يوم واحد يساوي ألف عام!
لم يبقَ لكَ سوى يومان... تفاجأ کثيرًا لأنَّه أحسَّ أنَّه لم يعِشْ أيّ لحظة.
شَطَبتِ الملائکة کلّ أيامِه إلا يومان...
انهارَ وشعرَ بالحزن والضَّياع...
أسرعَ إلى الملائکة وصارَ يصرخُ غاضبًا علَّه يحصلُ على فرصةٍ جديدةٍ وأيامٍ أکثر... والملائکة صامتة..
رفعَ صوتَه وضجَّت السَّماء والأرضُ منه.. والملائکَة ساکتة..
قالَ ما لا يجبُ قوله... والملائکة ساکتة..
بكَى ووقعَ ساجدًا راجيًا... فقالتِ الملائکة له: ولكنكَ أتلفْتَ يومًا آخر بالصّراخ والضّجيج... ولم يبقَ لكَ سوَى يومٍ واحدٍ... إذهب واستغلّ هذا اليوم على الأقل...
فقالَ وهو يتنهّدُ من البکاء: "ولکن ما الذي يمکنني أن أفعله في يومٍ واحدٍ؟!"
فقالتِ الملائکةُ والبسمة تعلو وجوهها: "من يستطع أن يعيشَ يومًا واحدًا حقًا، فکأنَّه عاشَ ألفَ سنة... والذي لا يعملُ ليومٍ واحدٍ فلن يکفيه ألف عام"...
أسرعَ خارجًا؛ ونصيبه من يومِه ما قبلَ الأخير ينسابُ من يديه..
حملَ ما بقيَ من حياتِه في يديهِ وکانَ يخافُ أن يرکضَ، يخافُ أن يتحركَ فتهربَ هذِهِ اللَّحظات الأخيرة منه. توقَّفَ للحظةٍ وفکَّر قائلاً: "لأستغلّ هذه الحفنة من الحياة، فلن ينفعني ادِّخارها للغدّ؛ فلا غد لي..
عندَها بدأَ بالحرکة. غسَّل وجهه بهذِه الحفنة، شربَ منها، شمَّها حتَّى شعرَ أنَّه يستطيعُ الطيران والوصولَ إلى الشَّمس...لم يبنِ في ذلكَ اليومِ بيوتًا، ولم يجمّع مالاً، ولم يحصل على مقام وموقع، لکنَّه مرَّر يدَه على جذعِ شجَرةٍ، نامَ على العشب، تأمَّل نملةً وهي تسيرُ، نظرَ إلى الغيوم في السَّماء الزَّرقاء، سلَّم على من لا يعرفهم، نظرَ في عيونِهِم، وابتسم لهم. دعَا مِن صميمِ قلبِه لأولئكَ الذين لا يحبّونه... تصالحَ معهم، وشعرَ بحملٍ ثقيلٍ قد انزاحَ عن قلبِه... ضحكَ کثيرًا، سامحَ کثيرًا... و.... عبرَ إلى ذلكَ العالم...
عاشَ يومًا واحدًا فقط!!...
لکن الملائکة کتبت في اللَّوح: "انتقلَ إلى رحمةِ الله، عن عمرٍ يناهزُ الألفَ عام"!
دليلة
1977قراءة
2018-12-14 12:27:18