المجلس 9 - أبواب الجنان
مرحلة الكشافة والمرشدات
المدّة: 20 دقيقة
الأغراض
- أحفظ آيةً قرآنيّةً حول الجهاد. (كشّافة: 57، مرشدات: 58)
- أحفظ حديثًا حول الجهاد في سبيل الله. (كشّافة: 58، مرشدات: 59)
المقدّمة:
صلّى الله عليك يا أبا عبد الله، صلّى الله عليك يا ابن رسول الله، -جميعًا- واحسيناه، واحسيناه، واحسيناه، حبيبي حسين، غريب حسين، مظلوم حسين، عطشان حسين، صلّى الله عليك وعلى ولدك علي الأكبر، أشبه الناس خَلقًا وخُلقًا ومنطقًا برسول الله (صلّى الله عليه وآله)، يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزًا عظيمًا.
القصيدة:
بشبْه المصطفى جاؤوا قتيلًا إلى خيم النسا فعلا العويلُ
ونادت زينب الكبرى بصوتٍ ودمعٌ من محاجرها يسيلُ
لليلى أسرعي هذا عليٌّ شبيه المصطفى الهادي قتيلُ
فجاءتْ تسحب الأذيال حزنًا وحول فقيدها أخذتْ تجولُ
ووالده الحسين هوى عليه وقد أدمتْ محاسنه النصولُ
(السهام أدمت علي الأكبر لأنّهم لم يجرؤوا على التقدّم منه فرموه بالسهام)
يناديه وليس به حراكٌ بنيَّ اليوم فارقنا الرسولُ
على الدنيا العفا يا نور عيني وبعدك غير هذا لا أقولُ
النعي :
كأنّي بامرأةٍ وقفت على صعيد كربلا، وكأنّها ليلى، تخاطب الأكبر وتئنّ من حزنها:
يا شبه المصطفى الهادي الأمين خذوك مني وروحي إلك لهفانه
آيزهرة دنيتي اوشَم الهوه عشت وياك العمر فرحانه
يا طبيب جروح قلبي والدوا اجفون عيني امن السهر ذبلانه
هَمْ عليّه يا عليّ ترجع بعد ودمع عيني ينقطع جريانه
عظّمَ اللهُ أجورَنا بمُصابِنا بعليٍّ الأكبر (عليه السلام)، وجعَلَنا وإيَّاكُمْ من الطالبينَ بثارِهِ معَ الإمامِ المهديِّ من آلِ محمَّدٍ صلواتُ اللهِ عليهِ وعليهِمْ، لتعجيل الفرج صلّوا على محمّد وآل محمّد.
المصيبة:
عليّ الأكبر المجاهد، شارك بكافّة أشكال الجهاد، فكان ضمن ركب الإمام الحسين (عليه السلام)، يساهم في كلّ شيء، ففي اليوم السابع كان من المجموعة التي قادها أبو الفضل العباس (عليه السلام) والتي شاغلت جيش العدو حتّى يتمكّن الأصحاب من ملء القرب بالماء، وساهم في حفر الخندق حول مخيم النساء والأطفال وأضرموا فيه النار حتّى لا يلتفّ عليهم جيش العدو من الخلف.
وفي اليوم العاشر أراد أن يكون أوّل شهيد، لقد وقف إلى جانب ثلّة الهاشميِّين تحت لواء عمّه العباس بن علي (عليهما السلام)، ليطالب بأن يكونوا هم -بنو هاشم- أوّل من يبرز للميدان، لكن أبا عبد الله (عليه السلام) أذن للأصحاب أن يبدؤوا الجهاد بطلبٍ منهم، فظلّ عليّ الأكبر في انتظار دوره، ظلّ الأكبر يرمق ببصره البعيد أطراف الميدان، فقد كان قويَ العزيمة، شديدَ البأس، ثابت القلب، فقد شهد مصارعَ الأنصار، مشتاقًا لما آلوا إليه.
لقد أدّى الأنصار أدوارهم على أحسن ما يرام، فمضوا إلى حيث نعم الله تعالى ورضوان ربهم، وإلى جنان وعدهم بها، إنّه لا يخلف الميعاد.
فلم يدع عليًّا الأكبر أحدًا يسبقه بعد إذ انفرد الإمام وأهل بيته (عليهم السلام)، فكانوا البقيّة الباقية من الشجرة المحمّديّة، والوحيدين على وجه الأرض من آل الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله)، فراح بعضهم يودّع بعضًا، ومال أحدهم على الآخر، يعانقه بحرارةٍ وشوق.
ظهر عليّ الأكبر بأنّه شديد الحرص على السبق للساحة، فاتّجه نحو أبيه الإمام (عليه السلام)، وقف أمامه، وظلّ صامتًا مطرقًا برأسه، نظر إليه والده الحسين (عليه السلام) أدرك ما يريد، فكلّ ما ظهر عليه من لامة حربه وإسراجه لفرسه، يدلّ على لهفته للجهاد. وراح الحسين (عليه السلام) ينظر إليه بنظراتٍ ملؤها الرفق والحنان، أخذ يطيل النظر إليه، فاتّخذت عواطف الأبوة الطاهرة مستقرّها بين جوانح الأب العظيم.
وفهم عليّ الأكبر، وأدرك من تلك الإجراءات الأبويّة أنّه لا مانع من خوض غمار الحرب الرساليّة فورًا، فمال إلى جواده الذي أعدّه وأسرجه، فامتطى صهوته واتّجه نحو الأعداء، وراحت عيون الهاشميِّين ترمقه بحبٍّ عظيمٍ وإشفاقٍ كبير، فكيف بأبيه الحسين (عليه السلام) الذي أخذت عيناه ترافقه، واستمرّ يلاحقه بنظراته. ثمّ حوّل طرفه ليرمق السماء، وليناجي ربّه، رافعًا سبابته نحو السماء، وقال: "اللهمّ اشهد على هؤلاء القوم، فقد برز إليهم غلامٌ أشبه الناس خَلقًا وخُلقًا ومنطقًا برسولك، كنّا إذا اشتقنا إلى نبيّك نظرنا إلى وجهه، اللهم امنعهم بركات الأرض، وفرّقهم تفريقًا، ومزّقهم تمزيقًا، واجعلهم طرائق قددًا، ولا ترضِ الولاة عنهم أبدًا، فإنّهم دعونا لينصرونا، ثمّ عَدَوا علينا يقاتلوننا" .
في تلك الأثناء كان عليٌّ الأكبر (سلام الله عليه) يبتعد رويدًا رويدًا، متّجهًا نحو جيش الأعداء مناديًا بأعلى صوته، أراد توضيحَ شخصيّته وما يريده، ينشدهم أنشودته الخالدة:
أنا عليُّ بنُ الحسين بنِ علي نحنُ وربِّ البيت أولى بالنبي
تالله لا يحكمُ فينا ابنُ الدعي أضربُ بالسيف أحامي عن أبي
ضربَ غُلامٍ هاشميٍّ علويّ
ففرّ الجنود من أمامه وفرّقهم تفريقًا، لمّا رأى عمرُ بن سعد شجاعة علي الأكبر وبسالته، ورأى جنوده يفرّون من بين يديه، دعا بفارسٍ شجاعٍ اسمه "طارق بن كثير"، وكان محاربًا مجرّبًا، فخرج إلى مبارزة عليّ الأكبر (عليه السلام) فاقتتلا، تراجع الجند إلى الخلف، فحمل عليّ الأكبر عليه حملةً واحدة، وضربه ضربةً منكرةً، فوقع "طارق" صريعًا يخور بدمه، أخ "طارق" كان يراقب المشهد، فلمّا رأى ما حلّ بأخيه، سارع باتجاه عليٍّ الأكبر ليأخذ بالثأر، فعاجله الأكبر بضربةٍ فوقع صريعًا، وطلب الأكبر المبارزة فلم يبرز إليه أحد ، فلم يزل يقاتل حتّى ضجّ العسكر لكثرة مَن قُتل منهم.
فخرج إليه أحد فرسان بني أميّة المدعو "بكر بن غانم" وكان محاربًا مقدامًا، خرج وهو يتحدّى عليّ الأكبر أنّه سيجعل أباه يبكي عليه اليوم، فتلقّاه الأكبر، فبارزه حتّى صرعه وأرداه. رجع عليّ الأكبر إلى معسكر الإمام (عليه السلام) وكان يشعر بالجهد الشديد، وقد أصابته جراحاتٌ كثيرة، فوصل المخيّم الحسينيّ، وهو يردّد:
صيدُ الملوكِ أرانبٌ وثعالبُ وإذا برزتُ فصيديَ الأبطالُ
ثمّ توجّه إلى أبيه يطلب شربةً من الماء: يا أبه، العطش قد قتلني، وثقل الحديد أجهدني، فهل إلى شربة ماء من سبيل، أتقوّى بها على الأعداء؟
يبويه شربة اميه الكبدي اتقوى ورد للميدان وحدي
يبويه انفطر قلبي وحقّ جدّي العطش والشمس والميدان والحرّ
فبكى الحسينُ (عليه السلام) وقال: "يا بُني، قاتل قليلاً، فما أسرع ما تلقى جدك محمّدًا (صلّى الله عليه وآله) فيسقيك بكأسه الأوفى شَرْبةً لا تظمأُ بعدَها أبدًا".
فرجع عليّ الأكبر إلى الميدان، وبينما كان يشقّ طريقه مقاتلاً بقواه الباقية، ورغم الجراحات الكثيرة والعطش والتعب لم يستطع أحدٌ منهم أن يواجهه، فجاءه من الخلف اللعين "منقذ بن مرّة العبديّ" وضربه على رأسه ضربةً صرعه فيها، وضربه الناس بأسيافهم، فاعتنق الفرس فحمله إلى عسكر عدوّه، فقطّعوه بأسيافهم، فنادى بأعلى صوته: "يا أبتاه! هذا جدّي رسولُ الله قد سقاني بكأسه الأوفَى شَرْبةً لا أظمأُ بعدَها أبدًا، وهوَ يقولُ لك: العَجَلَ! فإنَّ لكَ كأساً مَذْخورَة".
فأجابه الحسينُ (علي السلام): "قتَلَ اللهُ قومًا قتلُوكَ يا بُنَيّ! ما أجرأَهُم على الله، وعلى انتهاك حُرمة رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، على الدنيا بعدَكَ العفا" .
ثم إنّه وضع ولده في حجره، وجعل يمسح الدم عن ثناياه، وجعل يلثمه، ويقول (عليه السلام): "أمّا أنت فقد استرحت من همّ الدنيا وغمّها وشدائدها، وصرت إلى روحٍ وريحان، وبقيَ أبوك، وما أسرع اللحوق بك" ، "لعن الله قومًا قتلوك يا ولدي، ما أشدّ جرأتهم على الله، وعلى انتهاك حرم رسول الله (صلّى الله عليه وآله)" .
نهض الشباب الهاشميّ وقد حملوا الشهيد العظيم، فقام الحسين (عليه السلام) وهو مختنقٌ بعبرته، يحبس حسراته وآهاته في صدره مناجيًا ولده: "يا ثمرة فؤاداه، يا قرّة عيناه" ، قام وهو يكفكف بقايا دموعه محتسبًا صابرًا.
تؤدّى الأبيات بطور الأبوذية:
قلي بيا سبب يبني وداعي تصد عني أولا تسمع وداعي
أنا ما طالب بحقّي وداعي قلي وداعة الله وهاي هيه
أفـديه مـن شـبلٍ لأحمد قد حوى سـمةَ الـنبيِّ لـهُ وسـطوةَ حيدرِ
إنّا لله وإنّا إليه راجعون، وسيعلم الذين ظلموا آل محمّد أيّ منقلب ينقلبون والعاقبة للمتّقين.
الدعاء:
اللهم إنّا نسألك بالحسين الشهيد (يا الله)،
وبولده عليّ الأكبر شبيه رسول الله (يا الله)،
أن تصليّ على محمّد وآل محمّد (يا الله)،
وتعجّل فرج محمّد وآل محمّد (يا الله)،
اللهم وفقّنا لطاعتك وجنّبنا معصيتك (يا الله)،
اللهم ارزقنا شفاعة نبيّك وأهل بيته (صلّى الله عليه وآله) (يا الله)،
اللهم إحفظ إمامنا الخامنئي (دام ظلّه) (يا الله)،
اللهم ارحم شهداءنا (يا الله)،
اللهم انصر مجاهدي المقاومة الإسلاميّة، وثبّت أقدامهم، وسدّد رميتهم (يا الله)،
إلى روح الإمام الخميني (قدّس سرّه)، أرواح السيّد عباس، الشيخ راغب، الحاج عماد، الشهداء، المؤمنين والمؤمنات، نهدي الجميع ثواب المباركة الفاتحة مسبوقةً بالصلاة على محمّد وآل محمد.
فيديو المجلس:
لتحميل الملف بصيغة mp3: اضغط هنا
برامج
1484قراءة
2021-07-28 21:25:20