12 سنة من العطاء

 

جديد المواضيع

تنمية المهارات الشخصية >> العمل في الإسلام

نشرة اخترنا لك - العدد 23
العمل في الإسلام

 

﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ... ﴾1

إنّ صاحبَ الزمان ينهض لله سبحانه وتعالى، وهذا الإخلاص الذي لديه لله تعالى لا يوجد عند الآخرين، وعلى شيعة الإمام أنْ يقتدوا به في أنْ يقوموا لله2

 

 

أولًا- مفهوم العمل في الإسلام:

1- الله مبدأ العمل: 
لقد وجد العالم من فعاليّة الله، ووُجدت أجزاء العالم من الفعاليات لبعض الموجودات. إنّ العملَ مثل جلوَة الله تعالى سرى في جميع الكائنات، الله تبارك وتعالى هو مبدأ العمل3

2- العامل مبدأ الموجودات: 
العمل محيطٌ بكلّ العوالم، ومنذ البداية إنّما وُجد العالَم بالعمل، فالعامل مبدأ جميع الموجودات. إنّ كائنات عالم الطبيعة، أينما نظرتم، ... مثل المعادن والأرض، النباتات والحيوانات، أو التي أرقاها مثل الإنسان، هي جميعُها مظهرٌ للعمل، وجميعها عاملةٌ، والعمال هم الذين أوجدوها4.  

3- كلّ منّا يصنع عالَمه في الآخرة: 
إنّ عالَم ما بعد الطبيعة -الجنّة والنار- أيضاً قد ظهر بالعمل، الجنّة والنار تتحقّقان من عمل الإنسان5.  وقد ورد في القرآن الكريم: ﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾﴿ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ 7 ، فالجنّة والنار من أعمالنا8

4- كلّ العمل عبادةٌ لله سبحانه وتعالى: 
إنّ جميع الأعمال التي دعا إليها الإسلام تعدّ عبادة. فحتّى العمل في المصانع والمزارع والتعليم والتربية في المدارس كلّها إسلاميّة وتعدّ عبادة9. 

5- عملكم أفضل من المستحبّات:  
أيها الأخوة، إنّ عبادتكم الآن هي العمل. العمل عبادة، فكما أنّ زيارة السيدة المعصومة عبادة، فإنّ عملكم عبادةٌ أيضًا. ولعلّه أفضل من أكثر المستحبّات10

6- العمل طريق الهجرة إلى الله: 
كلّ عملٍ يقومُ به الإنْسان المرْتَكِس في هذه الظلمات النفسيّة يكون مُظلما، وفاقدًا للنور والهداية، حتّى إذا كانت أعمال هذا الإنسان أعمالًا عباديّة، لأنّ أعماله العبادية لا تتعدّى كونها أداءً للتكليف، فهو يصلي- مثلًا، لكن صلاته لا تتجاوز كونها أداءٌ لواجبٍ يرفع عنه فقط السؤال؛ سؤال من يسأله: لماذا لا تصلّي؟ فصلاته هذه لا تحمله على الهجرة، إذ ينبغي أن تقودَنا عباداتنا للهجرة إلى الله تعالى11

7- قيمة العمل تنبعُ من الحبّ والعشق: 
دعاء كميلٍ دعاءٌ عجيبٌ جدًّا، إذْ بعض فقراته لا يمكن أنْ تصدر من بشرٍ عاديٍّ، إنّه يقول: «إلهي وسيّدي ومولاي وربّي صبرت على عذابك فكيف أصبر على فراقك»، من يستطيع أنْ يقول مثل هذا؟ مَن له مثل هذا العشق لجمال الله بحيث لا يخشى جهنّم، لكنّه يخشى أنّه حين يدخل جهنّم فإنّه سينزل عن مقامه، ويصل إلى درجةٍ يُحرمُ فيها من عشقه لله؟ إنّه يئِنّ من فراقه لحضرة الحقّ تعالى. هذا العشق الذي تسْتَعِر ناره في قلبه على الدوام. وكلّ الأعمال التي تصدر عنه تصدر من هذا العشق لله. قيمة الأعمال تنبع من هذا العشق والحبّ لله، إنّها تنبع من التفاني والتوحيد الذي في هذا الإنسان ولهذا صارت "ضربةُ عليٍّ يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين"12

 

ثانيًا- كيف يكون العمل قيامًا لله تعالى: 

1- بعدم الإحساس بالإنجاز (بالأنا):
أهمّ ما في الموضوع أنْ نفهم أنّ الحق تعالى مصدرٌ لجميع هذه الأمور، فإيّانا والانخداع بأنّنا قُمنا بالعمل الفلاني، وأنْجزنا العمل الكذائي؛ لأنّه لو حصل ذلك فالهزيمة تحصل على أثره، الهزيمة المعنوية والهزيمة الظاهريّة13

2- بأنْ لا ترى سوى الله: 
تارةً لا يرى المرء سوى الله، ولا يتحرّك إلا لله، ولا يريد إلا ما يريد الله، ولا يسير إلا (سير الله)، فالصراط صراطه- تعالى- وليس صراط نفسه، فلا يبقى أثرٌ لنفسه، إذ إنّه يُفني هذه (النفسانيّة) وتحلّ محلّها تلك القوّة المُطلقة، وهذه هي الحال في مرتبة ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى﴾ 14و هي مرتبةٌ أسمى من هذه15

3- بالإخلاص في العمل:  
لقد كانت لله عنايةٌ خاصّة بكم، إذ هيّأكم لصيانة القرآن الكريم والإسلام العزيز، لقد قرّر النظام الإلهيّ أنْ يتمّ اختياركم لخدمة الإسلام. إنّ كلّ خطوة تخطونها خطوةٌ إلهيّة، هيّأها الله لكم، إعملوا على أساس التدبير والتفكير، ولا تخافوا بعد هذا من أنْ تَقْتُلوا أو تُقْتَلوا، المهمّ أن تكون نواياكم خالصة وهي كذلك بحمد الله16
ما يزيد العمل عظمة، حتّى وإنْ كان صغيرًا من حيث الكمّ، أنْ يكون لله وأنْ يتّسم بالإخلاص17

4- بإنجاز الأعمال المنوطة بنا: 
كلّ واحدٍ فينا يجب أنْ يُنجز العمل المنوط به على أحسنِ وجه، لا أنْ يراقب الآخرين كيف يؤدّوا أعمالهم وأنْ يتدخّل في شؤونهم. أوصيكم ألا تتدخلوا في أعمالِ الآخرين، الأعمال المنوطة بكم أنجزوها وهذا يكفي18.‏ 

5- بالعمل بشكلٍ صحيح: 
لا تهتمّوا بأداء الآخرين، المهمّ أداؤكم أنتم بشكلٍ صحيح. طبعًا لابدّ من تقديم النصح للآخرين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ولكن عندما قام شخص بعمل غير صحيح فهذا لا يسقط الواجب عنكم، فإذا كان العالم كله يرتكب عملًا غير صحيح فأنت كفرد مطالب بالعمل الصحيح19.‏ 

 

ثالثًا: التصدّي للعمل: 

إنْ كنّا نهدف إلى التصدّي لأمورِ الدولة فليكنْ هدفنا العمل لله20.‏ 

1- التصدّي مسؤوليّة أمام الله: 
إنّ بوسعكم أنْ توصِلوا ذلك إلى أسماع العالم، وإنّ مثل هذا العمل عملٌ قيّمٌ تتحمّلون مسؤوليّته. فلا تتصوّروا أنّكم الآن متواجدين هنا ومرتاحين والحمد لله. كلا، إنّكم مسؤولون أمام الله‏ 21.

2- التنازل لمن هوُ أكفأ منّي: 
من الأمور التي ابتُليَ بها الإنْسان هذه الشيْطنة الباطنيّة، حيث تحرص قلّة لأنْ تتصدّى للأمور بنفسها. وإذا كان بوسع الآخرين أداء ذلك بنحوٍ أفضل فإنّها تغضب، لأنّها تريد أنْ تبرهن على وجودها. وكلّ هذا من الشيْطنة الباطنيّة للإنسان. إذ يحاول الإنْسان أنْ يطرح نفسه بظاهرٍ مقدّس قائلًا: إنّي أريد أنْ أنال هذا الثواب. فلو قيل له بأنّك ستنال أكثر من هذا الثواب لو قدّمت المساعدة لهذا الذي بوسعه أن يؤدي العمل أفضل منك، لن يرضى. فالمسألة ليست أنّي أريد الثواب وإنّما أريد الدنيا. فإذا ما ظهر الاختلاف بين الأشخاص فليتمعنوا في ذواتهم ليتحققوا هل المسألة هي حقاً مصلحة الإسلام والمسلمين أم مصلحتهم هم؟ هل وراء ذلك دافع نفسي أم دافع إلهي؟ فإذا كان بوسع شخص آخر أن يؤدي العمل أفضل مني فهل سأفرح أم اغضب لو تصدى لهذا العمل؟ فإذا كان العمل من أجل الله تعالى فيجب أن لا يكون مثار اختلاف. ونحمد الله بأنّه لا يوجد اختلاف إن شاء الله22
كلّ من يستطيع منكم العمل فليبق، ومن لا يستطيع فلينسحبْ، ويحلّ شخص آخر مكانه! لقد قلت هذا للجميع23

 

والله ولي التوفيق

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 
[1]- سورة سبأ، الآية 46.
[2]- صحيفة الإمام، ج‏8، ص14.  
[3]- صحيفة الإمام، ج‏7، ص132.   
[4]- صحيفة الإمام، ج‏7، ص132.
[5]- صحيفة الإمام، ج‏7، ص132.   
[6] - سورة القدرالآية 7.
[7] - سورة القدر، الآية 8.
[8]- صحيفة الإمام، ج‏4، ص 29.
[9]- صحيفة الإمام، ج‏18، ص337.   
[10]- صحيفة الإمام، ج‏12، ص10.
[11]- صحيفة الإمام، ج‏12، ص57.   
[12]- صحيفة الإمام، ج‏19، ص60.   
[13]- صحيفة الإمام، ج‏20، ص385   
[14]- سورة الأنفال، الآية 17.
[15] صحيفة الإمام، ج‏5، ص 114.  
[16] صحيفة الإمام، ج‏15، ص424.   
[17] صحيفة الإمام، ج‏10، ص179.   
[18] صحيفة الإمام، ج‏9، ص22.   
[19] صحيفة الإمام، ج‏18، ص346   
[20]- صحيفة الإمام، ج‏19، ص183.   
[21]- صحيفة الإمام، ج‏4، ص72.
[22]- صحيفة الإمام، ج‏17، ص428. 
[23]- صحيفة الإمام، ج‏7، ص211.   

برامج
749قراءة
2023-11-13 10:30:23

تعليقات الزوار


إعلانات

 

 

12 سنة من العطاء

إستبيان

تواصل معنا