلم، وأن نواجه كل ظالم، بكل قوة وشجاعة، ولا نخاف من العقاب والقتل، كما فعل الإمام الحسين (ع).
اليوم الثاني: خروج الإمام الحسين عليه السلام من المدينة
الراوي: ما كادت شمس الثاني من المحرم تشرق بنورها على الدنيا، حتى سارعت الأرض الى الطلب منها، أن تخبرها ماذا حصل مع الامام الحسين عليه السلام، بعد خروجه من منزل الوالي رافضاً أن يقبل بيزيد أميراً على المسلمين. استجابت الشمس لطلب الأرض وبدأت الكلام بصوت حزين قائلة:
شمس كربلاء: عندما رفض الامام عليه السلام أن يكون يزيد هو الأمير، علِم أن الحكّام الظالمين لن يتركوه حتى يقبل ولو بالقوة، لأنهم كانوا يعلمون أن عدم قبول الإمام الحسين عليه السلام، هو أكبر دليل للناس أن هذا الحاكم ظالم ومعتدي.
الأرض: لهذا السبب إذاً قرّر الإمام عليه السلام أن يخرج قائلاً عن سبب خروجه، " أريد أن أمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأصلح في أمة جدي رسول الله صلى الله عليه وآله ".
الشمس: نعم، بالتأكيد كان سبب خروج الامام عليه السلام هو هداية الناس، لذلك جمع أهل بيته وأخوته وأبنائه وأبناء أخيه الحسن عليه السلام، وتوجه الى مكة المكرمة.
أرض الجنوب: وماذا حصل مع الامام عليه السلام في مكة ؟
شمس كربلاء: وصلته مئات الرسائل من "الكوفة"،(مدينة أبيه الإمام علي عليه السلام) تطلب منه أن يقدم الى العراق، وأن أهل الكوفة بانتظاره، وأنهم ليس لهم إمام ويريدون منه أن يكون اماماً عليهم، وأنهم مستعدون لنصرته والقتال معه ضد الظالمين، ليعود الحق لأصحابه ويكون هو الأمير عليهم.
أرض الجنوب: رائع، إذاً ذهب الإمام الحسين عليه السلام الى العراق بعد وصول الرسائل اليه!
شمس كربلاء: كلا، لم يذهب مباشرة، بل أرسل اليهم مندوباً عنه، من أهل بيته لكي يتأكد من صدقهم، ولكي يجمع كلمتهم على الولاء والطاعة للإمام الحسين عليه السلام، فيستعدوا للجهاد والقتال مع الامام عليه السلام، ويأتي الامام بعد أن يكون المبعوث من قبله قد هيأ الناس للثورة.
أرض الجنوب: لكن! أين ذهب؟ وماذا فعل في هذا الوقت؟ هل بقي في المدينة أم أنه اختبأ في مكان ما ؟
شمس الجنوب: لم يختبأ في أي مكان، فالإمام الحسين عليه السلام شجاع جداً ولا يخاف الاّ من الله تعالى.
أرض الجنوب: إذاً، أخبريني الى أين توجه ؟
شمس كربلاء: إصبري قليلاً أيتها الأرض، وسأخبركِ: لقد كان ذلك الوقت الذي أراد الامام الخروج فيه هو وقت الحج في مكة المكرمة، لذلك توجه الامام عليه السلام لأداء فريضة الحج حتى يكون مسلم قد بعث من الكوفة بالجواب النهائي.
أرض الجنوب: كيف يذهب الى الحج؟ فذلك يحتاج الى أيام كثيرة، وهو بانتظار جواب من سفيره كي يتوجه الى العراق!.
شمس كربلاء: أنت على حق، الحج يحتاج الى أيام كثيرة، ولكن أيضاً سفير الامام يحتاج الى أيام كثيرة كي يعود، فيستفيد الامام من هذا الوقت ويحج بيت الله الحرام، لأنها يمكن ان تكون أخر مرّة يحج فيها.
أرض الجنوب: يا الله!!! ما أعظم هذا الامام فكل حياته عبادة لله تعالى.
شمس كربلاء: نعم، أنه أعظم من ذلك، ولكن للأسف لم تسمح له الظروف بأن يتم حجه، فقد علِم أن يزيد أرسل جواسيسه ليقتلوه داخل حرم الكعبة.
أرض الجنوب: يا له من شرير كافر! لا يخاف الله أبداً، ألا يعلم ان هذا المكان ممنوع القتال فيه ؟
شمس كربلاء: بلى يعلم، ولكن هو كما قلت، لا يخاف الله أبداً، لذلك أسرع الامام في أعمال الحج، وبعضها لم يكمله، وبدّل ثيابه البيض الخاصين بالحج وغادر الكعبة.
أرض الجنوب: لما أسرع الامام عليه السلام! فقد قلت أنه لا يخاف من أحد ؟
شمس كربلاء: أيتها الأرض، هو لم يخرج لأنه خائف على نفسه، ولكن كي لا يقتله جنود يزيد داخل الكعبة وتذهب حرمتها، ولا يتحقق الهدف و هو الذهاب الى العراق.
أرض الجنوب: وبعد أن خرج من الكعبة، هل ذهب مباشرة الى العراق دون انتظار الجواب من سفيره هناك ؟
شمس كربلاء: نعم أيتها الأرض، جمع الأصحاب وكل من يريد الذهاب معه وانتظروا الليل حتى لا يراهم أحد من جيش الظالمين،وتوجهوا في رحلة طويلة ومتعبة نحو العراق، على أمل أن يلتقوا بمسلم في الطريق
أرض الجنوب: يعني هكذا يكون الإمام عليه السلام قد خرج من مكة، لكن عندي سؤال لك أيتها الشمس، لقد ذكرت اسم مسلم كثيراً وأنه سفير الامام عليه السلام فمن هو هذا الرجل ؟
شمس كربلاء: عذراً أيتها الأرض، فقد حان الأن موعد الغروب، وأعدك أن نكمل غداً بإذن الله تعالى.
أرض الجنوب: وداعاً
شمس كربلاء: الى اللقاء.
المفهوم: أحبائي، عندما يضع الانسان أمام عينيه هدفاً فيه رضا الله تعالى، خاصة اذا كان هذا الهدف كهدف الامام الحسين عليه السلام، وهو نشر الدين الصحيح وحكم الله على الأرض، فعليه أن لا يتراجع مهما كثر الأعداء ومهما كانت الظروف صعبة، وحتى لو بقي وحيدا وعلم أنه سيقتل، وهذا الامام الحسين العظيم قدوة لنا في هذا المجال، والسلام عليكم ورحمة الله وبركانه.
اليوم الثالث: مسلم بن عقيل
الراوي: بقيت الأرض طوال الليل ساهرة، تفكر بما جرى على مسلم بن عقيل ابن عم الامام الحسين عليه السلام، وتقول في نفسها لماذا كانت الشمس حزينة وكئيبة عندما كانت تذكر مسلم بن عقيل ؟ أي مصيبة حصلت له في الكوفة؟ وبقيت تسأل نفسها عن قصة مسلم حتى طلعت عليها شمس كربلاء.
فقالت لها الأرض: أرض الجنوب : مهلا ، أيتها الشمس لدي سؤال !
شمس كربلاء : تفضلي .
أرض الجنوب : ما الذي شجع الحسين (ع) أن يذهب إلى الكوفة ، وقد ذاق الأسى واللوعة منها ، فهي التي غدرت وقتلت أباه أمير المؤمنين علي وأخاه الحسن "عليهما السلام".
شمس كربلاء : قبل خروج الحسين (ع) إلى الكوفة أرسل ابن عمه مسلم بن عقيل ليستطلع أمرهم ويخبرهم بكل ما هم عليه . ونزل في دار المختار بن أبي عبيده الله الثقفي ، فأقبل أهل الكوفة إليه وبدأوا مبايعة الحسين (ع) فكلما اجتمع منهم جماعة قرأ عليهم مسلم كتاب الحسين (ع) فكانوا يبايعونه حتى بايعه ثمانية عشر ألفا فكتب مسلم بن عقيل إلى الحسين "ع" بذلك وطلب منه القدوم .
عندما علم يزيد "لعنه الله" مبايعة أهل الكوفة للحسين عين عبيد الله بن زياد واليا على الكوفة وكان ظالما فبلغ ذلك مسلم فانتقل من دار المختار إلى دار هاني بن عروة ، ذاك الرجل المؤمن الطيب، وأصبح أصحابه يأتون إليه سرا حتى لا يعلم ابن زياد أين هو ، لكن عملاء ابن زياد كشفوا مكان مسلم فقتل ابن زياد هاني وبدأ بملاحقة مسلم .
أرض الجنوب : وماذا فعل مسلم بعد أن قتل خلًص أصحابه ؟
أرض الجنوب: منذ تركتني أيتها الشمس، وأنا أفكر بمسلم بن عقيل، فأخبريني قصة هذا الرجل الشجاع.
شمس كربلاء: بعد أن وجد مسلم نفسه وحيداً غريباً، راح يمشي في شوارع الكوفة ولم يجد شخصاً واحداً يدلّه على الطريق وأخيراً تعب وشعر بالعطش، فوقف أمام باب بيت في الكوفة، وإذ بامرأة تخرج من البيت، وكان اسم هذه المرأة طوعة، وعندما رأته جالساً على باب بيتها قالت له: ماذا تريد أيها الرجل الغريب ؟ قال: أريد أن أشرب الماء، فسقته وقالت له اذهب من هنا.
أرض الجنوب: ألم تكن تعلم أنه مسلم سفير الامام الحسين عليه السلام !
شمس كربلاء: كلا، ولكن مسلم قال لها: أيتها المرأة الصالحة، أنا رجل غريب وليس لي هنا أهل ولا مكان أذهب اليه، فأدخليني على أن أعطيك أجرك يوم القيامة.
أرض الجنوب: وماذا أجابته المرأة ؟
شمس كربلاء: تعجبت من كلامه وسألته: ومن أنت حتى تشفع لي يوم القيامة ؟؟ فأجاب مسلم: أنا رسول الامام الحسين عليه السلام، وابن عمه مسلم بن عقيل، فبدأت المرأة بالبكاء وادخلته الى دارها وهي تقول له: أهلاً برسول الإمام، فقضى مسلم ليلته يصلي ويدعو الله الى الصباح.
أرض الجنوب: وهل ذهب مسلم في الصباح الى الحسين عليه السلام ؟
شمس كربلاء: كلا فقد كان لطوعة ولداً شريراً مع جيش يزيد، وقد علِم بوجود مسلم في دارهم فأسرع وأخبر ابن زياد، فأرسل ابن زياد عشرات الجنود ليمسكوا بمسلم، فجاؤوا وحاصروا بيت طوعة وأشعلوا النيران حوله، فخاف مسلم أن يحترق بيت طوعة فخرج اليهم وقاتلهم قتالاً شديداً حتى قتل منهم واحداً وأربعين رجلاً، فجاء جنود آخرون من عند ابن زياد واجتمعوا كلهم على مسلم فحاصروه وامسكوا به وجروه الى قصر الإمارة بعد أن كانوا قطعوا شفتيه والدماء تجري من فمه.
أرض الجنوب: يا لهم من مجرمين! قولي أيتها الشمس ماذا جرى في القصر بين مسلم وابن زياد الظالم اللعين ؟
شمس كربلاء: أدخلوا مسلم على ابن زياد، فوقف مسلم دون أن يلقي السلام، فقال له أحد الحرس سلّم على الأمير، فقال مسلم: إنه ليس لي بأمير، أميري حسين ونعم الأمير
فضحك اللعين ابن زياد وقال لمسلم: سلّمت أم لم تسلّم فإنك مقتول.
أرض الجنوب: وهل قتله حقاً ؟
شمس كربلاء: ويا لها من جريمة ارتكبها ابن زياد بحق مسلم المظلوم، لقد رماه من على سطح الإمارة بعد ان قطع رأسه. وكان مسلم يكبر ويستغفر ويصلي على محمد وآل محمد، وعندما صعد إلى أعلى القصر نظر ناحية أرض الحجاز وعيناه تدمع، وأصبح يخاطب الحسين (ع) ويطلب منه عدم القدوم لأن أهل الكوفة خانوه وكذبوا عليه بعد أن بايعوه.
أرض الجنوب: لعنهم الله من مجرمين ظالمين.
شمس كربلاء: لم يكفهم قتل مسلم، بل ربطوه بالحبال وسحبوه من رجليه في الأسواق ثم صلبوه.
أرض الجنوب: الآن قد فهمت سبب قدوم الإمام إلى تلك الأرض فمسلم قد قتل من دون أن يعلم الحسين (ع) خيانة أهل الكوفة له.
شمس كربلاء: هذا صحيح أيتها الأرض، وبعد أن قُتل مسلم سيطر اللعين عبيد الله بن زياد على الكوفة وأخذ يقبض على مؤيدي مسلم والإمام الحسين ويقتلهم أو يلقي بهم في السجون وحاصر كل الأطراف المؤدية إلى الكوفة مانعاً الدخول إليها أو الخروج منها وبينما كانت الكوفة على هذه الحال كان الإمام الحسين عليه السلام مكملاً طريقه إليها مع القافلة المقدسة من النساء والأطفال والفتية والفتيات من أهل بيته وأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين
أرض الجنوب: نعم، أكملي ما الذي حصل ؟
شمس كربلاء: أيتها الأرض، آسفة فالغروب قد حان، ولكن انتظريني في الغد لأكمل لك ما الذي حصل مع الإمام الحسين (ع) في أرض كربلاء.
الراوي: وهكذا غابت الشمس وأرض الجنوب منتظرة بفارغ الصبر إشراقها من جديد حتى تكمل لها باقي القصة، وأنتم أيها الأطفال ألا تريدون معرفة ما الذي حصل ؟ عودوا غدا لنستمع إلى شمس كربلاء وأرض الجنوب.
المفهوم: أحبائي الصغار، عندما يطلب منا الإمام عليه السلام، أو الشخص المسؤول عنّا وخاصة في أمور الدين، علينا أن ننفذ ذلك كله دون تراجع أو استسلام لمصاعب التي قد تواجهنا، وهذا ما حدث مع مسلم بن عقيل الشهيد المظلوم، فإنه قد استشهد كما سمعتم ولم يخن الإمام الحسين عليه السلام.
اليوم الرابع: حديث الامام الحسين عليه السلام في كربلاء
القمر: أي قلبٍ قلبك سيدتي يا زينب يا أم المصائب، تحملت كل تلك الآلام والاحزان، لم تشتكين لأحد سوى للخالق الجبار، كنت في أعلى درجة من الصبر والإيمان بالله تعالى، لم تضعفك المصائب التي نزلت عليك، فسلام عليك وعلى أبيك وعلى أخيك، آه، آه، ما أبشعك يا ليلة عاشوراء يا ليلة الوداع، أيتها الليلة الأخيرة لمولاي وابن مولاي.
الراوي: وبينما القمر يحدث نفسه، ويتذكر ليالي عاشوراء، ليالي الوداع، تتحدث اليه أرض الجنوب قائلة:
أرض الجنوب: أيها القمر ! ما بالك ! ما الذي جرى ليلة عاشوراء ولما هي ليلة الوداع !
القمر: من اين أبدأ؟ وكيف أبدأ ؟ ماذا أخبرك أيتها الأرض عن تلك الليلة الفظيعة والاليمة، فهي الليلة الأخيرة لمولاي وسيدي وابن مولاي الحسين بن علي عليهما السلام وأهل بيته وأصحابه الذين استشهدوا معه، في تلك الليلة كان معسكر الامام الحسين عليه السلام مشغول بعبادة الله والتوجه اليه، انظر اليهم بين راكع وساجد، هي الليلة التي تكلم فيها الحسين عليه السلام مع أصحابه ليعلم صدقهم في الوقوف معه فإذ به يرى رجالاً كالجبال قلوبهم قوية كالحديد لا تغيرهم الأهواء ولا الشهوات.
كل واحدٍ منهم يعبر عن حبه وطاعته، هي ليلة الوداع، ليلة زينب الكبرى مع أخيها الحسين وكفيلها أبو الفضل العباس، وداع الأخ أخاه والوالد أولاده، كانوا يودعون بعضهم البعض والبشرى على وجوههم، قلوبهم مطمئنة، لا يخافون من الموت ولا يرهبونه.
أرض الجنوب مهلاً، مهلاً، أيها القمر، فلقد قلبت أوجاعي، وعادت بي الذاكرة الى أحبائي الذين اصبحت أجسادهم جزء من أرضي ودماؤهم مجبولة بترابي.
القمر: عمن تتحدثين يا أرض الجنوب ؟
أرض الجنوب: أتحدث عن شباب عرفوا الله بقلوبهم، عن رجال صدقوا مع الله في الجهاد فمنهم من استشهد ومنهم من ينتظر وما تركوا القتال أبداً.
كانوا كما أصحاب الامام الحسين عليه السلام، لا يخافون الموت، يفدونه بأنفسهم لكي يلاقوا الله سبحانه وتعالى، كانوا اذا ارادوا التوجه الى أي عمل خططوا له، يودعون بعضهم البعض بقلوب ثابتة ووجوه مشرقة. بالرغم من معرفتهم انهم غير عائدين، كانت قلوبهم خالية من شهوات هذه الدنيا وزينتها.
الراوي: وظل القمر والأرض يتحدثان الى ان حان رحيل القمر.
القمر: الأن جاء موعد الرحيل، أيتها الأرض الطاهرة الحاضنة لأجساد الشهداء الأبرار.
الراوي: وهكذا غاب القمر، وأشرقت الشمس من جديد وبدأت اكمال القصة لأرض الجنوب.
شمس كربلاء: وهكذا طلع الصباح، واصبح الحسين عليه السلام، وصلّى بأصحابه ثم قام خطيباً، فحمد الله وأثنى عليه وقال لأصحابه:
" إن الله عز وجل قد أذن بقتلكم وقتلي فعليكم بالصبر "
فهيأ الحسين عليه السلام رجاله فجعل، زهير بن القين على جهة اليمين من أصحابه، وحبيب بن مظاهر على شمال أصحابه وسلّم الراية لأخيه العباس وجعلوا الخيم خلفهم، وأمر بحطب وقصب وراء الخيم لإحراقها، خشية أن يأتوهم من الخلف، وبدأ الحسين وأصحابه بتوديع بعضهم البعض منتظرين الشهادة ليجتمعوا في جنات النعيم مع أمير المؤمنين والرسول والسيدة الزهراء عليهم الصلاة والسلام، الى أن رمى اللعين عمر بن سعد اول سهم باتجاه معسكر الامام الحسين عليه السلام وبدأت المعركة وقاتل أصحاب الحسين بقلوب ثابتة ونوايا صادقة، وقدّموا أجسادهم فداءً لأبي عبد الله حتى استشهدوا جميعهم ولم يبق سوى أهل بيته.
أرض الجنوب: أن موقف أصحاب الحسين عليه السلام يطابق موقف مجاهدي المقاومة الاسلامية التي تقاتل أكبر عدو للاسلام: اسرائيل وأمريكا، فإنهم في عصرنا هذا أشبه لبني أمية في عصركم، اولئك المجاهدين يقاتلون فداء للاسلام وتحت راية نائب الحجة المنتظر الولي الفقيه السيد القائد الخامنئي حفظه الله، الذي هو من أبناء الحسين عليه السلام.
شمس كربلاء: وبعد أن استشهد جميع أصحاب الحسين عليه السلام، بدأ أهل بيته عليهم السلام بالنزول الى المعركة واحداً وراء واحد.
أرض الجنوب: ان اندفاع أهل بيت الامام عليه السلام، ونزولهم الى معركة الجهاد من باب المسؤولية تذكرني بموقف مجاهد من مجاهدي المقاومة الاسلامية، واسمه علي منيف أشمر، فقد جاء الى أرضي بعد أن صمم على الجهاد في سبيل الله وتحت راية الامام المهدي عجل الله فرجه الشريف،فكان شاباً مؤمناً مسلماً واعياً، اعتبر هذه الدنيا نعمة الهية على الانسان، يجب أن يتعامل معها من موضع المسؤولية والأمانة التي أئتمنه الله عليها، هذا الشاب كان لم يبلغ الواحد والعشرين من عمره، وفجر نفسه في دبابات وسيارات الصهاينة، وفارق جسده المقطع أشلاءً هذه الدنيا، فلم يتراجع بسبب الأخطار والمصاعب التي واجهته لأنه أراد الله وحده.
شمس كربلاء: حقاً أيتها الأرض، أن نهج هذا الشاب قد استمده من نهح الامام الحسين عليه السلام، فالطريق واحد والهدف واحد وهو لقاء الله تعالى.
أرض الجنوب: لكن أيتها الشمس، لم يكن الشهيد علي أشمر هو الأول، ولا هو الأخير في قيامه بهذا العمل فهناك الكثير الذين مضوا على طريقه، أمثال: صلاح غندور، أحمد قصير أسعد برو... هؤلاء الشباب الذين قام أساسهم على حب أهل البيت عليه السلام.
ولكن ما الذي جرى على الامام الحسين بعد ان فقد أحد ابنائه في ذاك اليوم وعلى تلك الأرض؟
شمس كربلاء: ولكن، عذراً أيتها الأرض، عليّ الرحيل، انتظري في الغد واكمل لك هذه القصة الحزينة
الراوي: وهكذا غابت الشمس بأمان وأرض الجنوب منتظرة شروقها من جديد حزينة على أبي عبد الله الحسين عليه السلام.
المفهوم: أحبائي الصغار، علينا أن لا ننسى أن عملنا هو لله تعالى، وأن نكون مخلصين في أي عمل نقوم به حتى يوفقنا الله تعالى، فلا نتراجع ولا نضعف، وهذا ما سمعناه عن أصحاب الإمام عليه السلام والشهداء في الجنوب، فإنهم لم يتراجعوا لأن عملهم لله تعالى.
اليوم الخامس: الحر الرياحي عليه السلام
الراوي: كانت الشمس قد وعدت الأرض بأن تحكي لها قصة واحد من أصحاب الامام عليه السلام، كان قائداً على الف جندي من معسكر عمر ابن سعد، ثم تحوّل في أخر ساعات حياته الى مجاهد في صفوف أصحاب الحسين عليه السلام، بعد أن تاب. أما، كيف حصل ذلك؟ فلنستمع.
شمس كربلاء: كان الأعداء يستعدون للبدء بقتال الحسين وأهل بيته وأصحابه، ولكنّ الامام عليه السلام أشفق عليهم، وأراد أن يعطيهم فرصة أخيرة، فخطب فيهم ثمّ وجّه نداؤه اليهم: أما من ناصر ينصرنا.... أما من معين يعيننا.
أرض الجنوب: وبما أجاب القوم ؟
شمس كربلاء : الشخص الوحيد الذي تأثّر بكلام الامام الحسين عليه السلام هو الحر، فعندما سمع كلام الإمام عليه السلام، وعرف أن القوم جاءوا لقتاله ظلماً وعدواناً، وبدون أي ذنب ارتكبه تقدم الى عمر بن سعد وسأله: يا عمر هل تريد أن تقاتل هذا الرجل؟
أرض الجنوب: عجباً، كيف يكون قائداً على ألف جندي! ولا يعلم من يقاتل؟ ومع من الحق؟
شمس كربلاء: ليس الأمر غريباً، لأن هؤلاء الأشخاص كانوا قد دخلوا الى الاسلام من جديد، ولا يعلمون الحق مع مَنْ.
أرض الجنوب: لا يعلمون الحقيقة، ويذهبون الى القتال، فهل هم أغبياء الى هذه الدرجة
شمس كربلاء: كلا، بل لما كان معاوية هو الحاكم وكان ظالماً كثيراً، كان الناس يخافون منه، وكل شيء يريده أو يطلبه ينفذوه دون سؤال.
أرض الجنوب: جيد، وماذا أجابه ذلك اللعين ابن سعد؟
شمس كربلاء: أجابه اللعين ابن سعد قائلاً: نعم، قتلاً أهونه أن وتقطع الرؤوس والأيدي.
أرض الجنوب: يا الله ! يكرهون الإمام عليه السلام وأصحابه لهذه الدرجة!
شمس كربلاء: كلا، لا يكرهون أهل البيت عليهم السلام، ولكن يحبون الدنيا والمال، وقد وعدهم يزيد لعنه الله أنه يعطيهم كل ما يريدون أن فعلوا ما يطلبه منهم.
أرض الجنوب: وماذا فعل الحر عندما سمع كلام ابن سعد عن القتال؟
شمس كربلاء: وقف الحر يرتجف، وكان الى جانبه أحد رفاقه فلما رآه يرتجف، قال له: ما بك يا حر ترتجف وأنت المشهور بالشجاعة، فأجابه الحر قائلاً: اني أخير نفسي بين الجنة والنار فوالله لا أختار على الجنة شيئاً ولو قطعوني وأحرقوني.
أرض كربلاء: سبحان الله، كيف ترك كل وعود يزيد الظالم، لقد أنقذ الحر نفسه فعلاً.
شمس كربلاء: نعم، وركب الحر حصانه وأسرع نحو مخيم الحسين عليه السلام، ولما وصل اليه نزل عن جواده وركع أمام الامام قائلاً: نفسي لك الفداء يا ابن رسول الله أنا الذي حبستك في الطريق ومنعتك من الماء وأرعبت قلوب أهل بيتك، وأنا الأن نادم عما فعلت وأريد أن أتوب، فهل لي من توبة؟
أرض كربلاء: ما كان موقف الامام الحسين عليه السلام من هذا الرجل الشجاع ؟
شمس كربلاء: قال له الحسين عليه السلام إن تبت فقد تاب الله عليك، وأنت حر كما سمتك أمك.
أرض الجنوب: وماذا فعل بعد أن طمأنه الامام الحسين وقبل اعتذاره
شمس كربلاء: قال الحر للحسين عليه السلام، إسمح لي يا ابن رسول الله، أن أكون أول من يقاتل دفاعاً عنك، فأذِن له الامام الحسين عليه السلام، وانطلق الى معسكر الأعداء وقاتل بشجاعة عجيبة، حتى قتل جماعة كبيرة منهم.
أرض الجنوب: هنيئاً له، لقد نصر إمامه، وأرضى ربه.
شمس كربلاء: وبقي يقاتل القوم الظاليمن حتى هجم عليه عدد كبير منهم وأخذوا يرمونه بالسهام حتى قتل رضوان الله عليه، فحمله أصحابه وأحضروه الى الامام عليه السلام، فجعل يمسح التراب عن وجهه، ويقول له أنت الحر في الدنيا والأخرة.
وأخذ عصابته ولف بها رأس الحر ودفن الحر بتلك العصابة.
المفهوم: أعزائي علينا ان لا نيأس من رحمة الله مهما كان عندنا من أخطاء وذنوب لأن الله غفور رحيم، ولنتعلم درساً عظيماً من الحر، الذي كان طول حياته ضائعاً بعيداً عن الحق، وفي النهاية تاب وأصبح من السعداء، ونال رتبة الشهادة مع الامام الحسين عليه السلام.
اليوم السادس: قصة الأصحاب عيهم السلام
الراوي: اجتمع مع الامام الحسين عليه السلام في كربلاء، كوكبة صالحة طاهرة من الرجال المخلصين الموالين لأهل البيت عليهم السلام، وقد سجّلوا يوم عاشوراء أعظم مواقف التضحية لإمامهم الحسين عليه السلام. وسوف تروي الشمس للأرض اليوم، قصة الأصحاب وكيف نصروا الامام الحسين واستشهدوا بين يديه.
شمس كربلاء: سوف أحكي لك اليوم أيتها الأرض، قصة رجال أحرار، أبطال نصروا الامام عليه السلام، وتركوا بيوتهم وأهاليهم وأولادهم لأن حبهم للامام جعلهم ينسون كل ما في الدنيا ولأنهم كانوا يعرفون أن رضا الله ودخول الجنة هو في التضحية مع الامام الحسين وأهل بيته عليهم السلام.
أرض الجنوب: وأنا انتظر منذ البارحة لأسمع قصص المجاهدين، الذين علموا الناس معنى الفداء، وأعطوا للبشر دروساً في الولاء والتضحية. فهيّا أخبريني وأنا كلّي سمع لك.
شمس كربلاء: في ليلة العاشر من المحرم جمع الامام عليه السلام أصحابه وخطب فيهم قائلاً: "أما بعد، فإني لا أجد أصحاباً أوفى من أصحابي، ولا خيراً من أصحابي، ولا أهل بيت أبر ولا أاوصل من أهل بيتي، فجزاكم الله عني خير الجزاء وقد أخبرني جدي رسول الله صلى الله عليه وآله، بأني سأنزل في أرض كربلاء وفيها استشهد وقد اقترب الموعد، وقد أذنت لكم فاذهبوا، لأن القوم يطلبوني ولا يريدون غيري.
أرض الجنوب: مبارك لهم هذا الكلام الجميل الذي قاله الإمام عليه السلام بحقهم، ولكن ما كان جواب أهل بيته وأصحابه ؟
شمس كربلاء: أما العباس وأخوته وأبناء أخته زينب فقد رفضوا أن يتركوه وقالوا له كلام معناه: ما نفع حياتنا إذا قتلت أنت؟ لا أرانا الله ذلك أبداً.
أرض الجنوب: نِعمَ الجواب، وماذا قال الآخرين.
شمس كربلاء: أمّا أخوة مسلم بن عقيل فقالوا كلام معناه:
كلا لا نتركك، ماذا يقول الناس ؟ أننا تركنا سيدنا، والله لا نفعل حتى نفديك بأنفسنا وأموالنا ونقاتل معك حتى نستشهد، فلا سعادة في العيش بعدك .
أرض الجنوب: ما أعظم هؤلاء الأبطال وما أصدقهم، يعرفون انهم سيقتلون فلا يخافون ولا يهربون بل يركضون الى الموت حتى ينالوا عز الدنيا والأخرة بنصر إمامهم الحسين عليه السلام.
شمس كربلاء: نعم، وكذلك بقيّة الأصحاب، كان موقفهم في غاية الجمال، فقد قال له مسلم بن عوسجة: أما والله لا أفارقك ولو لم يكن معي سلاح أقاتل به، أضربهم بالحجارة حتى أموت معك.
وقال رجل أخر: والله لو علمت أني أقتل، ثم أحيا، ثم أحرق، يفعل بي ذلك سبعين مرة، لما فارقتك، إن هي الا قتلة واحدة ثم هي الكرامة التي لا انقضاء لها.
أرض الجنوب: ماذا قال لهم الحسين عليه السلام بعدما علم صدقهم ووفائهم وشجاعتهم.
شمس كربلاء: قال الحسين عليه السلام لأصحابه: إني غداً أقتل وكلكم تقتلون معي حتى القاسم وعبد الله الرضيع. فقالوا بأجمعهم الحمد لله الذي أكرمنا بنصرك، وشرّفنا بالقتل معك، أولا نرضى أن نكون معك في درجتك ؟
فدخل السرور الى قلب الإمام الحسين عليه السلام منهم وقال لهم أبشروا بالجنة واعلموا ان الله سيخرجنا وإياكم حين يظهر الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف، فينتقم من الذين ظلمونا.
أرض الجنوب: هكذا يكون الأصحاب وهكذا يكون الموالين والمحبين لأهل بيت النبوة يا ليتني كنت معهم، كنت قاتلت وضحيت، لأنال هذه السعادة والنعمة من الله تعالى.
شمس الجنوب: والأن كما في كل يوم أيتها الأرض، يجب أن أرحل وأعود غداً في نفس الموعد إن شاء الله تعالى.
الراوي: وهكذا وقف الحديث بين الشمس والأرض وبقيت اللأرض تفكر بموقف الأصحاب الرائع وشدة حبهم وتعلقهم بإمامهم وودعتها الشمس على أمل اللقاء في اليوم القادم.
المفهوم الأول: إن الذي يثبت مع إمامه، حتى يكون مصيره مثل مصير الإمام، يكون قد أدخل السرور على قلب سيده ومولاه، ونال رضا الله تعالى والإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف، ونحن أيها الصغار يجب أن لا نترك السيد القائد علي الخامنئي لأنه هو سيدنا في هذا الوقت، ولو طللب كل العالم الظالم منا هذا، بل نقول لهم كما قال أصحاب الإمام الحسين عليه السلام.
المفهوم الثاني: الوفاء بالوعد والإلتزام بالعهد، حينما نقطع وعداً على أنفسنا تجاه شخص أخر علينا حفظ هذا الوعد مهما واجهنا من مصاعب، ولا نخون العهد معه، حتى لا يفكر فينا أننا جبناء وخائنين، قد تركناه في وقت الحاجة والصعاب، وهذا ما فعله الأصحاب حين لم يتركوا الإمام الحسين عليه السلام.
اليوم السابع: علي الأكبر عليه السلام
الراوي: بعدما حكت الشمس للأرض قصة خروج الامام الحسين عليه السلام، ووصوله الى كربلاء مع أهل بيته الأمناء وأصحابه الأوفياء، وبعد أن استشهد الأصحاب واحداً بعد واحد فداءً لأبي عبد الله الحسين عليه السلام، جاء دور بني هاشم، أبناء الامام الحسين والامام الحسن عليهما السلام والعباس واخوته، فاليوم سجلت وارتكبت أفظع الجرائم وأقساها في حق أهل بيت النبوة وأول جريمة كانت سقوط علي الأكبر أبن الامام الحسين عليه السلام، فلنستمع الى هذه القصة من شمس كريلاء.
شمس كربلاء: آه أيتها الأرض، لو تعلمين ما كان أصعب هذه اللحظة على الامام الحسين عليه السلام، رغم مرور المصائب الكثيرة التي حصلت أمام عينيه في كربلاء.
أرض الجنوب: عما تتكلمين أيتها الشمس، قولي لي ماذا كانت كربلاء تخبئ بعد من الأحزان والأوجاع للإمام الحسين عليه السلام.
شمس كربلاء: مصيبة عظيمة والله... عندما جاء دور علي الأكبر ليلتحق بركب الشهداء وليطلب الأذن من الامام عليه السلام، حتى ينزل الى ميدان المعركة.
أرض الجنوب: كيف حصل ذلك أخبريني؟
شمس كربلاء: لما أقبل علي الأكبر الى والده الحسين عليه السلام يريد القتال، انقلب حال الامام ففتح ذراعيه لولده وضمه الى صدره وبدأت الدموع تسيل من عينيه.
أرض الجنوب: ساعد الله قلبك يا إمامي وسيدي على هذه المصيبة العظيمة.
شمس كربلاء: لم يتمكن علي الأكبر من أن يكلم أباه، ولكنّه علِم أن الحسين عليه السلام أذن له في القتال.
أرض الجنوب: وكيف عرف ذلك ؟
شمس كربلاء: سمع علي الأكبر والده الحسين عليه السلام وهو يدعو الله قائلاً كلام معناه: اللهمّ اشهد على هؤلاء القوم، فقد برز اليهم شخص يشبه نبيك محمد بأخلاقه وإيمانه، ووجهه وجسمه، فعلِم علي الأكبر ان والده سمح له بالانطلاق، فركب على حصانه وتوجه نحو المعركة.
أرض الجنوب: وماذا كان موقف الامام عليه السلام عندما رأى ولده متوجها نحو الأعداء.
شمس كربلاء: لم يستطيع الامام عليه السلام أن يستقر في مكانه، فصار يركض خلف ولده رافعاً رأسه الشريف نحو السماء قائلاً كلام معناه: لماذا يا ابن سعد اللعين لم تحفظ قرابتي برسول الله ولكنه كان ينظر الى شجاعة ولده فيرتاح قلبه، فكلمارآه قتل واحداً من الأعداء كان يفرح، وكانت ليلى أم علي الاكبر جالسة أمام نظر الحسين, عليه السلام تراه مطمئنا" فيرتاح قلبها ولكن بسرعة تغير وجه الحسين عليه السلام، فخافت ليلى وسألته ما الذي غير وجهك ؟ هل قتل ولدي علي ؟ فقال لا ولكن برز اليه من أخاف ان يقتله فارجعي الى خيمتك وادعي الله لولدك فأن دعاء الأم بحق ولدها مستجاب.
أرض الجنوب: آه ما اصعب هذا الموقف على قلب الأم.
شمس كربلاء: نعم, دخلت ليلى الى الخيمة رفعت يديها الى السماء قالت الهي بغربة الحسين الهي بعطش الحسين الهي بصبر الحسين يا راد يوسف ليعقوب رد لي ولدي علي.
أرض الجنوب: بالتاكيد ان الله استجاب دعاء الام لان رضى الله من رضى الوالدين.
شمس كربلاء: نعم, لقد استجاب الله دعاءها, فجاء علي الأكبر اليها ولما رآها باكية اقترب منها, فقامت اليه واحتضنه, فقال لها: أماه أما تحبين أن تقولي لفاطمة الزهراء عيها السلام يوم القيامة أني فديت ولدك الحسين بولدي علي.
فلماسمعت ليلى بهذا الكلام هدأت وقالت له: بني بيض الله وجهك انطلق الى نصرة أبيك الحسين عليه السلام، فخرج الى والده وقال له كلام معناه: أبه العطش قتلني وثقل الحديد أجهدني فهل استطيع الحصول على شربة ماء ؟
أرض الجنوب: آه يا انهاري وينابيعي كيف تحملتم في يوم عاشوراء رؤية علي الاكبر عطشانا ظمآنا وليس بمقدوركم أن تسقوه شربة ماء.
شمس كربلاء: ولكن الحسين عليه السلام روى قلب ولده علي عندما عندما قال له كلام لطيف معناه: بني عد الى قتال أعدائك فإني اتمنى ان يأتي المساء ويسقيك جدك رسول الله من الجنة شربة لا تعطش بعدها أبدا.
وعاد علي الى القتال وما هي الا لحظات واذا بشباب بني جاءوا الى الخيمة يحملون جسد علي الأكبر والحسين يمشي وارءهم وهو يقول بني لعن الله قوما" قتلوك ما أجرائهم على الرحمن وعلى حرمة رسول الله.
المفهوم: رضا الوالدين:احبائي الصغار,علينا ان نسمع كلام والدينا,وننفذ كل ما يطلبونه
منا, ولا نعصيهم ابدا",حتى يحبنا الله تعالى والامام المهدي عجل الله فرجه الشريف ويعطينا كل ما نحب ونطلب ,لان الاهل اذا كانوا راضين فيكون الله تعالى راضٍٍ , وقد سمعتم كيف عاد علي الاكبرعندما دعت امه ليلى له
اليوم الثامن: القاسم عليه السلام
الراوي: كان علي الأكبر أول من ذهب من أهل بيت الحسين عليه السلام الى القتال واستشهد بعد أن جاهد جهادا عظيما وقتل من الأعداء مجموعة كبيرة, وجاء دور فتى كربلاء، القاسم ابن الامام الحسن المجتبى عليه السلام, فهيأ يا أعزائي لنستمع الى ما جرى في كربلاء من مآس ومصائب. وهذه قصة استشهاد القاسم على لسان شمس كربلاء:
شمس كربلاء: وجاء دور القاسم ابن الحسن عليهما السلام فتى لم يبلغ الرابعة عشرمن عمره أي من عمركم أي من عمركم ايها الصغار ليستأذن عمه في القتال, ولكن قلب الحسين عليه السلام لم يتحمل ان يرى هذا الغلام الصغير الطاهر الذي ما زال في أول عمره يقاتل أعداء قلوبهم قاسية لا يعرفون الرحمة، فأشفق على صغر سنه ولم يأذن له.
أرض الجنوب:لم اسمع ان هناك طفل صغير قد قاتل الاعداء ,الا اطفال فلسطين , الذين يقاتلون
اليهود المحتلين اليوم لينصروا الدين وليعجلوا ظهورالحجةعجل الله فرجه الشريف
شمس كربلاء: كلا فرغم صغر سنه كان مواليا لامامه محباً له مصمماً على الدفاع عنه لذلك انحنى على يدي عمه الحيسن عليه السلام يقبلهما ويرجوه ان يسمح له بالقتال ، فأذن له ودموعه تجري على خديه
أرض الجنوب: ما اصعب هذا الموقف على امامنا الحسين عليه السلام وهو يرى امانة أخيه الحسن عليه السلام غارقا" في الحرب والقتال.
شمس كربلاء: ولكن القاسم انطلق بكل شجاعة وقوة بعد ان ألبسه عمه الحسين عليه السلام ثوباً ابيضاً فبرز الى الأعداء ووجهه يتلألأ كالقمر المنير.
أرض الجنوب: وكيف استطاع هذا الفتى الصغير أن يقاتل اولئك المجرمين.
شمس كربلاء: بإيمانه ومعرفته بالحق امتلك شجاعة عظيمة على صغر سنه وقتل من الأعداء ثلاثة ولكن أثناء القتال انقطع شريط حذاءه فانحنى ليربطه وإذا بمجرم لعين استغل فرصة جلوس القاسم لربط الشريط فأسرع نحوه ليقتله.
أرض الجنوب: يا له من غادر لئيم ,هكذا يفعل الصهاينة باطفالي فهم يقتلونهم في المدارس وفي
بيوتهم مع اهلهم.
شمس كربلاء: ولما رفع سيفه ليضربه قال له شخص كان الى جانبه: وما تريد من هذا الغلام فلم يرد عليه حتى ضرب رأس القاسم بالسيف فوقع على وجهه ونادى يا عماه ادركني.
أرض الجنوب: ساعد الله قلب الحسين على رؤية ابن أخيه مرميا" على الأرض، ماذا فعل امامنا عندما وصل اليه ؟
شمس كربلاء: وصل اليه وإذا به يراه يحرك رجليه ويديه فاحتضنه وهو يقول: بعدا" لقوم قتلوك ، خصمهم يوم القيامة جدك وأبوك.عز والله على عمك ان تناديه فلا يجيبك أو يجيبك فلا ينفعك , ثم حمله سيد الشهداء على صدره وجاء به ووضعه الى جانب علي الأكبر.
أرض الجنوب: وماذا فعلت رملة أمه ؟
شمس كربلاء: جاءت رملة والنساء فأحاطوا بالجسدين الطاهرين لعلي الأكبر والقاسم يلطمون
ويبكون، اما أمه فقد صرخت عندما رأته بتلك الحالة وأخذت تحضنه نتقبله ودموعها تبلل جسده الطاهر
المفهوم:ان الايمان بالله تعالى هوسبب النصروليس كثرة الجند والسلاح وكما ترون اليوم
نحن نحارب اسرائيل وامريكا بسلاح قليل وعدد مقاتلين قليل ايضا",ومع هذا فاننا
لا نخاف ابدا"مهما فعلوا وقالوا انهم الاقوى ,فلنتوكل على الله كما فعل القاسم ,ولا
نقول اننا صغار,فكل المحبين للامام المهدي عجل الله فرجه الشريفيجب ان يقاتلوا اعداء
الامام حتى يظهر وينتصر الاسلام وينتهي الظلم والطغيان.
اليوم التاسع: أبو الفضل العباس
الراوي: قصة اليوم يا أعزائي هي قصة أعظم بطل، و اوفى الأوفياء في معركة كربلاء قصة قمر بني هاشم أبو الفضل العباس عليه السلام .
شمس كربلاء: صديقتي الأرض ان الشهيد الذي سأحدثك عنه اليوم ليس له مثيل، ويكفي انه ورث كل الصفات الرائعة والأخلاق الكريمة والشجاعة العظيمة من والده أمير المؤمنين عليه السلام وبذلها في نصرة أخيه الحسين عليه السلام.
أرض الجنوب: متى يكون هذا الشهيد الذي تتكلمين عنه بكل هذا الفخر والاعجاب.
شمس كربلاء: انه ساقي العطاشى، صاحب المقام العظيم الذي ذكره امامنا المهدي عجل الله فرجه الشريف، في زيارة الامام الحسين بالمدح للتضحيات الكبيرة التي قام بها في يوم عاشوراء.
أرض الجنوب: أشعر بشوق كبير لمعرفة صاحب هذه الصفات، فأرجوكِ أيتها الشمس قولي لي من هو ؟
شمس كربلاء : انه العباس بن أمير المؤمنين وأخ الامام الحسين عليه السلام.
أرض الجنوب:حدثيني إذاً عن بطولته ووفائه في سبيل نصرة الحسين (ع).
شمس كربلاء: بعد أن استشهد الأصحاب والشبان واهل بيت الإمام بقي العباس وحده إلى جانب الحسين (ع) ولم يتحمل ابو الفضل رؤية الحسين (ع)بلا ناصر ولا معين وكان كلما اتى إلى الحسين يطلب منه السماح له بالذهاب لقتال الأعداء يرفض ولكن العباس الشجاع والوفي اراد من كل قلبه الممتلىء حباً للحسين أن ينتقم من اولئك الظالمين.
أرض الجنوب: إذا فقد صمم على القتال فماذا قال له الحسين عليه السلام ؟
شمس كربلاء:قال له: ما دمت يا أخي مصرا" فاذهب الى نهر الفرات واحضر للأطفال بعض الماء، وسمع العباس أصوات الأطفال تنادي واعطشاه واعطشاه فلم يستطع الصبر، فركب جواده وحمل الراية وانطلق بين الأعداء يضرب بسيفه كل من يتقدم نحوه فيقتله.
أرض الجنوب: وهل استطاع العباس ان يصل الى النهر.
شمس كربلاء: نعم بالتأكيد فبالشجاعة التي تميز بها العباس طرد بسيفه كل الجنود الذين كانوا يحرسون النهر وانحنى وملأ كفيه بالماء ورفعهما الى فمه يريد ان يشرب ولكنه سرعان ما رمى الماء من يديه لأنه تذكر عطش الامام الحسين عليه السلام فملأ القربة وتوجه الى المخيم ليسقي الاطفال العطاشى.
أرض الجنوب: لم اسمع يوما"ان شخصا"كان عطشانا"الى هذه الدرجة وحيثما يجد الماء يتذكر
احدا"فلا يشرب ,ولكن هل استطاع العودة الى المخيم بالماء ؟
شمس كربلاء: الحمد لله على كل حال، ولكن العباس لم يشرب الماء ولم يتمكن من ان يسقي أحدا" من مخيم الحسين.
أرض الجنوب: لماذا ما الذي حصل ؟ فقد قلتِ انه قوي وشجاع واستطاع الوصول الى الماء.
شمس كربلاء: لم يتمكن العباس من اكمال الطريق الى المخيم لأن عمر بن سعد لعنه الله عندما رآه حاملا الماء صرخ بجنوده: الحقوا العباس ولا تتركوه يوصل الماء الى الحسين لأنه اذا شرب الماء فلن يبقي منكم احد، فتكاثر الأعداء حول العباس وبدأوا يرمونه بعشرات السهام فأصاب سهم يده اليمنى فحمل القربى باليسرى ،ثم أصاب سهم اخرآ يده اليسرى فحاول ان يحمل القربة بفمه فضربه لعين بسهم اصاب عينه.
أرض الجنوب: اللعنة على كل اؤلئك الظالمين الذين اتبعوا الشيطان وقاموا بكل هذه الجرائم البشعة في حق أطهر خلق الله.
شمس كربلاء: ولم يكتفوا بذلك بل قام لعين بضرب العباس بعامود من حديد على رأسه فسقط على الأرض والدماء تسيل من كل جسده وصرخ مناديا الحسين عليه السلام: أخي ابا عبد الله أدركني.
أرض الجنوب: كيف تلقى الامام الحسين هذه المصيبة العظيمة.
شمس كربلاء: عندما سمع الحسين صوت أخيه العباس ركض نحوه وقلبه يتمزق فلما وصل اليه ووجده ملقى على الأرض بلا كفين والسهام قد مزقت جسده, انحنى عليه يحضنه ويقول: أخي ابا الفضل الآن انكسر ظهري وقلت حيلتي وشمت بي عدوي.
المفهوم: الايثار:لقد رسم ابو الفضل العباس اجمل صور الايثار حيث لم يشرب الماء قبل , النساء والاطفال وقبل اخيه الحسين عليه السلام ,فأحب ان يشربوا الماء هم اولا", ومن ثم يشرب هو , ونحن علينا ان نكون كأبي الفضل العباس, نطعم ونعطي غيرنا الاشياء التي نملكها.
اليوم العاشر: الإمام الحسين عليه السلام
الراوي: هذا اليوم أفظع يوم في تاريخ العالم.. هذا يوم الجريمة التي ليس لها مثيل … هذا يوم البكاء … هذا يوم الحداد.. هذا يوم العزاء..
هذا يوم السواد ففيه قتل مظلوماً سبط الرسول و مهجة البتول، ابن الكرار الامام الحسين بن علي عليه السلام … الشمس محجوب نورها, والارض ذبلت زهورها, وقلوب المسلمين جريحة و دموعهم على خدودهم … كل المخلوقات تصرخ في يوم العاشر من المحرم: واحسيناه … واسيداه.. وإماماه …
هيا يا أعزائي فلنستمع معاً الى مصيبة الامام الحسين عليه السلام و لنبكي مع امامنا الحجة المهدي (عج) على مصيبة جده الحسين عليه السلام و لنتوجه الى الله القدير و نسأله تعجيل ظهور امامنا لينتقم من ظالمي الحسين عليه السلام
شمس كربلاء: آهٍ ايتها الارض لساني اليوم لا يطاوعني على الكلام..لان الذي شاهدته اهون علي من رؤية الامام الحسين مقتولا",..وكل ما اريده هو البكاء مع الامام المهدي عجل الله فرجه الشريف
أرض الجنوب: و انا اريد ان ابكي معك فانا اعلم ان البكاء على سيد الشهداء يعطينا الاجر و الرحمة من رب السماء
شمس كربلاء: على ارض كربلاء القاسية … و حول جثث الشهداء وقف الحسين عليه السلام ينظر بعيون باكية الى انصاره و ابناءه الذين لم يبق منهم احد.
ارض الجنوب: اه يا امامي بقيت وحيداً لا ناصر لك … فريداً لا راحم لك.
شمس كربلاء: نعم و بقلب ملأته الاوجاع عرف الامام انه قد حان وقت الوداع.
ارض الجنوب: و كيف تحملت النساء وداع الحسين في كربلاء.
شمس كربلاء: اخبرهم الامام انه ذاهب لقتال الكفار ,فقاموا اليه يودعوه وهم يبكون ويطلبون منه ان لا يتركهم.
ارض الجنوب: ما اصعب هذه اللحظات على النساء الطاهرات الزكيات، و ماذا فعلت زينب العقيلة في تلك الساعة ؟
شمس كربلاء: صرخت زينب عندما سمعت كلام الحسين وعلمت انه لن يعود وقالت له:
اخي حسين ليتني اموت قبل ان اراك توجهت الى القتال.وودعهم جميعا" ولكنه فقد
سكينة ابنته.
ارض الجنوب: الم تكن مع النساء الواتي تجمعن حول الحسين ؟
شمس كربلاء:كلا, بل كانت في الخيمة ,لكنها اتت اليه وقالت له:ابي انزل من على ظهر جوادك فلي اليك حاجة.
ارض كربلاء: و ما الذي تريده سكينة في ذلك الوقت.
شمس كربلاء: امسكت سكينة بيد ابيها الحسين عليه السلام و رفعتها الى رأسها و قالت له: أبي امسح على رأسي فعرف الحسين عليه السلام ان سكينة تريد ان تقول له بعد ساعة أصبح يتيمة و لا أجد من يمسح على رأسي.
ارض الجنوب: و ماذا حصل بعد هذا الوداع المؤلم المفجع
شمس كربلاء: توجه الإمام عليه السلام الى معسكر الاعداء و كلما اقترب منه واحد قتله بسيفه و لما رأى ابن سعد لعنه الله كثرة الجنود الذين سقطوا بسيف الحسين عليه السلام صرخ قائلاً لجنوده: ويلكم هذا ابن امير المؤمنين، لا تذهبوا اليه واحداً واحداً بل اهجموا عليه كلكم.
ارض الجنوب: لعنهم الله من مجرمين كيف سيقابلون وجه الزهراء يوم القيامة ؟
شمس كربلاء: لقد قست قلوبهم و أرواحهم واستمروا بالهجوم على الحسين عليه السلام بأعداد كبيرة، وهو يضربهم بسيفه، حتى تعب من القتال وبدأ الضعف يدخل اليه، لأنهم بالألاف كلما يقتل فرقة تأتيه أخرى.
أرض الجنوب: ارجوك ماذا تقصدين بكلامك هذا ؟ هل اصاب امامنا سوء
شمس كربلاء: بعد ان قتل الامام الحسين عليه السلام عدداً كبيراً منهم وصل الى الفرات و كان العطش قد آذاه فنزل الى الفرات ليشرب و لما مد الحسين عليه السلام يده ليشرب من الفرات جاءه سهم اصاب حنكه الشريف فانتزعه ثم مد يديه و اغترف غرفة اخرى من الماء ليشرب فناداه واحد من الاعداء يا حسين اتلتذ بشرب الماء و قد وصل الجنود الى خيام النساء فرمى الحسين عليه السلام الماء من يديه و اسرع نحو المخيم فوجده سالماً فعرف ان هذه خدعة لان الاعداء يعلمون جيداً كيف يحافظ الامام عليه السلام على نساءه و بناته و لا يرضى ان يمسهم مكروه ما دام حياً.
ارض الجنوب: و هل عاد ليشرب الماء بعد ان اطمأن على عياله و اطفاله ؟
شمس كربلاء: كلا فالظالمين والكافرين قطعوا الطريق الى الماء وبدأوا بقتال الإمام من البعيد، يرمونه بالسهام والرماح والحجارة حتى وقع عن ظهر جواده، فهرب الجواد الىالخيام، فعرفت النساء أن الإمام عليه السلام قد أصيب ووقع على الأرض
فأسرعت زينب عليها السلام لتضمه و ترفع رأسه الشريف تسنده على صدرها ثم اخذت تنظر الى وجه الحسين عليه السلام و تكلمه راجية ً: أخي كلمني بحق جدنا رسول الله، اخي كلمني بحق ابينا علي، اخي كلمني بحق امّنا الزهراء، فلما سمع الحسين عليه السلام اسم الزهراء فتح عينيه بصعوبة فوجد زينب عند رأسه فقال لها أخي زينب لقد كسرت قلبي و زدتيني كرباً الى كربي، اختي ارجعي الى الخيمة و احفظي لي العيال و الاطفال، فعادت زينب باكية شاكية و اشتد نزف الدم من جروح امامنا فملأ كفيه من الدماء ومسح عمامته ووجهه و لحيته المباركة و هو يقول: هكذا اكون حتى القى جدي.
ارض الجنوب: وامصيبتاه … و ا سيداه.. وامظلوم.. واغريب
شمس كربلاء: و انهارت قوى سيد الشهداء و اذا بلعين اتى حاملاً سيفه ليقطع رأس الحسين عليه السلام ( وا اماماه ) لكن لما نظر الى وجه الحسين عليه السلام صار يرتجف فرمى السيف من يده و هرب حتى جاء الشمر اللعين و اذا به يضرب زينب عليها السلام بكعب رمحه و يقول لها قومي عنه يا زينب فوقعت مغمىً عليها و عندما افاقت اذا برأس الحسين عليه السلام على رأس الرمح ( عظم الله اجورنا و اجوركم بهذا المصاب الذي تزعزعت له الارض و بكت السماء )
المفهوم: نحن نواجه اليوم اسرائيل، فلو بقينا لوحدنا أمام هذا العالم كله، وقد قتل أهلنا وأصحابنا وكل المؤمنين من حولنا، علينا أن لا نتراجع ولا نتخلى عن الجهاد، حتى ننال الشهادة أو النصر وهكذا فعل الإمام الحسين عليه السلام فقد بقي وحيداً ولم يهرب ولم يترك الجهاد حتى استشهد
اليوم الحادي عشر: قصة حرق الخيام والسبي
الراوي: وبدأت مصائب آل بيت الطهر والعصمة بعد مقتل الحسين عليه السلام المحامي والكفيل، فعندما كان الامام حياً لم يتجرأ أحد على الاقتراب من خيم النساء والعيال والأطفال، أما وقد قضى الحسين شهيداً فاسمعوا من شمس كربلاء ما جرى على النساء من ظلم وحرق وسرقة بدون رحمة ولا خوف من الله.
شمس كربلاء: ما لإن انتهى الأعداء من جريمة قتل الحسين عليه السلام حتى ارتكبوا جرائم أفظع وأعظم...
أرض الجنوب: وأي جريمة بعد قتل الحسين عليه السلام وهل من جريمة تساويها ؟
شمس كربلاء: نعم ايتها الأرض، لقد جاء اللعين عمر بن سعد بعد مقتل الامام مباشرة الى خيام النساء ونادى يا أهل بيت الحسين اخرجوا من الخيام واستعدوا للاسر.,
أرض الجنوب: أيأسرون النساء الطاهرات والأطفال بغير ذنب؟ ما أجرأهم على الله... ما أجرأهم على الله...!
شمس كربلاء: وقبل الأسر أمر عمر بن سعد بحرق الخيام فخرجن بنات رسول الله مرعوبات والأطفال حفاة يبكون وقد أخذت النيران تشتعل في اثوابهم وجاءوا الى السيدة زينب يحتمون بها.
أرض الجنوب: آه يا سيدتي يا زينب، كم من المصائب رأيت في كربلاء آه لصبرك !
شمس كربلاء: توجهت السيدة زينب بالفتيات والأطفال الى خيمة الامام السجاد وهي تقول: يا بقية الماضين وأمل الباقين، قد أحرقوا خيامنا، ولم يستطع امامنا السجاد عليه السلام ان يقوم لشدة مرضه، كي يدافع عنهم، فأمرهم بالهروب من بين أيدي الظالمين.
أرض الجنوب: وهل تمكنوا من الهرب ؟
الشمس: أين يهربون والأعداء يحيطون بهم من كل جانب، واللعين عمر بن سعد بعد رفع رأس الحسين عليه السلام على الرمح، أمر بربط النساء والأطفال حتى الامام السجاد ربطوا يديه ورجليه بالحديد الثقيل وأركبوهم على جمال بدون غطاء وساقوا النساء والأطفال والامام العليل أمامهم وكذلك الرؤوس ليحرقوا قلوبهم.
أرض الجنوب: أين سيهربون من انتقام الجبار على هذا الفعل الفظيع ؟
شمس كربلاء: ولم يكفهم رفع الرؤوس أمام الأسرى والسبايا بل مروا بهم على جثث الشهداء، أم تنظر الى ولدها ملقى على وجهه، وأخت ترى أخاها والدماء تملأ جسده، ولما رأت زينب جسد الحسين عليه السلام كادت تلقي بنفسها من على ظهر الناقة، فناداها الامام السجاد عليه السلام:
عمه زينب ارحمي حالي ارحمي ضعف بدني... عمه زينب اذا رميت بنفسك فمن يركبك، ودّعي أخاك من على ظهر الناقة.
أرض الجنوب: وماذا فعلت السيدة زينب عندما سمعت كلام الامام عليه السلام ؟
شمس كربلاء: أشفقت على حاله ونظرت الى جسد الحسين عليه السلام وهي تقول: أودعتك الله السميع العليم.
أرض الجنوب: وماذا فعلت بقية النساء ؟
الشمس: لم يتمالكن انفسهن كل امرأة رمت بنفسها على جسد عزيزها، ليلى على جسد علي الأكبر، ورملة على جسد القاسم،والرباب على جسد الرضيع.... أما سكينة فقد احتضنت جسد ابيها الحسين وهي تصرخ وتبكي واذا بها تسمع صوتاً يقول: بنية سكينة اذا رجعتي الى المدينة فبلغي شيعتي مني السلام وقولي لهم إن ابي مات غريباً فاندبوه وقتل عطشاناً فاذكروه
أرض الجنوب: والى أين أخذ الأعداء السبايا ؟
شمس كربلاء: سوف أكمل لك غداً رحلة العذاب والسبي والأسر.
المفهوم: اسمعوا أيها الصغار، أنتم ترون كيف يقوم الصهاينة بهدم المنازل، وحرق الأشجار والبساتين، وضرب النساء، ولكن يجبأن نتعلم من نساء كربلاء الصبر والثبات، وقوة الإيمان ولا نتخلى عن إيماننا بالله فنخسر الدنيا والأخرة.
اليوم الثاني عشر: مسيرة السبايا عليهم السلام
الراوي: لقد روت الشمس للأرض كيف أحرق الظالمون خيام أهل بيت الحسين (ع) وكيف حملوهم أسارى في حر الصحراء مربوطين بالحبال وكلما سمعوا صوت بكاء طفل أو امرأة كانوا يقومون بضربهم بكعاب الرماح وبعد مسير طويل ذاق فيه الأسارى العذاب وصلوا بهم إلى الشام فلنسمع إلى ما جرى عليهم.
شمس كربلاء: لمل اقتربت مسيرة السبايا من الشام رأت زينب (ع) الرايات والأعلام الملونة مرتفعة والناس تحمل الطبول والمزامير.
أرض الجنوب: الحسين (ع) مقتول وزينب أسيرة والناس تحتفل ! ما هذا: لا أصدق.
شمس كربلاء: نعم جعلوا يوم مقتل الحسين يوم عيد وقالوا للناس لقد قتلنا الخارج على الدين وأسرنا أهل بيته.
أرض الجنوب: ألم يكن الناس يعرفون الحقيقة.
شمس كربلاء: كلا لم يستطيع اللعين يزيد أن يعلن أنه أمر بقتل الحسين لأنه يعرف أنه ابن بنت رسول الله فكذب خوفاً من أن يثور عليه أحد منهم.
أرض الجنوب: ولذلك خرجوا على هذا الحال وهم يظنون أن أميرهم يزيد انتصر على من يخالف دين الإسلام.
شمس كربلاء: نعم، ولذلك عندما رأت السيدة زينب هذا المنظر، والناس خرجت لتتفرج على موكب السبايا تقدمت إلى شمر بن ذي الجوشن "لعنه الله"، وانظري أيتها الأرض إلى هذا الموقف الصعب على إبنة بيت النبوة والطهر أن تضطر لتكلم لعيناً فاسقاً كالشمر.
أرض الجنوب: عجيب وماذا الذي أرادته عقيلة بني هاشم من هذا المجرم.
شمس كربلاء: حتى في أصعب الأوقات لم تنسَ زينب حجابها وسترها هي وبنات الحسين فطلبت من الشمر أن يجعل الحرس يمشون بهنّ في طريق لا يوجد فيه أحد من الناس حتى لا تكون وجوه بنات رسول الله فرجة للناظري.
أرض الجنوب: ما أروعك يا سيدتي، وما أشد إيمانك.وهل استجاب لها ذلك اللعين ؟.
شمس كربلاء: بل زاد إجرامه وزادت قسوته وهو الشقي الذي قطع رأس الحسين ففعل بعكس ما طلبت منه زينب فسلك بهم الطريق التي تتجمع فيها أكبر عدد من الناس وسمعت زينب الناس يهنئون بعضهم ويقولون واحدهم للآخر "مبروك عليك، هذا اليوم الذي قتل فيه الخارج على الدين.
أرض الجنوب: ألم يعلم أحد بالحقيقة !.
شمس كربلاء: بلى، كان هناك شيخ كبير يبكي فاقترب منه رجل غريب يدعى " سهل " واستغرب من بكاءه والناس فرحين فقال له: لماذا تبكي والناس كلها فرحة. فأجابه الشيخ: يا سهل ألا تعجب من السماء لا تنطبق على الأرض. فقال له: لماذا ؟ فقال الشيخ: أهل الشام يفرحون لقتل الحسين ابن بنت رسول الله (ص) ولسبي عياله.
أرض الجنوب: وماذا فعل سهل عندما سمع هذا الكلام ؟
شمس كربلاء: في هذا الوقت ارتفعت الأصوات وإذا بموكب السبايا يدخل ويرى سهل الإمام زين العابدين مربطاً بالحبال فأسرع إليه سهل وسلم عليه وهو يبكي فقال له الإمام: يا سهل ادفع مالاً لحامل رأس الحسين حتى يبتعد عن النساء فينشغل الناس بالنظر إليه ويكفون النظر إلى وجوه بنات رسول الله فأسرع سهل إلى حامل الرأس وقال له خذ ما تشاء من المال ولكن ابتعد بالرأس عن موكب السبايا فطمع بالمال وفعل ذلك.
شمس كربلاء: أدخلوهم إلى مجلس اللعين يزيد وهناك حاول يزيد بأن يفخر بما حصل ولكن الإمام زين العابدين والسيدة زينب "عليهما السلام" فضحوه أمام كل الناس وصار كل من سمع خطبة زينب ينظر ويفكر متحيراً بعد أن كشفت عقيلة كربلاء الحقيقة.
أرض الجنوب: الحمد لله وما الذي حصل بعد.
شمس كربلاء: غداً إن شاء الله أخبرك عن عودة السبايا إلى مدينة جدهم رسول الله (ص).
المفهوم: علينا في أي أمر نسمع به أن لا نصدقه فوراً بل نتأكد من صحته وخاصة اذا كان هذا الكلام من الأعداء، حتى لا نعص الله ونضيع عن الحق ونختار الباطل ونكون معه دون أن ندري، مثل أهل الشام وقفوا يتفرجون على السبايا وهم يظنونهم أعداء.
اليوم الثالث عشر: العودة إلى المدينة
الراوي: بعد أن فتحت زينب عيون الناس على جريمة يزيد قام بعضهم بلعن يزيد على فعلته وكادت أن تحصل ثورة من المجلس فخاف يزيد وأمر بإرجاع الأسارى إلى المدينة حتى لا يتعرض للفضيحة فكيف كانت عودة السبايا إلى المدينة هذا ما سنعرفه الآن من شمس كربلاء.
شمس كربلاء:خرج موكب الطهر من الشام ومروا في طريقهم على كربلاء فجددوا العزاء وزاروا قبور الشهداء وأقاموا مجالس الحزن والبكاء.
أرض الجنوب:وهكذا علمونا كيف نبكي على إمامنا الحسين (ع) المظلوم وكيف نزور مقامه الشريف.
شمس كربلاء: نعم وبعدما ودّعوا قبور الشهداء، ساروا نحو المدينة المنورة فلما اقتربوا منها وكان معهم أحد أصحاب الأئمة، رافقهم في طريق العودة واسمه "بشر" ناداه الإمام زين العابدين وقال له: يا بشر أدخل إلى المدينة وانعى الحسين، فركب بشر فرسه ودخل إلى المدينة راكضاً ويصرخ وينادي فلما وصل إلى مسجد رسول الله رفع صوته قائلاً:
يا أهل يثرب لا مقام لكم بها قتل الحسين فأدمعي مدرار
الجسم منه بكربلاء مضرج والرأس منه على القناة يدار
أرض الجنوب: وهل سمعه الناس.
شمس كربلاء: وصل صوت بشر إلى أنحاء المدينة فلم يبق في المدينة أحدإلا وخرج ليستقبل موكب السبايا وعلا الصراخ والبكاء.
ومن الذين خرجوا عندما سمعوا الضجة أم البنين "أم العباس (ع) فإنها أسرعت إلى بشر تسأله عن الإمام الحسين (ع).
أرض الجنوب: ألم تسأله عن ولدها العباس.
شمس كربلاء: لم يكن العباس ولدها الوحيد في كربلاء، كان لها أربعة شبان قتلوا مع الحسين ولكن لم يكن يهمها إلا أن تعرف إن كان الحسين بخير.
أرض الجنوب: وماذا قال لها بشر.
شمس كربلاء:قال لها: يا أم البنين عظم الله لك الأجر بولدك جعفر.
قالت:لا أسألك عن جعفر، أسألك عن الحسين.
قال: عظم الله لك الأجر بولدك عثمان.
قالت: ما سألتك عن عثمان، سألتك عن الحسين.
قال: عظم الله لك الأجر بولدك عبد الله.
قالت: أسألك عن الحسين.
قال: عظم الله لك الأجر بولدك العباس.
فلما سمعت بذكر العباس وضعت يدها على قلبها ثم قالت: يا بشر لقد قطعت قلبي، أخبرتني عن مقتل أولادي الأربعة، ولكن اعلم أن أولادي الأربعة ومن تحت السماء فداءً لأبي عبد الله الحسين. يا بشر أخبرني عن الحسين، عند ذلك قال لها: عظم الله لك الأجر بالحسين فقد تركناه في كربلاء جثة بلا رأس فصاحت وا ولداه، وا حسيناه، فوقعت على الأرض مغميا عليها.
أرض الجنوب: وما كان موقف أهل المدينة.
شمس كربلاء: تحولت المدينة إلى مجالس عزاء ومآتم عند الحوراء زينب، وعند الإمام زين العابدين، وعند الرباب "زوجة الإمام الحسين (ع) " وكانت الناس تأتي لحضور هذه المآتم وللبكاء على أبي عبد الله.
أرض الجنوب: ومنذ ذلك اليوم ما زالت الناس تبكي على إمامها المظلوم وستظل تبكي حتى يخرج قائم آل محمد (عج) ويأخذ بثأر الحسين.
المفهوم: إن إحياء وحضور مجالس العزاء هي للكبار والصغار، ويحضرها كل الناس ويستفيدوا منها، وهذا ما تعلمناه من أئمتنا عليهم السلام، حيث كانوا هم أول من يقيم المجالس ويدعي عليها كل الناس.
برامج
5197قراءة
2021-07-30 22:56:53